22 ديسمبر، 2024 3:53 م

سياسة التغيير في التكليف .. “الكاظمي”

سياسة التغيير في التكليف .. “الكاظمي”

العراق الجديد في تغير سياسي دائم وهذا التغيير لا يبنى على مبادئ سياسية بحته بل يعتمد على متغيرات حزبية ومصالحية شخصية في بعض الأحيان وفئوية في اغلبها وخارجية في مجملها ، والامثلة كثيرة لاسيما بعد انتخابات ٢٠١٤ وهوجة داعش وما تلاها من احداث غيرت الخريطة السياسية للعراق.
وكان في العام ٢٠١٤ اول تغيير حصل فيما يسمى توافقات تنصيب رئيس الوزراء والجميع يعلم السيناريو الذي جاء فيه “العبادي” وتولى منصب رئيس الوزراء بعد رفض “المالكي” من قبل الدول المهيمنة على تحديد صانع القرار وتوريط الاخير في أزمة دخول داعش وكشف عورة العراق الغربية لتكون مساحة اكثر من ثلث العراق بيد شرذمة العصر داعش الارهابية، وطبعا كان هناك تواطئ كبير من قيادات سياسية في الداخل اختلفت مصالحهم مع المالكي في حينها.
السيناريو هذا تغير ايضا عندما تم تكليف “عبدالمهدي” وهو مثل طفرة جديدة في التكليف حيث خرج الموضوع من تحت عباءة “الكتلة الكبرى” الى مفهوم “الكتلة الأكثر عددا في البرلمان” وحدث ما حدث وتولى السيد عادل عبدالمهدي زمام الأمور وامتطى صهوة جواد الحكومة لكن الصراعات السياسية الداخلية ومطامع الغرب لم تمهله كثيرا واطاحت بالحكومة عن طريق الحركات الإلكترونية التي تحولت إلى سخط في الشارع في أكتوبر من العام الماضي ، ولا ننسى سوء ادارة المؤسسات واخفاق المعنيين في الحكومة ، ونقصد هنا في التعاطي مع ازمة التظاهرات ، وعلى الرغم ان الحكومة كان لها رؤية سياسية واقتصادية وطنية ، لكن كل ذلك لم يسفها وادى الى استقالة الحكومة بعد ضغط المرجعية وفشل ادارة الازمة أمنيا بفعل تدخلات خارجية وداخلية أرادت الحفاظ على مكاسبها القديمة بعيدا عن الحكومة ، وعدم التفريط بمستقبلها السياسي الذي كافحت من أجله كثيرا.
التغيير الجديد الذي حصل بعدها هو تكليف “علاوي” ، الذي اتفق عليه الجميع وان كان “جدليا” لكن الاخير ابتدع بدعة جديدة ومنهجا جديدا وهو تسميته وزراء من غير مشورة من كلفوه وهذا ما رفضته الكتل الكردي والسنية بالتحديد ، مما أعطى مسوغا للكتل الشيعية من رفض المكلف وابراز الكارت الأحمر بوجهه.
استمر الجدال بين الكتل والرئاسة والشارع على التكليف حتى انبرا مجموعة من البرلمانيين الساخطين على كتلهم ليقدموا مقترحا للرئاسة لتفويض وتكليف “الزرفي” ، الذي جاء ميتا قبل ولادته ، لانه جاء رغما عن الكتل الكبيرة المعنية بالترشيح وهذا ما تم رفضه بالشكل القاطع لكي لا تكون سنة يسنها الاخرون مستقبلا ، لاسيما موضوع ان يكون المكلف “بكسر اللام” هو الذي يرشح المكلف ” بفتح اللام” ، واعتبروها سابقة خطير قد تاخذ زمام الامور مستقبلا من يد الاغلبية ، ولكن ” الزرفي” نال دعما صغيرا من الكتل والمكونات الاخرى كعملية لجس النبض منهم لا سيما الغربية التي جاءت اليوم بحلة جديدة خرجت بها من عباءة الاتهام بأنها تابعة لتوجيهات “بائدة او للقاعدة” ، هذه النخبة السياسية اليوم تريد أن تكون مؤثرة في الواقع السياسي ولا تريد أن تكون مدافعة عن مكاسب المكون الذي يمثلونه فقط ، بل تريد ان تكون لاعبا اساسيا في تغيير مفاهيم اللعبة السياسية، وهي سياسة جديدة وتعتبر من متغيرات الوضع السياسي الجديد في العراق ولها تاثيرات كبيرة بمرور الزمن وهي ستكون عاملا مغيرا ومؤثرا في المستقبل.
واستمرت التغيرات بتكليف “الكاظمي” ، والذي جاء مؤثرا (كانه تقليعة جديدة في التكليف) منذ البداية ، حيث كانت المراسم الخاصة بالتكليف مغايرة وغير مسبوقة فكان له منهاجا كانه حفل “تتويج” لا تكليف ، لاسيما حضرته جميع القوى السياسية تقريبا وممثلا امميا ايضا وبحضور السلطتين القضائيتين ، وسابقة سجلت ايضا وهي وجود رئيس وزراء أسبق كل ذلك أشر مؤشرا كبيرا ان الرجل مقبول داخليا وخارجيا “شرقيا وغربيا”، لكن العراق تحكمه قرارات اللحظة فقد تتغير بوصلة القبول عكسا ونعلم ان ذلك مرتبط بالمصالح والمكاسب فهل سنشهد حكومة جديدة ، ام ان الايام تخبأ لنا اشياء اخرى وتغييرات اخرى.
نحن في الاخر كعراقيين نريد نظاما سياسيا تحكمه المبادى والاطر القانونية والدستورية التي لا تحتاح الى التأويلات القانونية اوالسياسية نحن نريد دولة مؤسسات سياسية يحميها الدستورالذي “يراد تغييره ” ، لاننا شعب يحب الثوابت ولا يقتنع بالمتغيرات وهو موروث ثقافي واجتماعي لاننا شعب تحكمة المثل والقيم العشائرية التي لها ثوابت ، هذه هي بنيتنا الاجتماعية لذلك يجب ان تكون كذلك بنيتنا السياسية ثابته ولها عوامل لا تتغير وفق قرارات اللحظة.
# صناعة – القرار- الصحيح – املنا .