19 ديسمبر، 2024 2:18 ص

سيرة مرشح قائمة ( نهابون)

سيرة مرشح قائمة ( نهابون)

براغماتي بلا حدود ، يقدم مصالحه على المبادىء ، رجل كل العصور ، ظاهرة صوتية ، صورة بلا ملاح، نهاز فرص ،  قاموسه لايحتوي على خطوط حمراء ، تحولاته مرنة ، يلحس ببراعة كل تعهداته وماتدفق على لسانه أيام الإنتخابات من مبادىء ووطنيات ،  براعة في تقمص الأدوار ، هو عدة أشخاص في إهاب انسان واحد، مُنتج طبيعي لتراكمات مجتمعية متناقضة ،هذا هو موجز سيرة مرشح قائمة ( نهابون).
يعتنق أفكارا عملية ،لاتنتابه المثاليات ، إذ لايقرأ الكتب ، ولايقارب الأفكار، ولايتابع تطور تجارب الشعوب الناجحة من ألمانيا إلى سنغافورة، تخلو حياته من القدوات العظيمة ، لايتمحور إلا على ذاته المتورمة ، بين جنبيه طاغية صغير ، جسور على من هو أدنى منه منزلة ، رعديد في الملمات.
شبق بالكرسي ، عاشق للمنصب إلى حد الوله  ، ومع هذا يدعي الزهد أمام جلسائه ، ويكرر بلا ملل على سامعيه أسطورته الخالدة أنه لولا الحاح أبناء حيه  وأفراد عشيرته لما أقتحم المعترك الإنتخابي ، ويلقي دائما باللوم على قدره السياسي الذي زج به بلا إختيار في خدمة أبناء مجتمعه عبر ترشحه الدائم في القوائم الإنتخابية المختلفة.
يمتلك قدرة فائقة على التسويق ، اعتاد منذ أيام صباه على تضليل الزبائن منذ كان بائعا صغيرا، يدعي أن بضاعته في غاية الجودة ومن مناشىء عالمية  ، وكل ماعداها تقليد لايستحق أن يدفع بها أي مبلغ مهما كان ضئيلا ، كل هذه  الخبرات أهلته لفتح دكان انتخابي في المواسم المعروفة ، وتكونت لديه  خميرة ثمينة استند إليها في عقد الصفقات ومتابعة المناقصات في المناصب التي تبوأها قبل ترشحه للإنتخابات.
يحسن إدارة الوقت ، لايؤمن بالإستراتيجيات ، ابن بار للحظة التي يعيشها ، كم سيحلب من فوائد ومنافع ، لايفكر فيما عداها، مادي بإمتياز ، شحيح بلا حدود ، لايؤمن بغير ذاته .
يمتلك حاسة دقيقة  يقرأ بها اتجاهات رياح القوة ، ويميل معها حيث مالت، عشائري بلا منازع يدافع عن العشيرة أمام الشيوخ بصلابة ، وإذا خلا له الجو لمزهم وطعنهم بكل نقيصة ، سياسي محنك ، حياته السياسية مفعمة بالتحولات التي تقتضيها المرحلية ومناخات التكتيك ، وطني إلى حد التطرف ، ووحدوي إلى النخاع ، وعروبي متعصب أمام الجمهور وفي اللقاءات التلفزيونية .
سيماء التدين جزء من لوازم مكياجه ، ولدواع انتخابية يحرص على حضور الجمعة والمناسبات الدينية ، يتأبط عدة عمل يُخفي بها وجهه السميك ولسانه الثقيل وقلبه الغليظ فيرتدي الثوب المناسب والمسبحة البراقة وغيرها.
وفيٌ لخلانه ورفاق دربه ، يضفي على حلفائه وشركائه أيام السبات السياسي صفات الملائكة حتى إذا تضاربت المصالح واشتد التنافس وحمي وطيس الماراثون الإنتخابي اتهمهم بعظائم الأمور.
يُسهم في دعم العمل التطوعي أيام المواسم الإنتخابية ، ولايعرف الناس إلا في هذه الأوقات، يرفع صوره الجامدة التي تخلو من سمات المشترك الإنساني عند الطرق والتقاطعات الرئيسة لعل أحدا لايزال مخدوعا به فيقع في شراكه من جديد.
مقاول سياسي ورجل أعمال يجيد فنون التسلق والتشبيك مع القوائم الإنتخابية المختلفة ، تجده في كل موسم مع قائمة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ، لاموانع لديه ولامبادىء تلجم نزواته  ، برنامجه الإنتخابي مقتصر على لقاءات دورية مع الوجوه العشائرية ، فهو نهاب وهاب ، ينفق بلا حدود ، يأمل أن يسترد مادفعه في قابل الأيام حين يجلس على المقعد الوثير.
 خبير في ركوب الأمواج  ، شعاره الإنتخابي مفصل على مقاس الجمهور ،  يعتنق الشعار الذي يجيّش له جمهورا ويدر له أصواتا ، فهو مع الأقليم أوضده حسب الظرف والمرحلة أو مع المذهب أوالطائفة أو علماني أو غير ذلك من الشعارات التي تهواها الجماهير الحائرة، بل هو لاينتمي إلا لذاته ، شعاراته تحددها بورصة البازار السياسي .
 قائمته الإنتخابية لاتفتح مقراتها إلا أيام الإنتخابات ، لارؤية سياسية لديها ، ولاتنظيم يجمع أفرادها المتناثرون ، ولافكر سياسي يوحدهم ، قائمة تليفزيونية تجعجع بمشروعها الوطني وتندد بخصومها الشرسون ، رموزها خالدون ، أفرادها لايتغيرون ، يضفي عليهم المتحدث الرسمي بإسمها صفات الملائكة فهم بين شجاع وقوي أمين وأخ أكبر ومناضل قديم.
 ترشح للإنتخابات السابقة وحقق فوزا ساحقا، أهله لتبوء أعلى المناصب، ميزانيات ضخمة مرت بين يديه ، تجذر الخراب بعدها وعم الإحباط وفقد الجمهور ثقته بالصندوق الإنتخابي ، تغير الجمهور وأرتفعت مناسيب وعيه ، ولازال المرشح القديم  مصرا على أساليبه القديمة ،   يرفع صورا بمختلف الأحجام ، مكتوب عليها عبارات باردة في لحظة عراقية بالغة الخطورة.
إضاءة : في عصرنا لا يوجد شيء اسمه بعيدا عن السياسة ، كل القضايا هي سياسية ( جورج أوريل كاتب روايات بريطاني 1903 – 1950).

أحدث المقالات

أحدث المقالات