23 ديسمبر، 2024 7:32 ص

سياسة البطاطا والكلب

سياسة البطاطا والكلب

في علم السياسة لا يوجد شيء الا وله قصد ومعنى ، فالايماءة السياسية والاشارة واي حركة او كلمة او فعل يقوم به السياسي لا يأتي من فراغ بل هي تفسر عدة تفسيرات ، وعلى الشخص المقابل لذلك السياسي ان يكون نبيهاً ويعرف ما تدل عليه تلك الحركة التي قام بها السياسي ، وكذلك على السياسي ان يستخدم كل ما يمكنه من تحقيق هدفه ،كل هذا طرأ امامي وانا اشاهد وزير الخارجية الامريكي جون كيري قبل فترة وهو يهدي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف رأسين من البطاطا قبل اجتماعهم لمناقشة الملف السوري ، وكما قلنا في علم السياسية لا يوجد حسن النية ولا يوجد من فعل ليس له مغزى ، وحديث كيري عن رأسي البطاطا على انه جلبهما معه من ولاية أيداهو كي يقوم وزير خارجية روسيا بأكلهما وعدم صنع شراب الفودكا والذي يعتبر شراباً وطنياً في روسيا ، وما تخفيه هذه الرسالة التي حملها وزير الخارجية الامريكي الكثير من المعاني على الجانب الروسي ان يفكر بها ويحسب لها الف حساب قبل اي قرار تتخذه روسيا في الملف السوري ، ومن هذه الرسائل هو ان امريكا باستطاعتها ان تنعش صناعة الشراب الروسي الفودكا عن طريق توريد البطاطا الامريكية لهم مقابل لين الموقف الروسي وكذلك ان سلة طعامكم ستفرغ من المنتوج الامريكي في حال عرقلة جنيف 2 وعدم مسايرة امريكا في مشروعها القادم لتقسيم سوريا ، وكذلك تحمل العديد من الرسائل التي لم يغفل عنها السياسي الروسي الذي فسر هذا العمل من قبل الوزير الامريكي بانه اختار رأسين من البطاطا شكلهم مقارب جداً لشكل الجزرة وهو ما لم يرد وزير الخارجية الامريكية ان يجلبه معه وجلب بدلا من ذلك بطاطا على شكل جزرة ووصلت الرسالة واضحة جداً للروس بان ما يحمله كيري هي العصا والجزرة وقدم لهم الجزرة كي يرضوا بها بدلاً من استخدام العصا التي يبدو انه كان يخفيها خلف ظهره وخلال الازمة الاوكرانية الاخيرة والتي حدثت ما بين روسيا من جهة والعالم بقيادة الولايات المتحدة الامريكية من جهة اخرى ، ومن اجل التوصل لحلول لتلك الازمة تدخل الاتحاد الاوربي لفضها وايجاد سبل للخلاص من التوتر الذي بدأ يصل الاراضي الاوربية ، واتخذ الاتحاد الاوربي بعد عدة اجتماعات موقفاً محدداً وهو ارسال اقوى شخصية في الاتحاد الاوربي وهي المرأة الحديدية المستشارة الالمانية ميركل ، وبالفعل ركبت ميركل طائرتها متجهة الى العاصمة الروسية للقاء رئيسها بوتين لوضع حد للصراع الدائر وحل تلك المشكلة من خلال ضغطها على الحكومة الروسية بالاعتماد على قوة شخصيتها وقدرتها العالية على التفاوض ، لكنها وقعت في فخ الروس فتلك الدولة لديها من المؤسسات المحيطة برئيسها والتي توفر له المعلومات والنصائح مما يجعله يتغلب على منافسيه او من يجلس امامه على كرسي التفاوض ، وبالفعل قامت تلك المؤسسات بجلب كلب اسود ضخم واطلقته في الصالة التي يجتمع فيها الرئيسان مما جعل المستشارة الالمانية تتصب عرقا وهي تترقب اقتراب هذا الكلب الروسي الضخم منها وهو يتحسس قدميها مما سبب لها رعباً دفعها الى موافقة الرئيس الروسي على كل مطالبه وانهاء اللقاء والخروج مسرعة من قاعة الاجتماع ، وسبب ذعرها وخوفها هو ان ميركل تعاني من فوبيا من الكلاب بعد تعرضها لعضة كلب وهي طفلة صغيرة مما سبب لها رعباً من تلك المخلوقات تحمله معها حتى بعد ان اصبحت مستشارة لاعظم دولة اقتصادية في العالم ، واذا اردنا ان نحسب النجاح هنا لشخص فهو يحسب للدوائر المحيطة بالرئيس الروسي التي لم تغفل لا شاردة ولا واردة عن الضيف الذي سيقابل رئيسها ومده بمعلومات وان استصغرناها الا انها قد تكون هي الحل لايجاد مخرج للازمات التي تمر بها البلاد ، ولم يستهينوا بالكلب ولعب دور الدبلوماسي والمفاوض وحقق ما مرجوا منه خير من كثير من السياسين الذين يفتقرون للحلول .