يبدو أنك قاريء عنيد وأنت الآن تبدأ بالقراءة كما إنك تريد أن تعرف مالذي أكتبه رغم أني نصحتك منذ البدء أن لا تقرأ لأن ما ستقرأه لن ينفعك ولن يشبع رغبتك في قراءة ليست ذا فائدة ، فهل لا زلت مصمما ً بعد أن أوضحت لك أن لا نفع في ما أكتب …
عجبا ً … ألا عدلت عن قرارك وأنت تعرف جيدا ً أن لا فائدة من الإستمرار مع سطور ٍ لا تسمن ولا تغني من جوع ، ومع هذا فأنا أرجو منك أن تتوقف الآن وتختار أي موضوع ولأي كاتب ٍآخر ربما يأتيك بمتعة ٍ ومنفعة …
هلا ساءلت نفسك ماذا عساي أن أكتبه لأطلب منك بإلحاح ٍ أن لا تقرأه … وهل يمكن لكاتب أن يكتب ويرجو قارئه أن لا يقرأ … وأؤكد لك إنك ستندم لأنك لم تحصل على ما يدغدغ خواطرك في متعة ٍ ما وستضيع منك دقائق كان لها أن لا تضيع …
ورغم ذلك فلا تأسف لضياعها لأن ما ضاع منا لا يمكن أن يعوض … لقد ضاع كل شيء منا يا صديقي …. لقد ضاع العراق … لقد ضاع العراق …
هل تريد أن تستمر في القراءة وتعرف أكثر من ذلك في سطور تقطر دما ً … فهل أنت تهوى الدماء ؟؟؟ ألا ترى أن تربة العراق باتت قاحلة إلا من دماء ٍ وأشباح تبحث عن الحقيقة وما السر في أن يُقتل وطن ٌ بسكاكين أبنائه … أشباح لا تنام ولكنها تحلم في يقظتها بالعدالة في وطن أول من عرفها ومنذ الأزل .. تبحث عن ثرواته التي تمنّي النفس أن تتمتع يشيءٍ يسير منها كما هي شعوب الأرض لا أن يتمتع بها المتسكعون واللصوص وأدعياء السياسة والمتبجحون بالوطنية والنضال والجهاد … تبحث عن بادرة بناء وتطوير بأياد ٍ كفوءة مخلصة … تبحث عن قادة بمستوى المسؤولية يأخذون بيد أبناء بلدهم إلى حيث يشعرون بوجودهم وبإنسياتهم الحقة ….
ألا من أحد ٍ يحب العراق ؟؟ … ألا من أحد ٍ يضم العراق إلى قلبه بحب ٍ كما لا يمكن أن يكون الحب ؟؟ ولكن …. من الحب ما قتل ..
ذبحناه ُبكل الغل ومع سبق الإصرار ونأينا بأنفسنا عنه وتركناه وهو ينزف ويبكي أبناءه ويرثي لهم لأنهم تخلوا عن كل قيم الإنسان وفروسية النبلاء … ذبحناه ورفعنا خناجرنا زهوا ًحتى من لا يجرأ فينا على ذبح طير السنونو…
ماذا جرى حتى تسود لغة القتل ؟؟؟ ماذا جرى حتى ننسى إننا إخوة في وطن واحد علينا حمايته لنحمي أنفسنا فيه ومن ثم بناؤه كما تفعل الشعوب الأخرى … لآ يمكن أن نختلف على مذهب ورأي وإنتماء فتلك مثلبة في حياة أي شعب يؤمن بالإخاء والألفة ..
لماذا لا يسود الحب فينا بدلا ً عن الكراهية والحقد في زمن ٍ وحدة الشعب فيه هي المنجى بكل تأكيد فلا يتحقق الأمن إلا بوحدة الكلمة ، ولا يتحقق البناء إلا بالإخلاص وروح المواطنة … وهل تعلم ياسيدي القاريء الكريم أن فرقتنا هي من سلطت على رقابنا من لا يدرك ما المواطنة …. والله إنهم لا يحبون الحب فقد أحبوا فقط أن يعتاشوا على تفتيت مجتمعنا الذي ما مر عليه مثل هذا الوبال أبدا ً كي يسودوا وهاهم قد سادوا وتسيّدوا علينا نحن الذين لانعرف كيف نأخذ حقوقنا منهم بكل جبن وتردد لا يليق ، وإلا هل أنت تتابع ما تنقله وسائل الإعلام وخاصة فضائيات الدول المتحضرة عما وصلته بلدانها وكيف تحيا شعوبها وكيف تدار أمورها من قادة لا يسعون إلا للخدمة والبناء وتطبيق القانون وسيادة العدل والأمن والأمان والخشية من شعوبهم ومعضلتنا ولغبائنا فإننا ندعوهم شعوبا ً وحكومات كافرة … عجبي .
