22 نوفمبر، 2024 7:41 م
Search
Close this search box.

سياسة التجويع لا تُركع الشعوب الحرة

سياسة التجويع لا تُركع الشعوب الحرة

أن سياسة العقوبات والتهديدات لن تجلب للعالم سوى المزيد من الحروب والدماروالفقر والتجويع ولا تعبر إلا عن الانحطاط الأخلاقي والسياسي التي وصلت إليها بعض الأنظمة ،لان التطورات السياسية والتدهور الأمني في المنطقة والعالم ساهمت في ازدياد عدد الدول الفاشلة، والدول المتجهة نحو الفشل ممّا وفر الأرضية المناسبة للعصابات الارهابية التي تعمل وفق الأجندة الاستخبارية العالمية وبمقايس استراتيجية خاصة وتنتهك كل الأعراف والقوانين الإنسانية من اجل السيطرة على عدة مناطق من العالم العربي خاصة ولايمكن السكوت عنها و يعد من أبطش وأسوأ الوسائل المستخدمة في الصراعات البشرية في القرن الحالي، بل وتعد من أشد الانتهاكات على الإنسان ، وتهديداً صارخاً للوجود الإنساني بغض النظر عن الأدلجة، والمذهبة التي هي وراء تلك العمليات، إن الإنسان كرمه الله تعالى من فوق سبع سماوات ، وانتهك حقوق أخوة الإنسان على الأرض واستخدمه كأداة لتمرير المصالح والسياسات المرحلية وبأسلوب الحصار الاقتصادي الظالم هذه الجريمة البشعة ، تجلت في عدة دول عبر التاريخ وكثير من الشعوب عانت إثر هذه السياسات، فقد تكررت في العراق مثلاً وان المستهدف لم يكن النظام السياسي السابق فقط الذي كان معروفاً بجرمه انما للسيطرة على الثروة النفطية والزراعية وكعملية خبيثة للسيطرة على العقول العلمية .. وكذلك تاريخه وحضارته…. وباختصار تدمير الدولة العراقية.. بالقوة العسكرية ، وفي ليبيا ، وفي السودان ، وفي أفغانستان، وفي الصومال واليمن في ظل سياسة التجويع والموت البطي للتحالف العربي على الشعب اليمني بأكمله والحصار الخانق الذي تجاوز الأربعة أعوام بحرًا وبرًا وجوًا، لا يقضي على جماعةٍ محدد بمفردها ، كما يدعون أعداء الوطن، وإنما يقضي على شعبٍ له تاريخٍ عريقٍ يحتل الألاف من القرون ويختلف بأطيافه الدينية والمذهبية ، وفي لبنان وفي فلسطين، كما في غزة تعيشها الان والكثير من شعوب العالم يحاصرون في شتى بقاع الأرض .

سياسة التجويع للتركيع والانبطاح اتخذتها الأنظمة والقيادات المستبدة ضد الشعوب المختلفة ، فالمصالح تتقدم على الأعراف، والقوانين، فليس هناك مبدأ يُحترم، ولا قانون يُعظّم، او عدم امتلاك الحجة والبرهان فتعلوا بهما، و اتخذت من سياسة المال وكنزه في يدها القوة التي تملك الرقاب، وتذل بها الكبار. شتان بين الدليل والحجة والبرهان الذي يجمع العقلاء والحكماء

واكثر الناس والدول مالا في الغالب أقلهم جمعا للقلوب على القيم والمبادئ، بل المال في كثير من الأحيان أكبر سبب للطغيان والاستبداد والفساد والتي يقول عنها القران الكريم “كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ، أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ ،هناك دول أبية في التاريخ مورست عليها نفس سياسة التجويع حتى تركع للطغاة وأذنابهم، لكنها أدارت أزمتها بمهارة وذكاء، فاستعدت للأزمة قبل وقوعها، وبعد وقوعها قلبت الموازين والطاولة على المحاصرين، وإن كانت الخطورة قوية عليها بالجهاد والتضحية والتاريخ العريق ممتدة وقائمة وهناك شواهد تاريخية كثيرة ، إنها تجرد من كل القيم والمواثيق والعقود المتعارف عليها عالمياً ، إن الحروب لها قواعدها وفق قوانين جنيف وحماية ضحايا الحرب وتستغرب البشرية من صور الضحايا التي فاق في مأساتها الحروب والمعاناة البشرية لقرون عديدة. ”

