23 ديسمبر، 2024 4:27 م

سياسيونَ وضُعفِهم في إدارةِ الحديثِ الإعلامي ..

سياسيونَ وضُعفِهم في إدارةِ الحديثِ الإعلامي ..

بعد الانتشار والتعداد الكبير لوسائل الإعلام العراقية وما شهدته الساحة الإعلامية من تزاحم وتضاد في رسائل و أهداف المؤسسات الاتصالية الإعلامية  ,صنفَ الأكاديميون والمختصون والمحللون بالشأن الإعلامي الإعلام في العراق  إلى أنواع وأقسام منها.
 الإعلام الحزبي وهو الإعلام الذي يطرح وجهة نضر حزبه ويدافع عنها ويدعو لها  .
والإعلام المأدلج الذي يتبنى أيدلوجيات ونظريات ومفاهيم خاصة ومعينة وهو لا يختلف كثيرا عن الإعلام الحزبي اذ كلاهما لا يعتمد على المهنية والاستقلالية في إيصال رسائله الموجه للجمهور  .
والإعلام الحكومي او إعلام المؤسسات الحكومية الذي يدافع عن سياسات الحكومة أيا كانت صائبة أو خاطئة ويحاول ان يُجمل وجه السياسة التي تتخذها تلك الحكومات .
والنوع الرابع هو الإعلام المهني او الإعلام شبه المستقل الذي لا يمثل أفكارا حزبية او أيدلوجية او سياسات حكومية  ,بل يحاول أن يميل نحو طبقات المجتمع البسيطة والفقيرة والمعدمة وان يمثلها وينطق بلسان حالها ويطالب بحقوقها المسلوبة ,وهذا النوع من الإعلام دائما ما يعتمد على رجالات مختصون ومهنيون وأكاديميون  لهم باع وخبرة في العمل الإعلامي والقابلية والقدرة على استدراج السياسيين وكشف ما هو مستور خلف كواليس السياسة العتماء وإظهاره لعامة الناس ,على عكس الأنواع التي سبقته والتي تحاول أن  تُمجد بالشخصيات المستضافة و ان تخلق لها انجازات ومشاريع لا وجود لها أصلا .
ودائما ما يقع السياسيون في مصيدة وشباك الإعلام المهني او شبه المستقل وهم لا يشعرون, وقد يؤدي ذلك إلى فقدانهم  لعدد كبير من جمهورهم ومؤيديهم او قد يودي بشخصياتهم السياسية و مكوناتهم الحزبية والسبب في ذلك هوضعف  السياسي وعدم مقدرته على إدارة الحديث الإعلامي المهني .
فمقدم البرنامج او المحاور السياسي والذي يعتبر نفسه ناجحا او مميزا هو الذي يحاول أن يحصل على اكبر نسبة من أعداد المشاهدين ويحاول أن يُصدر برنامجه في مقدمة قائمة البرامج المتابعة والمشهورة بين الناس بغض النظر عن ما تؤلُ له نتائج الحوار في البرنامج من صراعات وخناقات و تنافرات بين السياسيين وكتلهم وائتلافاتهم ,وهذا لا يتحقق إلا إذا تكلم السياسي بمعلومات خطيرة ومثيرة وهجومية وعدائية ضد الأطراف الأخرى المشاركة معه بالعملية السياسية تثير انتباه الجمهور والمشاهدين وتُفاعلهم مع أجواء الحوار وما يكشف به من حقائق يطلعون عليها لأول مرة .
وان ما يقوم به المحاور او المقدم الذي يريد الوصول إلى النجاح والتمييز من إثارة واستفزاز للسياسي مرة بكشف حقيقته أمام الأعلام ليطلع عليها الجمهور وخداعه مرة أخرى بأنه وكتله على صواب وباقي المشتركون معه في العملية السياسية على غير ذلك أو على خطأ ,تجعله يدلي بمعلومات وحقائق لم تكشف من قبل قد تكون هي السبب في القضاء عليه وعلى كتلته شعبيا وجماهيريا وسياسيا او قد تكون السبب في إشعال نار الفتنة والطائفية ودعم الإرهاب وازدياد الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وذلك السياسي لا يدري ماذا فعل بالعملية السياسية المتهالكة البناء .بل انه معتبراً نفسه صار احد النجوم او المشاهير الذي يطل يوميا على جمهوره والمشاهدين  من على شاشة أحدى الفضائيات ومعتقداً وضانا  أن الجمهور يعتبره الأشجعَ  و الاجرأ وآلافهم من بين قرناءه في السياسة .
ولكن و للأسف الشديد من يدفع ثمن تلك التصريحات الطائشة والمتهورة هو المواطن البائس الفقير وليس السياسي الضعيفُ الحديث والقويُ المنافع والامتيازات المسلوبة من حقوق الشعب , فيكثر على الناس الإرهاب والفساد  نتيجة ذلك الصراع  الإعلامي وعدم القدرة على احتواء الأزمات وحلها بل التشهير بها وقذف الأخر الذي يضطر إلى استخدام كل الوسائل الممكنة للإطاحة بخصمه حتى لو كلفه ذلك تحالفه مع الإرهاب وهذا ما يحدث اليوم وما نراه على ارض الواقع المرير  .
فتصريحُ سياسي قائلاً :على الطرف الأخر أن يعلم إنا أكثرية وان للصبر حدود  .عده محللون ومراقبون  اكبر من تفجير جميع العراق بعبوة ناسفة واحدة
وكذلك ما صرح به سياسي أخر قائلا:ان العراق في طريقه إلى الهاوية  وأننا على ابواب حرب طائفية جديدة .اعتبرها الناس او الجمهور إنها رسالة فشل امني وخدمي لثمان سنوات من الحكم
وغيرها الكثير الكثير من التصريحات النارية التي لازالت تشعل النار في هذا البلد المحترق بإرهاب العبوات والأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة 
حقا إننا اليوم بحاجة  إلى أن يدخل ساستنا بدورات تأهيلية  في كيفية إدارة الحديث الإعلامي والتحدث للإعلام حتى نتخلص من شر تلك التصريحات التي حرقت ولازالت تحرق البلاد والعباد .وان يكون الدخول في هذه الدورات هو شرط أساسي لدخول البرلمان والحكومة بعد فوزهم بالانتخابات .وهذا ليس عيبا بل هو ما معمول به في اغلب الدول المتقدمة والعالمية التي تجبر سياسيها على الدخول في هذه الدورات التي يحاضر بها أساتذة وأكاديميون مختصون بالشأن الإعلامي ..