تتخذ المرأة المعاصرة من بطلة كربلاء.. زينب الحوراء.. عليها السلام، قدوة في حياتها المعاصرة، فيما يهتدي الشاب ببطولة ابي عبدالله الحسين، وهو يستشهد فدى المبادئ والقيم المثلى.. الخالدة أبد الدهر.
سنوياً.. نستذكر واقعة الطف كي نقتدي عِبرة، نافذة للمعنى من خلال العَبرة الساكبة، التي تعيدنا الى استحضار معطيات العام 61 هـ ونحن نكابد مآسي 1439 هـ معاناة مع إسلام إلتوت حقائق دستوره المبين.. كلام الله القرآن الكريم، على أيد تطرفت بغضا للاسلام ذاته.
وقوفا عند تعاقب الازمنة وتوالي الظروف وتلاحق الاحداث، يجلدنا السلفيون بسوء تطبيق تعاليم الاسلام السمحة؛ وهي ذات الالتواءات التي تصدى لها الامام الحسين، في واقعة الطف، متصديا بقلة العدة والعدد.. ايمانا، للكفر ذي الغلبة؛ فاندحر الاقوى سيفا باستشهاد الاضعف، وإنها لحكمة مركبة نحتاج قرونا من التأمل كي ندرك عمق ابعادها الكونية، التي تمتد من غيب الارادة الإلهية الى حاضر وجودنا المادي.
لذا فالمرأة المسلمة.. الحقة، تتخذ من زينب عليها السلام، حفيدة الرسول.. صلّى الله عليه وآله وسلم، قدوةً لها و تفخر بقوة صبرها وشدة عزمها في الوقوف الى جانب اخيها وهو يقاتل بالسيف، فتقاتل الى جانبه بحفظ نساء الخيام متماسكات ينظر الى ثباتها فيثبتن، وهذا ما اتمنى ان تنظر اليه المرأة المعاصرة؛ وتلتزمه منهجا في حياتها الملغومة بمغريات تحثها على العزوف عن سبيل التقوى.
لو تفكرنا بمجيء زينب اسيرة من كربلاء الى دمشق.. فاقدة اخوتها وابناءهم وصحبهم شهداء.. تعنى بعائلة من اطفال ونساء ورجل وحيد عليل، تعاني جوعا وعطشا و… كل ما يترتب على السبي بيد العدو القاتل لذويها، فتدخل ديوان يزيد بن معاوية، لتلقي خطبة كادت تقلب عرش الدولة الاموية: “بنا هداكم الله”.
فلتهتدِ المرأة المعاصرة.. خلفاً لسلفها زينب بنت علي وفاطمة.. عليهم السلام أجمعين، وان تعجب بذكائها وعبقريتها وتقتدي حفظها القرآن الكريم في صباها، وتطبيقها القيم الكامنة في أحاديث جدّها محمد.. صلّى الله عليه وآله.
وهذا ما يتطلبه بناء شخصية الرجل المعاصر ايضا.. فالحسين قدوة بالايمان الشجاع، الذي لا يوارب خلف التقية واجتناب التهلكة، محرفا القول عن مواضعه جبنا؛ فليس في كل الاحوال تصدق الاية الكريمة: “ولا تلقوا بانفسكم الى التهلكة” فثمة هلاك تأملي وحياة هوجاء، يتناقضان مع النص القرآني حمال الاوجه، من حيث أحكام الدين وقواعد التربية واُصول الأخلاق.
ولكي يتحلى الرجل المسلم وسواه من المؤمنين بالحق من اية ديانة موحدة، عليه ان ينهل من فيض صفاء المزايا والصفات الحسينية، فهما وإدراكاً، في هذه المرحلة التي باتت خلالها مجتمعات العالم قاطبة بأمس الحاجة لإعادة قراءة التاريخ المقدس؛ نواجه به “داعش” الارهابي وهو يكفر مرونة الواقع ويحطم انساق بنائه الامثل، في دولة تتشظى بين شمال يريد الانفصال، بالغا عتبة الصدام العسكري، مع مركز ينوء بوهن الفساد المكفول من احزاب نافذة في السلطة، مثل مخالب وحش او آفة في مزرعة.
بقدر العزاء الذي أحمله عن المأساة، ثمة حكمة كبرى علينا الا نكتفي بعشرة ايام من التامل فيها، انما نستنفد العمر سيرا على سراط الحسين.