سيدة الضوء في عالم الذرّ

سيدة الضوء في عالم الذرّ

في عالم الذرّ, قبل أن تمسّ الأرواح التراب، قبل أن تنبض الأجساد بالروح، كان هناك عالم آخر، عالم الذرّ، حيث كانت الأرواح هناك بلا قيود، بلا زمان، بلا مكان. كانت تجول في فضاءٍ أبدي، عيونها تلمع بأسرار الكون، والأفكار تتلاطم في بحرٍ من النور. كانت تلامس بعضها بعضًا بلغةٍ أزلية، لا تحتاج إلى صوت، ولا إلى كلمات. لغة تعرفها كل روح، وتفهمها كل خلية في الكون. هناك، في عالم الذرّ، كانت الأرواح في شوقٍ إلى لقاءاتها القادمة، شوقٌ لا يوصف. كانت تعرف أن الرحلة ستبدأ، وأن الأجساد ستنتظرها في مكانٍ ما، لتعيش تلك التجربة البشرية التي طالما كانت حلمًا. لكن في ذلك العالم، لم يكن هناك ألم ولا ضياع. كانت الأرواح تتنفس الضوء، وتغني في صمتٍ جلالي. كانت ترى بعضها في بريق الأعين، وتُدرك كلّ نبضةٍ في القلب قبل أن ينبض. ثم جاء النداء. نداء الأجساد، نداء الأرض. أرواحنا لم تتردد. رغم ما كان من علمٍ تام بما سيحدث، هبطت إلى الأرض، إلى هذه الأجساد التي ستعيش فيها، لتختبر رحلةً طويلة. لكن، في أعماقنا، تبقى تلك الذكرى، ذكرى عالم الذرّ، حيث كانت الأرواح حرة، لا تعرف قيودًا، ولا حدودًا. فهل تذكرنا، ونحن في هذا الجسد، تلك اللحظة التي لم نكن فيها إلا ضوء؟ هل نعرف أن فينا تلك الشرارة التي كانت هناك، في عالم الذرّ؟

أحدث المقالات

أحدث المقالات