18 ديسمبر، 2024 6:40 م

سياسة والعياذ بالله

سياسة والعياذ بالله

وما خفي عن ساحتها أشد ضراوة منها , وما يدور في أروقتها ذاك هو الطامة الكبرى وما يحاك خلف كواليسها تلك هي المؤامرات التي لا تُسمع ولا تُرى . وخاب كل من دساها ودخل في دهاليزها , اللهم أرحمنا من شرورها ومن طرق سالكيها ومن مشرعها وحاكمها ومن تبع ذلك بأذعان , المشهد على الساحة العراقية مرتبك بل هو مذعور وغير مستقر والكل يخاف من الطوفان فأن حضر وبان ألفيت كل حلّ لاينفع وفي المقابل فلاحياة ولا أمل في البقاء تحت خيمة الطبقة السياسية المتسلطة ومكوناتها والعياذ بالله فكل من فيها قد نأى بنفسه عما يحصل من فوضى في التشريع والرقابة والتنفيذ وليس هناك أي بعدٌ وطني في القرار بعد أن جرَّت الحكومة الى التبعية والولاء والاجندات وأصبحت الصراعات متداخلة شائكة ومعقدة لايمكن تفكيكها بسهولة , هذه هي لعبة توازن المحاور التي يلعبها الغرب وحلفائه مع الشرق وأتباعه فيختاروا مسرحاً لعملياتهم ويهيأوا الدمى ويحركوها بخيوطهم كما يشاءون من خلف الستار , ثم يطلقون ماكنتهم الاعلامية للتمويه وتشتيت الحدث والمحصلة النهائية هي تحريك الجموع بأتجاهات متباينة والهدف من ذلك هو منع ظهور أي محور ينافس أو يكون قادراً على الاقل أن يفهم ماذا تعني السياسة ليستقل بنفسه عن تلك الصراعات ويكون بذلك قد حقق تحرراً كان غائباً حتى عن أدراكه ويبدأ خطوات الاصلاح تبعاً لذلك .
الخطر الاكبر يكمن في عدم القدرة على الخروج من ذلك الهوج الهائل من مترادفات التشويش والتغطية التي تعقب الحدث رغم أنه يحصل في مكان محدد وزمان محدد ويراه عشرات الاشخاص بعضهم يصور المشاهد وبعضهم يراقبها بتركيز عال ليستطيع بعد ذلك أن يستذكر التفاصيل بأكبر دقة ممكنة , مع ذلك ليس هناك من خرج بصورة واقعية لما حدث , و أختلفت كل التقارير في تقديم صورة قريبة للوقائع , وتناقضت الارقام فيما بعضها وأخذت التحليلات والتحقيقات تتسارع وتكثر المستجدات والبيانات لغرض أثقال ذهن المتلقي حتى لايتم التركيز بنقطة معينة ومن ثم يبدأ التململ فالاشباع وبعدها يفقد الانجذاب لتبدأ الرحلة في حدث أخر يعقب الحدث الرئيس , وبعد كل هذا الطرح الضخم لايستطيع المتلقي بالجزم مما يحصل ويكتفي بالقول ( يكولون ) من هم هؤلاء الذين يقولون لا أحد يعرف ربما مصادر غير معلومة داخل الجهة الفلانية , وبذلك تبدأ المرحلة الثانية من التمويه والتضليل وأستغلال الحدث سياسياً والعياذ بالله , ثم تتباين ردود الافعال تبعاً للجهة التي تقدم نفسها كمنقذ بين من يدين أو يستنكر أو يتعاطف أو يتقدم بخطوة أكثر فعالية فيزور مكان الحدث ويصرح منه ويتوعد ومنهم من يريد الثأر والبعض الاخر يتأسف ويلقي المسؤولية على القوم الذين أفسدوا ولم يتعظوا بما كانوا يقولوا من الخطاب الى أن بُحَّ الصوت وتلاشى ومنهم من قدم ورقة أخرى ترتكز على أنه لابد من التغيير وفق مليونية سلمية لامظاهر مسلحة فيها , وبعضهم أكتفى بلقاءات مع من تم تسميتهم بممثلي الضحايا , وهنا أنحرف المسار عن لبّ الحدث الى أعلانات تقطع سلسلة التركيز عنه وهذا مايسمى بالأشغال أو الألهاء .
