بدءها من جراديغ سوق الشيوخ إلى نواعيرها ومواقدها، وفوانيسها التي لاتكاد أن تضيء له غرفته المتواضعه، شاباً يافعا رفض الواقع، ورفع شعار الحرية للكادحين من دون التفكير بمستقبله، أنها رحلة مليئة بالكفاح والنضال ومقارعة السلاطين.
نعم بدءها طالبا متوسط الذكاء وانتهى به طالباً متفوقا في دراسة الطب في جامعة إسطنبول ومن ثم يعود إلى العراق ليقدم خدماته إلى الكادحين ورفاق الدرب كما يحب أن يسميهم دائما.
في عام الوثبة في 1948 أعتقل مع مجموعة من الشباب في مدينة سوق الشيوخ ليرحل إلى بغداد في ظل ظروف قاسية جدا، ليس بإمكان تحملها، رحلة طويلة اجتازها بين الزنازين وسياط السجانين، من سجن بغداد المركزي إلى سجن الكوت، وأخيراً استقر به المقام في (نكرة السلمان) وكاد يذهب ضحية عدوان مدبر من قبل مدير السجن آنذاك، لكن الله مَن عليه ونجا من الموت لكنه اصيب بجروح خطيرة كادت تؤدي بحياته.
حياة مليئة بالكفاح والدفاع عن المظلومين في بلد استباحته قوى الشر والعدوان والتآمر في ازمانه وأوقاته كلها، في الجانب الآخر يوجد مكافحين وصامدين يرفعون شعار بناء البلد، وكان الدكتور الفرج من بين تلك القامات التي عاشت على( مواكِد) الناصرية وسوق شيوخها ولم يسلم جسده من سياط الجلادين.
كانت لي ايام جميله في حياته المفعمه بالحب والحياة، تمتد لا اكثر من عقد من الزمن عرفته فيها رجلا شهما شجاعا، محبا للناس حاملا همومهم، وحين زرته قبل ايام اهداني سيرته الذاتية جامعاً اياها في كتاب اسماه صفحات من سيرة ذاتية ليدون فيه تاريخ مدينة سوق الشيوخ ونظالها وتطرق لذكر اغلب شخوصها الذين قارعوا الظلم والإضطهاد.
انه الدكتور المدافع عن الكادحين عبد الحميد الفرج، وسيبقى كذلك قلبه ينض بالحياة.