9 أبريل، 2024 7:18 ص
Search
Close this search box.

سياسة المالكي في ترويض العراقيين

Facebook
Twitter
LinkedIn

حرصت حكومة المالكي على الاستعانة بالانتهازيين من البعثيين لتقمص التجربة الصدامية في الحكم وبدأ ذلك واضحا في اعتماد مبدأ (جوع كلبك يتبعك) والذي كان أحد استراتيجيات النظام السابق في التعامل مع الرأي العام , وقد وضع مكتب اعلام رئيس الوزراء استراتيجياته للتأثير في الرأي العام انطلاقاً من النقاط العشر الهامة التي كان النظام السابق حريصاً على السير بهدي منها ، والتي سنتابعها معكم لتتبينوا أوجه الشبه بين الدكتاتوريتين منها :

استراتيجية الإلهاء , وتتمثل في تحويل الأنظار عن الأزمات المهمة عبر إذاعة أخبار ثانوية لا قيمة لها، ما يبقي الجمهور بعيداً عن المشاكل الحقيقية، ومنشغلاً على الدوام بمواضيع تافهة , والتي تتمثل في افتعال جرائم (أبو طبر) لإلهاء الناس عن السياسة بما يتيح تكريس الهيمنة على مؤسسات الدولة , وفي المقابل تقوم حكومة المالكي بالمداهمات العشوائية على المناطق الآمنة وكذلك خلق مشاكل سير عن طريق قطع الطرق والجسور وزرع مفارز للتفتيش لاجدوى منها سوى إلهاء الناس وتحويل انتباههم عن المشاكل اليومية فيكون حديث الناس اليومي الخوف والقلق من المداهمات والاستيقاظ المبكر للوصول إلى مقار أعمالهم .

استراتيجية الحرمان , وتقوم على حرمان الشعب من الخدمات الضرورية او كثير من الحاجات الرئيسة (كالماء والكهرباء) ليعاني ويحصر تفكيره فيها وينسى ماعداها , وقد مورست هذه الإستراتيجية في النظام السابق بشكل محدود قياساً بالقسوة التي خلفتها سياسة الحرمان التي تنتهجها حكومة المالكي بحق , فكان النظام السابق يتلاعب بمفردات البطاقة التموينية وبنظام البرمجة الكهربائية , فيما يمارس النظام اليوم منتهى القسوة في الحرمان تتمثل في قطع جائر للتيار الكهربائي يصل إلى أكثر من 20 ساعة يوميا وكذلك الماء أما البطاقة التموينية فقد اصبحت في قائمة النسيان ولاوجود لها .

استراتيجية افتعال الأزمات , أي خلق مشاكل وعرض حلول إذا أرادت النخب السياسية تنفيذ قرار ما يصطدم مع الرأي العام، فإنها تسعى لخلق مشكلة وتراقب ردة فعل الجمهور عليها، ثم تعرض حلولاً للمشكلة المفتعلة أصلاً يكون من ضمنها القرارات المطلوبة، مثلاً خلق أزمة اقتصادية لتمرير تراجع الحقوق الاجتماعية للمواطنين، أو غض الطرف عن بعض أنماط العنف والجرائم حتى يطالب الرأي العام بقوانين أمنية على حساب الحريات!!! وتعد هذه الاستراتيجية مدمرة , فكان النظام السايق يفتعل أزمات مع الخارج ومنها الحروب الخارجية التي شنها النظام السابق مع جيرانه واليوم تقوم حكومة المالكي باحداث اشد قسوة واكثر ايلاما تتمثل في الإرهاب والطائفية فمن المعروف أن الشعب العراقي موحد تحت راية الإسلام فهناك حب سني لآل البيت وتطبع على قبول مبالغة الشيعية في حب آل البيت إلا ان الحكومة خلقت معسكرين لهذا الصراع كلاهما متضرر من الإرهاب وجعل سيف الطائفية مسلط على مكون واحد , يستهدفه في الحرمان من العمل في مؤسسات الدولة وفي الإعتقالات وفي المداهمات اليومية وفي كواتم الصوت وفي الإقصاء السياسي وقد كان في إقصاء الرموز السنية ضربة قاضية لهذا المكون تكللت السلسلة بتجريم طارق الهاشمي أكثر رموز السنة حضوراً في محاولة لتسويق السنة كمكون ارهابي ينبغي محاربته وتقزيمه وتهجيره , وهذه السياسة زرعت في المقابل الرعب في قلوب الشيعة من السنة ومن عودتهم للحكم مرة ثانية , وهذه السياسة ستجعل الشيعة يتخندقون للدفاع عن الحكومة رغم انها فاسدة وعميلة . 

