عم الوجوم جميع ابناء الفوج ، ولا أحد يدري كيف تجرأ هذا المقاتل ليقول لآمر فوجه … الرجل المحبوب من قبل الجميع والمعروف بصدق خطوته والممتلأ صدقا واحساسا والمندفع باتجاه المواجهة باستماتة الفدائي دائما ، هذا الرجل الذي تجده امامك اينما تقاتل ، فكيف تجرأ هذا المقاتل ليقول له :ـ سيدي عذرا .. انت تكذب ، والذي زاد الموضوع غرابة هو ان آمر الفوج عانق جنديه بحرارة وراح يمسح عن عينيه الدمع وهو يقول :ـ لابد من ذلك !!!! ربما استطيع الآن ان اصفه بعدما تعرفت عليه ن كثب ، كان يستطيع بمفرده ان يحول تلك الدهشة الى ابتسامة حياة ، ويعطي كل خطوة من خطوات الحرب فلسفة ناضجة ، عليك ان لا تندفع للقتال بكل ما تملك من غضب بل عليك ان تقاتل بحذر ، هذه الكلمة استوقفت الكثير من المقاتلين بعدما عرفوا من هو آمرهم .. رجل يوصي مقاتليه بالحيطة والحذر ويندفع هو بكل ما يملك من حرقة باتجاه الموت دون ان يبالي بشيء او ان يضع لوصاياه وزنا في المواجهة .. قلت له :ـ اريد ان افهم مامعنى :ـ لابد من ذلك ؟!!! ابتسم لي وقال انا كنت انظر باتجاه الفصول التي اينعت في ذاكرة العالم زهو نضارتها ، كيف لي ان ارى غيري يقاتل في الجبهات وانا خاتل في بغداد ؟ ، هذا الاحساس غير معالم بغداد في عيني فلم اعد أراها سوى غول يفترس انسانيتي الخاتلة في اداريات منصب مميت ، لابد لي من زوابع المواجهة لأرفع راية النصرة هناك ، انا ابن البصرة يا أخي ابن يزيد أبن ثبيط العبدي ، انا حفيد من رأى ان نصرة اهل البصرة ستتاخر عن الحسين عليه السلام ولم تستطع ان تدرك كربلاء خرج ليلحق الركب شهيدا ، راح يجوب الصحراء ليبحث عن الشهادة وليترك رثة الموت لغيره ، ها انا تركت البصرة لأرفع راية الفوج الثاني لواء 18 من الفرقة الخامسة آمرا ، واشتركنا في تحرير الساحل الأيسر ومن ثم معارك الجانب الأيمن ، قلت مع نفسي لأعود للمشهد الاول .. عساني أجد مبررا لهذا المقاتل واعرف معنى الكذبة التي استقبلها المقدم حيدر جاسم محمد البزوني بالابتسامه والرضا ، اطوف ارجاء الحكاية في زحمة الشهود يقول مقاتل من ابناء الفوج ، كان شديد الاهتمام بوجبات الاجازات ويقول لابد للمقاتل من راحة نفسية تؤهله للمواجهة ولاتشعره بالتعب فشوفة الاهل تعيد الحيوية في الرجل المقاتل ، وكان يجن جنونه لو تاخر استحقاق أي مقاتل يوما واحدا ، لكنه هو كان يمتنع عن الاجازة ، يشعر ان راحته الحقيقية بتحرير كامل الموصل ، وسعادته الحقيقية ان يرى عودة البيوت النازحة الى أهلها ، أكيد هذا التوهج هو ابن وعي ثقافي فهو خريج الادارة والاقتصاد واب لخمسة اولاد وبنات ويعرف معنى الحنو ويقظة المشاعر ويدرك انها ايضا لاتعني شيئا امام يقظة الضمير ، قلت لأعود للمشهد الاول ثانية وابحث عن هذا المقاتل الذي القم الحكاية بارود جذوتها ، :ـ يوصي مقاتليه بعدم الاندفاع والتحرك دون اسناد خشية على ان نقتل بيسر لكنه يكذب كل ما يقوله من وصايا وتعليمات حين يندفع دون ان يتقيد هو بنصيحة واحدة من نصائحه ، يعني انه يخاف علينا اكثر مما يخاف على نفسه ، كان يتقدم دون خوف ، كان يكذب علينا حين يعدنا بانه سيلتزم بكل ما يوصيه لنا ، لكنه لايستطيع ان يفي بوعد يبعده عن ميادين القتال ، لايستطيع ان يفي بوعد يبقيه قسرا في مقر العمليات يخطط وغيره ينفذ ، حصل تعرض على قوات الاتحادية في حي باب الطوب فجأة رايناه مع قوة الاسناد يخلي الجرحى ويعالج نيران العدو ، واذا بي اصرخ سيدي وانا اراه قد اصيب في صدره وهو يقول مبتسما قم لي ياجدي ابن ثبيط وزفني بيديك الى ركب الشهادة بين يدي مولاي الحسين عليه السلام .