الحديث عن ثقافة الكراهية في المجتمع العراقي أصبحت من صميم مهمة الكاتب ,والمثقف , والسياسي , وهي مهمة وطنية , وعندما تحدثت عن علاقة أقليم كردستان العراق عن ثقافة الكراهية , ومسؤوليته عما يجري في أقليم كردستان من تشجيع ثقافة الكراهية من يقصد أو لايقصد من خلال ألاجراءات ألامنية , وسياقات العمل في العلاقة بين المؤسسات الفدرالية , ومايجري من أعلام وتسويق أعلامي يؤسس لثقافة لانريدها أن تكون مصدرا من مصادر صناعة الكراهية , ولقد وصلني تعليق من أحد ألاخوة ألتزم بأدب وأصول التعليق وهذا مما يشكر عليه لكثرة ما نشاهد من تعليقات لايلتزم أصحابها بأدب وأخلاقية الحوار مما يجعل أجوائنا ملغومة بالكراهية المشحونة بالطائفية والعنصرية والجهل
وللآخ صاحب التعليق والذي طالبني بألانصاف أقول له : عندما هجر أخواننا ألاكراد من قبل نظام صدام –البكر – في بداية السبعينات الى الجنوب , كنت طبيبا في مستشفى السماوة , وكان ألاخوة ألاكراد يوضعون في الكراجات العامة وكان الوقت شتاء فيصاب ألاطفال بالرشح وألتهاب القصبات وألاسهال وكذلك ألامهات , وكانوا عندما يجلبونهم الى المستشفى كنت أقوم بأدخال المرضى منهم الى ردهات المستشفى حتى يحصلوا على الدفئ والطعام الجيد والضروري لصحتهم مع الدواء المناسب لهم مجانا وهذا حقهم فهم أبناء الوطن وقد وقع عليهم ظلم السلطة في ذلك الوقت , وكان معنا في المستشفى طبيب كردي من أهالي السليمانية كان يكتب ضدي تقارير لرئاسة الصحة ولمنظمة الحزب يقول فيها أن الدكتور علي التميمي يتعاطف مع المتمردين والعصاة كما كان نظام البعث ينعت أخواننا ألاكراد بتلك النعوت حتى يحرك ضدهم مشاعر الكراهية , فأنا الطبيب المسلم العربي كنت أقف مع محنة المرضى من ألاكراد المهجرين قسرا وظلما , بينما كان الطبيب الكردي يحاربهم ويحارب من يتعاطف معهم , أحببت أذكر ذلك دفعا لآي أشكال وسوء فهم من البعض الذي لايستوعب مثل هذه الدراسة التي تريد للهوية الوطنية أن تتجلى بأحلى صورها ألاخلاقية بين العراقيين جميعا عربا وأكراد وتركمان وكلدو أشوريين , ومسلمين ومسيحيين وصابئيين وأيزيديين , أما تعليق ألاخ فيظل حالة من حالات فردية أن أعلم بوجودها , ولكنها لاتصلح للقياس ,فنحن نريد حالة عامة يتمتع بها كل العراقيين , وحيثما نجد خطأ في الممارسة من أي جهة متصدية :حكومة مركزية , أو حكومة أقليم , أو مجلس محافظة , أو هيئات وأفراد يؤسسون لثقافة الكراهية , سنرفض مواقفهم , وندعوهم الى ثقافة التسامح والمحبة التي هي أقرب للسجية العراقية , أما قضية مفارز ألامن والسيطرات وألاجراءات ألامنية , فنحن لانعترض على ألاجراءات ألامنية في أقليم كردستان , فهذا واجب يفرضه التنظيم والظرف الذي يمر به البلد عموما , أما حق ألانفصال فلا أتمنى ألاخوة المثقفين عربا وأكرادا أن يجعلوه شعارا وحلا لما نحن فيه فالحرية أن لاتنفصل عن وطنك , بل الحرية مسؤولية عليك ترجمتها بأيجاد فرص وفضاءات تتسع لجميع أهل الوطن ,أما الحق في ألانفصال لاأعتقد يخدم ألاخوة الكرد , فهم اليوم في حال جيدة , ويحتاجون الى مزيد من التنظيم وتقوية أواصر الفدرالية وتوسيع الخدمات حتى يعم ألاستقرار ,وحقوق الجميع محفوظة في الدستور , على أن لايصار الى ممارسة بعض المخالفات مثل التي أشرت اليها في الحلقة ألاولى وهي موثقة , وأما القنصليات فلا توجد دولة فدرالية تفتح قنصليات أقاليمها وولاياتها في الخارج دون التنسيق مع المركز الفدرالي بالحد ألادنى , وأذكر بأن الدستور العراقي أعطى صلاحيات حصرية للسلطات ألاتحادية “المركز ” تبدأبالسياسة الخارجية وتنتهي عند ترسيم المقاييس والعدادات , لذلك أرجو من ألاخ صاحب التعليق أعادة النظر بموضوع ألانصاف حتى لايتحول منقبله الى أجحاف .
أما موضوع “بعض المنابر ” ودورها في صناعة ثقافة الكراهية , فهذه الظاهرة يشترك بها بعض الشيعة متمثلة ببعض خطباء المنابر ومجالس العزاء الحسيني , وأؤكد هنا أن المرجعة الدينية لدى الشيعة والسنة ترفض الحديث الطائفي ,وهذا الرفض مؤكد ومعلوم وله تأسيس عبر القرأن الكريم ” ولا تكونوا كالذين تفرقوا وأختلفوا من بعد ماجاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم ” ومع هذا التأكيد تأكيد السنةالنبوية الشريفة ,وقد درج على ذلك ألائمة من أهل البيت وألائمة أصحاب المدارس الفقهية , قال ألامام الشافعي “رض ” :-
يا أهل بيت رسول الله حبكم …. فرض من الله في القرأن أنزله
كفاكم من عظيم الشأن أنكم …. من لم يصل عليكم لاصلاة له ؟
والحديث الفردي الذي ينفرد به بعض خطباء المنبر هو من موارد صناعة الكراهية الذي يجد له في صفوف الجهلاء ميلا نفسيا مثلما يجد في نفوس بعض الغلاة ميلا أخر , وفي بلادنا التي لازالت مخترقة بأدوات ألاستعمار القديم وألاحتلال الجديد وما لهم من صنائع وأدوات تستفيد من أجواء الثقافة الطائفية , فتبدأ بالشحن العاطفي لتأسيس الكراهية حتى تصبح النفوس محتقنة والعقول مغلقة ,فيحدث التصدع ألاجتماعي , وهذا ما تعرضت له بغداد وبعض المدن العراقية مابين أعوام “2005 – 2006 – 2007 ”
ومع وجود أحزاب غير قادرة على تحصين أفرادها من ثقافة الكراهية لعدم وجود برنامج عمل تأهيلي للتواصل ألاجتماعي مما جعل البعض من تلك التنظيمات تنزلق لثقافة الكراهية , ولذلك لانجد تزاورا وتواصلا بين المؤسسات الدينية ألا نادرا وفي ظرف طارئ , مثلما لانجد تواصلا بين ألاحزاب في الظروف العادية , فمكاتب ألاحزاب مغلقة على منتسبيها وهذا حتما يستتبع التفرد بالحديث الذي يصنع الكراهية ولا يصنع المحبة للآخر .
أن مسؤولية المرجعيات الدينية تتحمل حصرا وتعينا مسؤوليتها عن بعض خطباء المنابر الذين ينزلقون الى هاوية الكراهية وهذا هوالذي يؤسس لما يعرف بسياسة شفير الهاوية وسببها هنا هو ثقافة الكراهية التي يتحمل بعض خطباء المنابر وزرها في الدنيا وألاخرة .- يتبع الحلقة الثالثة أن شاء الله –
رئيس مركز الدراسات وألابحاث الوطنية
[email protected]