منذ 2003 ونحن لم نجد مخلصا ً لشعبه ولبلده في كل جانب من جوانب الحياة الكسيحة التي نعيش … ماذا تم مما يمكن أن نسميه إنجازا ًطوال السنوات العجاف الماضية … قيادات ومؤسسات تهتم بالقشور وليس غير ذلك وتعمل من أجل مصالحها فقط … فقدنا كل شيء …. الكفاءات المخلصة في مختلف الإختصاصات ، والعسكريين الوطنيين بقدرتهم وتمرسهم وخبرتهم .. فقدنا مبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب … فقدنا تأريخا ً طالما تغنينا به عبثا ً ولم نستفد منه أي شيء ، وكان أسمى ما فقدناه هو الدماء …. أرواح أزهقت بسبب التخلف
الذي ساد مجتمعنا ووباء الحقد غير المبرر وبسبب النعرات الطائفية المقيتة ومن عمل على إذكائها من سياسيين تسلقوا على أكتاف من نالهم الضرر منها ….
ثم أين ثروات بلد كان له أن يكون في أعلى درجات الرقي ، لقد أودعناها بأياد ٍ لا تعرف يمينها من شمالها … سادت ممارسات متخلفة تجدها في كل مكان … في السياسة الداخلية والخارجية وفي إدارة الدولة والحكومة ولم يظهر العراق كما العراق لأن من قالوا نحن ونحن ما هم إلا شخصيات هزيلة لا تمت لواقع وفنون السياسة بشيء ولا يملكون إلا رغبة الثراء غير المشروع على حساب شعب ٍخدر ..
رواتب بلا ضمير كما قالها السيد فلاح المشعل في إحدى كتاباته … فصلت المناصب والدرجات الوظيفية على مقاساتهم وبدون حياء وأوجدوا هذا الفارق الرهيب بين موارد المواطنين والموظفين ومواردهم التي لا تصدق …. كارثة الرئاسات الثلاث والدرجات الخاصة فيها ، والأدهى والأمر هم نواب ثلاثة بلاعمل لرئيس الجمهورية مع حماياتهم وإمتيازاتهم غير الأخلاقية ,,, نواب ثلاثة لرئيس الوزراء ولا علم لي هل أن لرئيس الهند أو الصين هذه الأعداد التي سنت مزاجيا ً وبقرارات حمقاء .
رواتب وإمتيازات وتقاعد نواب الشعب غير المألوفة في كل العالم والهبات المنظورة وغير المنظورة ، والمنح الخاصة بالتجميل والبواسير وقشرة الرأس الأقرع و… و…
المحاصصة القذرة … السياسية منها والحزبية ، تلك التي دمرت حاضر ومستقبل العراق والتي هرول وراءها كل المنتفعين والنفوس الموبوءة …
هل سمعت عزيزي القاريء عن محاسبة مسؤول ٍ ما عن ملفات فساد ؟ طبعا ً لا لأنها مدخرة للمساومة بيد كتل سياسية ومؤسسات تدعي النزاهة والرقابة و… و…
لقد ظهر بما لا يقبل الشك أن ما نعيشه اليوم من بؤس وتشظي وصراعات وفوضى
قاتلة أرهقت كاهل الشعب مبررا ً حتميّا ً لثورة تصحيحية تسقط كل من تسبب بهذا الإنهيار بتغيير الدستور المهلهل وإعلان حالة الطواريء ومحاسبة كل من خان الأمانة وقصّر في أداء واجبه وعلى مختلف المستويات وهذا لن يتم إلا أن ينتفض
الشعب ويهب من غفوته بعد أن بلغ السيل الزبى ليعيد الحال إلى ما يجب أن يكون عليه وأن يعيش كما هي الشعوب الأخرى .
شكرا ً عزيزي القاريء لأنك أتممت قراءة سطور ٍ مملة ولكن … لابد منها …