عاش العراقيون قروناً طويلة من التآلف والمحبة بين مختلف المذاهب والأديان، وبالأخص بين الشيعة والسنة، وبالرغم من أن اللُّحمة الوطنية ما تزال قوية بين الطائفتين المسلمتين السنة والشيعة، ولكن هناك أجندات ودول جوار من الطرفين تحاول دق أسفين البغضاء بينهما .. ومثلما لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتحمل السنة وزر نظام البعث وسياساته الخاطئة، فإنه لا يمكن أن يتحمل الشيعة الآن وزر السياسات الخاطئة لحزب الدعوة والتي أصبحت تسير وفق منهجية مدروسة لتطبيق التطهير الطائفي في مناطق متعددة من العراق، وتتصاعد كل يوم وتيرة هذه السياسة لتوتير الأجواء وتسميمها وتغذية النزاعات الطائفية التي لم نشهد مثيلها في اسوأ العهود. لا نتحدث هنا عن الصور الطائفية التي تمتد من بغداد إلى محافظات الوسط السنية والتي لن تجدها بهذه الكثرة في الطريق الى مدن الجنوب، مما يدل على إنها توضع فقط بهذه الكثافة على الطرق المؤدية الى محافظات وسطية ذات طابع سني كديالى وصلاح الدين.
وإنما نتحدث عن خطوات ملموسة أشد خطورة من تلك الصور لأنها تشكل نوعاً من التطهير الطائفي لبعض المناطق السنية وقد انتبه أهالي سامراء الى هذا النوع من التطهير المذهبي المتمثل بشراء الأراضي باسعار باهضة جداً حول مرقدي الإمامين الهادي والعسكري عليهما السلام، مما يوسع دائرة التملك من خارج المدينة، وسنة بعد أخرى ومع السياحة الدينية ستختل نسبة السكان وتصبح المدينة أسيرة الأسطوانة أياها من المناسبات والزيارات الدينية.. الأمر نفسه يتكرر وبالخفاء الشديد في محافظة ديالى، إذ يتم نبش الماضي والبحث عن هويات المراقد لشيوخ لم يكن أحد يعرف ماهي طائفتهم أو حتى قوميتهم حتى جاء نظام الطائفية المقيت وقام بتحويط مدينة ديالى ليس فقط عن طريق السيطرات التي ترفع الصور الطائفية، ولكن عن طريق استملاك المراقد التي تم الاستحواذ عليها من قبل الوقف الشيعي ثم توزيع الأراضي من حولها كقطع أراضي لسكن الضباط.. وآخر مثال على ذلك هو مرقد أبو خميس الذي يقع في محيط ناحية بهرز والذي يشتهر بأنه منتزه لأطفال المنطقة أيام العيد، فإذا به بين ليلة وضحاها يصبح تابعاً للوقف الشيعي وتشترى من حوله مئات الدونمات.. إنه سيناريو سامراء يتكرر في ديالى والحبل على الجرار.