سيدي الإمام السيستاني : لقد خضنا ملحمةً خلدها التاريخ من أوسع أبوابه عندما ذهبنا لصناديق الاقتراع لنعبر عن حقوقنا بأسلوب حضاري تحت وابل القنابل التي تساقطت على رؤوسنا ,والأحزمة والعبوات الناسفة التي وضعت تحت أقدامنا ,كل هذا لم نبالي بالموت ,لنرسم ملامح بناء دولة تحترم الإنسان وإنسانيته تسير وفق نهج القانون الذي يضمن العدل والمساواة للجميع ويسري نظامه على كافة شرائح المجتمع دون طبقية ,لنعوض ما فاتنا من ألم ووجع السنين ,ولنعطي رسالة للعالم أننا بناة دولة ديمقراطية بعكس ما كان يقال بأننا بعيدين كل البعد عن المدنية وإن نظام الاستبداد والقسوة والتسلط هو النظام الأمثل لقيادتنا لأنه يعرف كيف يسيرنا ؟أذكر جيداً عندما صدرت فتواك بوجوب المشاركة في الانتخابات ذهبنا وكلنا أمل وشوق بغدٍ مشرق ,ولنقطع الطريق أمام العابثين بمقدرات البلد وسراقه ,كانت مشاركتنا مراهنين عليها بالفشل ,فكان النجاح حليفنا وهو ما ترتب على تكليفنا الوطني والأخلاقي والشرعي ,بحثوا الناس عن الأكفأ والأجدر بتحمل المسؤولية وانتخبوا أشخاص معينين ثم وضعوا آمالهم وطموحاتهم ومستقبل أطفالهم في أيديهم عن طريق صناديق اقتراعهم ,لكنهم تفاجئوا بصعود أشخاص لم يعرفوهم أو يسمعوا عنهم وإذا بهم تحت قبة البرلمان والتعليل لهذه الكارثة أن نظام الانتخاب لا يعطي الفرصة للقوائم الصغيرة بالفوز ,وحتى الذين جاؤوا بأصوات كثيرة تعد بعشرات الآلاف إذ لم تفز قوائمهم فأن أصواتهم ذهبت لمرشحين آخرين ,لم يتمكنوا من الحصول حتى على (300) صوت فقط ,أين وجه العدالة بالموضوع والحكمة من الديمقراطية ؟ سيدي قبل فترة ليست بالقليلة كانت هنالك انتخابات في إيران وحقق تحالف الإصلاحيين والمعتدلين المقرب من الرئيس الإيراني المنتخب لولاية ثانية حسن روحاني فوزا بارزا في الانتخابات البلدية، التي فاز فيها كذلك عدد كبير من النساء ,وانتخب الإيرانيون تزامنا مع الاقتراع الرئاسي، 126 عضواً في المجالس البلدية والمحلية من بين 287 ألف مرشح,وفازت لوائح ائتلاف «اوميد» (أمل بالفارسية) الإصلاحي المعتدل في مدن كثيرة بينها طهران
وأصبحت ثاني وثالث مدن البلاد، مشهد (شمال شرق) وأصفهان (وسط) وكذلك شيراز ويزد (جنوب) وكرج قرب طهران وزهدان (جنوب شرق) تحت إدارة كاملة أو شبه كاملة لإصلاحيين,هنا بيت القصيدة والظاهرة التي ليس لها سوى تفسير واحد أن أصوات الناس مؤتمن عليها لم يتلاعب بها أو تسرق لصالح (س,أوص) بحكم النفوذ أو الوجاهة أو القوة ,في رشت المدينة التي تعد ب(700) ألف نسمة في شمال إيران،انتخب عامل جمع نفايات يبلغ من العمر 42 عاماً عضوا بلديا,أسمه (محمد حسن علي بور) الذي يعمل في جمع النفايات منذ نحو عشر سنوات رغم انه حائز على شهادة ماجستير في العلاقات العامة،حيث قال : انه سيحضر اجتماعات المجلس البلدية وهو في ثياب العمل,وفي خرم أباد القريبة من الحدود العراقية تصدر (ولي الله رستمي نجاد) بائع الطيور المتجول البالغ 60 عاماً، الاستحقاق بـ40 ألف صوت, نحتاج لوقفة حتى نفسر ونشرح لماذا اختير هؤلاء للسلطة ؟ ولماذا لم تسرق أصواتهم وتذهب لمن لم يقدموا أي شيء لمجتمعهم ومناطقهم ؟وكيف تمكنوا من أقناع الناس بمشروعهم الانتخابي رغم بساطة وضعهم المالي الذي يفتقر للدعاية والإعلانات التي تتطلب أموال كبيرة ؟ هذه الأسئلة تحتاج لوعي وأدراك في فهم الأمة لحجم التحدي الذي تخوضه في خضم تهديدات متزايدة متربصة تريد التنكيل بهم,ثم يخرج ألينا انتخاب الرئيس الفرنسي الجديد (ايمانويل ماكرون ) الشاب البالغ من العمر (39) عاماً كسر حاجز التقليد بأن الذي يأتي للسلطة عليه أن يكون هرماً ,ولكن فوزه اعتمد بالدرجة الأولى على رقي الشعب الفرنسي حيث المجرب لا يجرب بالرغم أن المجرب لم يأتي بويلات وحروب وسرقات ,الا أن الاختيار كان للدماء الجديدة التي لها القدرة على الإعطاء والتي تفكر بروح العصر والانفتاح ,سيدي : المواطنين اليوم مترديين ومتخوفين أًصابهم الإحباط واليأس وأقولها بصراحة من المشاركة في الانتخابات القادمة لأنهم لم يجنوا سوى أزمات مستمرة ومتعددة ومتكررة في كل سنة وهي (كهرباء ,خدمات ,وأمن ,وفساد ) فالذي يخرج من الباب سيأتي من الشباك ,نحن بحاجة لفتوى كفتوى الجهاد الكفائي تقتلع المفسدين من جذور الأرض المتشبثين بالكراسي والمناصب والذين عدوا أنها ملك لهم ولأسرهم ولعوائلهم المتخمة بطونهم من أموال الفقراء والضعفاء سرقات بعناوين وأسماء متنوعة وتحت حجج واهية ,هم اصطنعوها ليبرروا أفعالهم التي قادتنا للشعور بالغربة في داخل الوطن ,وقول سيد الألم الإمام علي (ع){الفقر في الوطن غربة ,والغنى في الغربة وطن}