23 ديسمبر، 2024 9:54 م

سياسة غض الطرف

سياسة غض الطرف

يقاس نجاح اي حكومة في اي بلد في العالم بمقدار ما تقدمه من خدمات ومقدار احترامها للدستور وتطبيق الانظمة , وهذه هي الحالة المثالية والشفافة للتعامل بين المواطن والحكومة فبمقدار تطيق الدستور والقوانين النافذة في بلد معين بنفس المقدار ستكون ثقة المواطن بهذه الحكومة وان العلاقة بين الحكومة والمواطن هي علاقة الخدمة لا علاقية الاسياد .
هذه الحالة التي تفتقدها اغلب الانظمة العربية وكل الانظمة الدكتاتورية في العالم لذا نجد الواقع التنظيمي لبلدان العرب واقع مزري حيث نجد ان هناك فئة منتفعة وهم اصحاب النفوذ السياسي ومقربي المسؤول واقربائهم وعوائلهم وطبقة معدومة تمثل المهمشين من الناس البسطاء وهذه المنظومة اوجدت حالة من البيرو قراطيه داخل المؤسسات الحكمية في تلك البلدان .
ان مثل هكذا تصرفات تولد دكتاتوريات كبيرة تتحكم في مصائر وقوت المواطنين وكل امتيازاته وحقوقه وهذه هي الحالة السائدة التي كان العراق ما قبل 2003 يعيشها ولكن بفضل الله تعالى وبعد التغيير بدانا نتنفس نسائم الحرية وكنا نتوقع ان بلدنا سيرتقي الى مصاف الدول المتقدمة لما يمتلكه من إمكانات اقتصادية كالنفط وغيره وإمكانات بشرية في جميع المجالات وكان الامل يعقد على الكفاءات العراقية في الخارج وخلال عمر الحكومات العراقية ما بعد التغير وما عاشته هذه الحكومات من صراعات داخلية وارهاب وخارجية ومؤامرات دولية لم نر التطور الذي كنا نأمله وبدانا نلاحظ ان الحكومات المتلاحقة في العراق بدأت تتجه الى اتخاذ اجراءات تغير مسار الدستور وهو الوثيقة الاهم التي ترسم الصورة التي يكون عليها البلد.
لقد كان الدستور واضحا في محاربة الفكر البعثي وتجريم كل من ساهم في إيذاء المواطن العراقي خلال الحكم البائد وشكل هيئة مستقلة لذلك سميت هيئة اجتثاث البعث التي تحولت الى المسائلة والعدالة بعد ضغوط خارجية من جهة وتوجه حكومي للحفاظ على السلطة حتى ولو على حساب الدستور .
ان المفاجئ في الامر هو ما بدأ يترشح ويظهر على وسائل الاعلام ان هناك 25 الف شخص ما بين مدراء عامين وقادة وضباط في الداخلية والدفاع وقضاة وجامعين من البعثين لم يتخذ بحقهم اي اجراء وانهم كانوا يمارسون اعمالهم دون ان يقول لهم احد (على عينك حاجب ) كما يقال بالمثل .
ان هذه السياسية هي سياسة اقصائية على اساس الولاء والطاعة والا ما تفسير ذلك حيث نجد الحكومة تغض الطرف عن جميع هؤلاء وتجتث بعض البعثين والذين قد يكونون ليسوا بذاك التأثير كهؤلاء ال 25 الف . ان سياسة الحكومة في هذا الاتجاه هي سياسة وتصرف خارج اطار الدستور ولا تمثل الرؤية الصحيحة للشعب العراقي لذا فأننا نرى انه من باب تطبيق الدستور يجب اجراء تحقيق فوري من قبل مجلس النواب في هذا الامر ويجب ان تحاسب الحكومة على خرقها للدستور العراقي والذي كان واضحا في تجريم حزب البعث المقبور .