على واشنطن اذا ما كانت تدعي الانسانية والدفاع عن حقوق الانسان إعادة النظر في مثل هذه الممارسات “لإنها اللعبة القذرة، ولتعلم بأن لعبة الركض وراء لقمة الخبزلن تُخضع الحر “.. نفس اللعبة الحاضرة في العديد من البلدان فشلت بسلاح الصمود والتحدي، وبنفس لغة الخطاب السياسي الأميركي التي كانت حاضرة مع العراق قبل الحرب.. إن تجويع الأطفال والممارسة البشعة بحقهم والهيمنة على أجسادهم الصغيرة والمنهكة من الرمق والضمأ، والإساءة إليه تعني بالضرورة إساءة للامم ولتاريخها ولمستقبلها، وهي أكثر كفرا من الجوع وأشنع من فعل السرقة التي قد تُجبر عليه في غالب الأحيان البطون الخاوية. ولسنا من باب التبرير للسارقين وأفعالهم الخارجة عن النطاق القيمي والأخلاقي والقانوني مهما كانت أسبابها أو دوافعها.

ان دول كثيرة في العالم اصبحت مسستهدفة لانها استطاعت ان تنهض وتبني لنفسها كيانات سياسية واقتصادية وتصبح في حالة من الاكتفاء الذي وفر لشعبها الكرامة ، وجعلها في مصاف الدول المتقدمة ، والسبب واضح ، لقد اختارت هذه الدول قادتها بارادتها ، ولم يفرضوا على ابنائهم رغما عنهم ، وكانت قادرة على مراقبتهم ومحاسبتهم ، وعزلهم حين يفشلون في تحقيق اهدافهم فلا يمكن من ان تستطيع قوة اخرى تفتيت عضدهم وتشتيت شملهم بسهولة كما يعتقد وتغيير مسيرتهم في المضي الى الامام.

التجويع هي اللعبة التي تضعف فيها البلدان التي تبحث عن الحياة للاستيلاء على خيراتها ونهب ثرواتها وليست سياسة لتسقيط الانظمة وان تعرف بأن القوة والحصار والحرب على الشعوب لا يمكن لها أن تحقق أي أهداف سياسية ولا أطماع توسعية وأن الحل الوحيد هو في الحوار والتعايش السلمي ونبذ ثقافة العنف والكراهية والتسوية السياسية العادلة والسلام العادل تحت رعاية الأمم المتحدة واحترام القوانين الدولية .وإدراك حجم التداعيات المؤثرة عليها جراء ذلك وهناك مصالح متعدد متبادلة بين البلدان، وهناك روابط قد تكون اجتماعية و ثقافية وتاريخية وسياسية ومتجذرة لا يمكن استئصالها بهذه السهولة التي يتصورها البعض من قادة البلدان المستكبرة ،لان اللُحمة وأواصر الأخوة والدين أقوى من التشتيت، وهناك مواقف كثيرة سطرت عبر التاريخ لوقوف شعوب مع شعوب أخرى خلال حصارها ، وكان المحرك الأساسي هو الغضب بسبب إهانة الشعوب ، ومن أجل صون الكرامة والحقوق، وإن اختلفت الأديان. والقوميات والاعراف فيما بينهم . ان للشعوب الحق في كل الشرائع والنماويس السماوية والأرضيه الدفاع عن نفسها وكرامتها وشرفها وسيادتها وإستقلالها بكل الطرق المتاحة أيا كانت وكيفما كانت وبكل السبل وبكل الطرق وأينما كان في الداخل او الخارج ومن واجب الامم المتحدة والمجتمع الدولي والمنظمات الانسانية والقنوات والصحف الإعلاميه و مجلس الامن ومنظماتها الاغاثية والإنسانية والثقافية الدفاع عن هذه الشعوب في حال إستمرار الظلم والعدوان والفساد والذل والهوان والتشتت بحقها والوقوف معها والرد على دول العدوان عليها.

أحدث المقالات