قال الإمام الحسين: (عليه السلام)، “ولكنكم مكنتم الظلمة في منزلتكم، وأسلمتم أمور الله في أيديهم يعملون بالشبهات، ويسيرون في الشهوات، سلطهم على ذلك فراركم من الموت واعجابكم بالحياة التي هي مفارقتكم! فأسلمتم الضعفاء في أيديهم، فمن بين مستعبد مقهور وبين مستضعف على معيشته مغلوب، يتقلبون في الملك بآرائهم و يستشعرون الخزي بأهوائهم، إقتداءً بالأشرار، وجرأة على الجبار، في كل بلد منهم على منبره خطيب يصقع، فالأرض لهم شاغرة وأيديهم فيها مبسوطة، والناس لهم خول لا يدفعون يد لامس”.
دينياً، النهضة الحسينية جاءت، من أجل تصحيح ما لحق بالإسلام والسيرة النبوية، من تشويه وتحريف على يد الحكم الأموي، فقد انطلق الإمام من منطلق التكليف الشرعية، للحرص على بيضة الإسلام، وتوجيه المسلمين نحو طريق الصواب والطريق الحقيقي للإسلام، مع الحفاظ على الهوية الإسلامية، والكتاب العزيز، وسنة رسول الرحمة (عليه وعلى اله افضل الصلاة والسلام).
اجتماعياً، ثورة عاشوراء مبنية على القيم الإنسانية، وحق الناس في الحياة والعيش الكريم، وعدم معاقبتهم على أفكارهم ومعتقداتهم، كما قال تعالى: ((لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغيب…))، كذلك دعا الإمام الى الالتزام بعدم تبذير الثروات، على الأمور الدنيوية من الحاكم، وتوزيع العطاء على عامة الناس، وإقامة الأحكام بالشريعة الإسلامية.
سياسياً، أن نهضة الإمام الحسين (عليه السلام)، تبنى فيها رفض الظلم والفساد والانحراف، الحاصل في الحكومة والمجتمع، ودعا لبسط العدل والصلح والحوار في الحكم الذي تختاره الأمة، من قبل ممثلين لهم في دكة الحكومة، وتأكيده على ضرورة مشاركة الفرد في الحياة السياسية، وعدم التخلي عن ممارسة تلك الوظيفة، لئلا يترك المجال للنفعيين، للتسلط على رقاب الناس واستغلالهم، واللعب بمقدراتهم والتحكم في مصائرهم، أن الإمام الحسين (عليه السلام)، أراد كتلة تضم فيها كل الديانات.. لممارسة الحياة السياسية.
بعد هذه المراحل المهمة، تأتي مرحلة أهم، ونعني بها تطبيق ما تعلمه الفرد من الإمام الحسين عليه السلام، في واقع حياته، إذ لا يصح، أن ننتمي للفكر الحسيني ونتعلمه ونؤمن به، ثم عندما تحين المرحلة الأهم وهي مرحلة التطبيق العملي للفكر، نتقاعس أو نتراجع، أو نكتفي بالتعليم النظري فقط، بل ربما ينحدر بعضهم أكثر، فيتعلم وينتمي إلى الفكر الحسيني ثم يطبّق في الواقع أعمالا تختلف عن هذا الفكر الإنساني والأخلاقي.
التأريخ يعيد نفسه؛ ينطبق ما قاله الإمام أبا عبد لله (عليه السلام)، على مجتمعنا بعد أكثر من ألف وثلاثمائة عام، فإن بعض السياسيين النفعيين والمتسلطين، على رقاب الناس البسطاء والضعفاء ونفس الأسباب السابقة، أي أن المشكلة قد حددها في المجتمع، والمسؤولية عليه باختيار الشخصية الأصلح أكبر من مسؤولية رجال السياسة، كما قال الشاعر محمود سامي البارودي: “إذا المرء لم يدفع يد الجور أن سطت «» عليه فلا يأسف إذا ضاع مجده”.