كل الاطراف تريد ردّ فعل يتناسب مع الحدث , ولكن هذه الاطراف لاتجتمع أبداً مع بعضها لأنضاج الية عمل مشتركة تركز على حيثية الحدث وتفصيلاته ثم تجتمع على قرار يتم العمل به بشكل متناسق وبالتالي يصبح فاعلاً على الارض ويحقق أنجازاً حاضراً ليمنع بذلك أي حدث مستقبلاً , وهنا يتوسع أفق التسأول ونعكس المعادلة وبشكل عام ليشمل كل المتصدين للواقع السياسي اليوم والعياذ بالله , الصراعات التي تتفاعل بين المتصدين لم تعد خافية وظهرت على الافق بشكل واضح وصريح وأخذت الاتهامات تتصاعد بينهم بشكل متسارع وبعضها وصل الى حد التهديد بالتصفيات وتراشقت الاتهامات الاعلامية وبدا كأن الفتنة والتقاتل بين الاتباع قاب قوسين أو أدنى ولكن في كل مرة تسلم الجرة ولايحدث ما يتوقعه المتلقي , ثم يعاد السيناريو مرة أخرى وبمشاهد جديدة ويلبس الاشخاص الملابس التي تلائم الحدث القادم وهكذا دواليك , البحث عن التفسير واقعياً يكاد يكون مستحيلا فلابد من فهم هذه الكيانات وكيف تأسست والمنهج الذي تتبعه والتاريخ الارشيفي لمن يكون في موقع المسؤولية منهم وكلام ليس له نهايه ولغط نحن في غنى عنه لأنه لن يؤدي الى نتيجة واضحة ودقيقة , ولكن لكي نشمل الجميع ضمن مفهوم واحد يكون جامعاً وشاملاً للجميع لابد من قراءة الواقع فكلهم تحت خيمة واحدة تجمعهم بغض النظر عن صراعاتهم وخلفياتهم الارثية والدينية والعقائدية ومسميات أخرى هي علينا جديدة , فهم يتجردون من كل تلك الخلفيات ليكون الهدف هو تثبيت كياناتهم ومؤسساتهم وما يتبع ذلك من مصالح ومنافع وعلاقات وأرتباطات أقليمية ودولية , ولايدخل أبداً في تلك الخيمة ما يطلق من الشعارات التي توجه الى العامة ولا هي ضمن أجندة الاجتماعات ولا التحالفات , هذه الخيمة التي تكون بعيدة عن فهم المتلقي والتي تُخرج كل تلك الشخصيات التي تكالبت علينا , وهي التي تضم كل الاسرار والملفات السرية التي يحتفظون بها لتحصيل ما يمكن تحصيله وبأي وسيلة وبأي ثمن , تلك الخيمة التي لايمكن التراجع عنها فمن يدخلها يصعب عليه أن يغادرها لما تقدمه من مغريات لمن كان لايرى الا من خلال أفق صغير .
على المتلقين أن يدركوا بأن كل ماحصل من خراب كان تحت طائل تلك الخيمة التي لمّت كل من تصدى ولابد من أن يتفهموا وبعمق أن كل مايخرج من الخيمة هو لتغطية عمليات تجري وتحدث تحت مسمع ومرأى الجميع , وأن كل الذي يحاك يكون تبعاته على الشعب المجرد من الامن والامان والهدف هو تجريدنا من الفكر الذي يمكن أن ينقلب عليهم فيدك
بذلك كل ما أسسوه من كيانات أخذت أنماطاً وأشكال مختلفة ولكنها متضامنة تماما في حال وجود أي تهديد ولذلك يستدرجوا الغضب ويعملوا على أن لايصل الى المستوى الاحمر من الخطر ليبقى دائماً تحت السيطرة أما بالخطاب العاطفي أو الترقيعي أو بالاكتفاء بالدعاء , هذه الخيمة هي التي نسميها بالعملية السياسية ( والعياذ بالله ) .