استراتيجية التدرج , وتعتمد على التدرج في اتخاذ الإجراءات المطلوبة في تحقيق سياسة معينة مما يحول دون حصول ثورة على النخبة السياسية الحاكمة فيما لو أصرت على تطبيقها دفعة واحدة  , وهذا ماحصل في التعامل مع التهميش السني ففي البداية حرمانهم من الوظائف , وفي المرحلة الثانية تهجيرهم من المناطق ذات الغالبية الشيعية , ومن ثم الإقصاء السياسي الذي بدأ بقتل الفاعلين منهم في الجيش حيث قتل الفريق عامر الهاشمي (شقيق طارق الهاشمي) ومن ثم إياد العزي وحارث العبيدي ,كما أخذ الإقصاء صورة الترهيب بهدف ترك العمل السياسي فبدأ بإقصاء أسعد الهاشمي ومحمد الدايني وعبد الناصر الجنابي ثم الوصول إلى قمة الرموز في اقصاء الهاشمي .

 استراتيجية التأجيل , من السهل قبول تضحية مؤجلة ، حيث يميل الطبع إلى الأمل والرجاء فيما يخص المستقبل، وهذا من شأنه أن يترك الوقت للجمهور للتعود على فكرة التغيير القادم وقبولها باستكانة إلى أن يحين الوقت، فمثلاً إصدار قرار معين يبدأ العمل به بعد عدة سنوات!!! من المعروف أن السياسة العامة قائمة على إقصاء السنة والأكراد إلا أن الحكومة بدأت في السنة وأجلت الأكراد لحين اضعاف السنة , وكذلك مايتعلق بالوعود الاقتصادية فقد روجت الحكومة في بداية تشكيلها الى الشروع بتوزيع عوائد النفط على الشعب , وتحسين مفردات البطاقة التموينية , وزيادة امدادات الطاقة فكانت التصريحات تشير إلى امكانية تصدير الطاقة الكهربائية مع بداية العام 2013 ولحد الأن لم تتمكن وزارة الكهرباء من تحقيق زيادة ملحوظة فقط الحديث عن زيادة ألف ميكاواط !!! وهو رقم يائس شديد لايساوي شيء قياسا للنقص الحاصل في الطاقة الكهربائية في العراق .

استراتيجية التبسيط , أي التوجه للرأي العام بخطاب سطحي، كمن يتحدث إلى أطفال أو بلهاء فيميع القضية ويحول دون أخذ ما هو مطروح بشكل جدي، وبالتالي لا يستثير الأمر المتابعين كثيراً للوقوف عنده والتصدي له، وبذلك يتم تكييف الرأي العام وتعويده وتمرير المطلوب دون صدام معه, ويمكن تلمس ذلك بشكل واضح من متابعة استرتيجية العمل الإعلامي الرسمي التي لم تبلور خطاب اعلامي للتعامل مع الإرهاب والتطرف والطائفية, فكان الإعلام يعتمد الإثارة السطحية السمجة دون أن يضع الحلول .

 استراتيجية الإثارة العاطفية , أي اعتماد خطاب مشاعري (عاطفي) فيه إثارة للمشاعر والغرائز وخلق مناخ يعتريه الخوف والقلق يعطل قدرة الناس على التفكير النقدي، وبالتالي تتم السيطرة على الرأي العام وتوجيهه لتحصيل استنتاجات معينة تفيد صناع السياسة في اتخاذ الإجراءات التي يرونها مناسبة  , فكان خطاب الجعفري ومن بعده المالكي خطاب مشاعري مغلف بالولاء الديني المذهبي , يقوم على تخويف الشيعة من الخطر السني وقد كان لخطاب المالكي يوم أمس في التهجم على السعودية وتركيزه على البعد الطائفي لإجراءات وتعاليم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر السعودية , في محاولة لتعزيز التخندق الطائفي لحكومته .

استراتيجية التجهيل , إبقاء الجماهير في حالة من الجهل والدونية (سياسة التجهيل) والحفاظ على مستوى معين من الجهل لدى الناس هو أمر مهم حتى لا يتمكنوا من تحصيل تفكير يؤهلهم للتفاعل مع قضاياهم بالشكل الصحيح  , فلا يعقل عراقي إن الوضع اليوم أفضل مما كان عليه في النظام السابق , ولكن الحكومة تشيع أن ماجرى في العراق هو سبق عربي نحو الربيع , في محاولة لتسويق الحكومة الحالية على أنها نتاج ثورة شعبية لقطع الطريق على الجماهير الغاضبة من الوضع المزري الذي تعانيه , وبالتالي وئد روح التمرد والثورة , وهذه السياسة تقوم على تشجيع الجمهور على استساغة البلادة , ذلك أن البلادة تضفي على الناس حالة من اليأس والاسترخاء، وإذا كان الجهل يتسبب بعدم إدراك سليم للأحداث، فإن البلادة تؤدي إلى الخمول والاستسلام   , والكون إلى القدرية التي تخلصهم من واقعهم السياسي الحالي .

استراتيجية التأنيب , أي ترسيخ حالة الشعور بالذنب وهو ما يجعل الفرد يشعر أنه هو المسؤول الوحيد عن شقائه، بسبب كسله وقلة قدراته، ما يدفعه إلى الاكتئاب والتكلس بدل الثورة على أوضاعه وتغييرها , وهذه الاستراتيجية وجدت لها قبول في الوسط الجماهيري , فكثير من العراقيين يردد (إحنة العراقيين متصير لنا جارة ) أي اننا نستحق ما نعانيه , وتستغل الحكومة مواقع التواصل الإجتماعي في تشيع إن العراق بلد الشقاق والنفاق , وان ما يعانيه اليوم هو غضب إلهي وليس نتاج حكومة فاشلة .

استراتيجية السيطرة والتيئيس, وتقوم على إشاعة أن الحكومة تفهم الأفراد وتعرفهم أكثر مما يعرفون أنفسهم , حيث تُسيّر الشعوب باستراتيجيات «علمية» ومعرفية واسعة تستوعب الشعوب والأفراد وتقوم بتوجيههم من حيث لا يدرون، يساعد في هذا التكنولوجيا الهائلة المتوفرة لدى الأنظمة السياسية والتي تؤثر في واقع الناس بشكل مباشر، واستخدام الأجهزة الأمنية والأستخبارية بدرجة كثيفة للتجسس على الشعب واحصاء انفاسة لمعرفة كل صغيرة وكبيرة عنه , وهذا ما تمارسه الجهات الأمنية مع المعتقلين في اضهار ان الحكومة تعلم كل شيء وتراقب ولديها جهاز استخباري يعرف كل شيء , وان الجهات الأمنية توحي بأنها تعلم كل صغيرة وكبيرة , وقد تحدث المالكي نفسه بهذا الأسلوب الساذج حين اتهم الهاشمي بتهم غير معقولة بحجة أن الحكومة تعلم بنشاطاته الإرهابية منذ ثلاث سنوات وانها كانت تنتظر من التوقف عنها إلا أن تمادي واستمرار الهاشمي جعل المالكي يصدر امراً بالقبض عليه , ومن المفارقات المحزنة ان المالكي وليس القضاء هو من أصدر الأمر , وهذه إدانة لتدخل السلطة التنفيذية في السلطة القضائية .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب