23 ديسمبر، 2024 4:29 ص

في الوقت الذي كنت فيه اتصفح مواقع التواصل الإجتماعي واقرأ منشورات التهاني والتبريكات الخاصة بتسنم شخصية عسكرية مهام إدارة قيادة الدفاع الجوي العراقي الدرع الحصين لسماء الوطن ، اخترقت 18 طائرة تركية السيادة العراقية بمسافة 200كم ورمت ما تحمله من صورايخ فوق معسكرات حزب العمال الكردستاني الخصم المباشر لتركيا عسكريًا دون أن يعكر صفو طريقها اي من المضادات الارضية التي يشرف عليها ذلك القائد الجديد . انتهاك بهذا الحجم لم يتم السكوت عنه مهما كلف العراق من ثمن . تم استدعاء السفير التركي من قبل وزارة الخارجية التي سلمته مذكرة احتجاج مع قبلة وعدد من “السيلفيات” لتأكيد حضوره في مقر الوزارة كما فعلها من قبل . كيف لانستدعي سفير دولة انتهكت سيادتنا في أكثر من مرة . طيب .. وماذا عن حزب العمال الكوردستاني الذي يتخذ من العراق مقرًا له ؟ هل بالإمكان استدعاء ممثلًا عنه وتسليمه مذكرة احتجاج مماثلة لتلك التي وضعها الدبلوماسي التركي في جيبه والتي تضمنت
إدانة الحُكُومة العراقيّة لانتهاكات حُرمة وسيادة الأراضي والأجواء العراقية، واعتبرت أنّه مُخالِف للمواثيق الدوليّة، وقواعد القانون الدوليّ ذات الصلة، وعلاقات الصداقة، ومبادئ حسن الجوار، والاحترام المتبادل كما جاء في بيان الخارجية؟ يبذل العراق جهودًا كبيرة من أجل تحصين سيادته حتى لو كان الجاني أميركيًا يرسل طائرة خاصة إلى بغداد من اجل استهداف مسؤول أمني رفيع وضيفه . الحادث الاخير ولد شرارة تتعاظم كل يوم عبر قصف المعسكرات الأميركية التي يثير وجودها جدلًا واسعًا فيما ترفض الفصائل المسلحة في البلاد مكوثها بشكل قاطع . تلك الفصائل لم تكتفي بقصف المواقع العسكرية وإنما تجاوزت حدود ذلك، موجهة نيرانها صوب السفارة الأمريكية التي يجب أن توفر لها الدولة العراقية الحماية الكاملة وهي عاجزة عن تحقيق ذلك ومحرجة من ضيوفها في نفس الوقت . كان للعراق دور كبير في طرد المنظمات التي تشكل خطرًا على الدول الصديقة له او يرى وجودها انتهاكًا صارخًا لسيادته، مثلما حصل مع منظمة مجاهدي خلق المعارضة للنظام في إيران، الامر ولد ارتياحًا كبيرًا لدى بعض الأوساط السياسية الرافضة لكل أشكال انتهاك السيادة العراقية (مثلما تدعي) عبر وجود مثل هكذا منظمات تحاول انتهاكها. في حين انها تدين بالولاء لدول اقليمية . ملف سيادة العراق المنتهكة لم يقتصر على كل ما ذكر سابقًا ، بل يمتد لمواضيع أخرى تتعلق بقدرة الحكومات في البلاد على تنفيذ برامجها الدبلوماسية المتعلقة بعلاقتها مع دول محورية ، إلا أن هذا الأمر يصطدم برغبة أطراف فاعلة داخل المشهد السياسي تمتلك اذرعًا مسلحة احرجت الحكومات المتعاقبة أكثر من مرة عبر انتهاكها لسيادة البلاد التي أصبحت “خان جغان” وما يزال الجميع ينادي بالسيادة ولا حياة تدب في سيادتنا المتوفاة أصلًا. ختاما تذكرني السيادة العراقية بقصة بيت يقع في احدى القرى يمتهن أفراده السرقة، كلما فُقد شيء في تلك القرية يذهب صاحبه إلى ذلك البيت للبحث عنه فيقولون له “فتش” اي عليك البحث عن ما تريد كي تطمأن وتبعدنا عن دائرة الإتهام، هذه الكلمة تتيح للمسروق التجوال في كافة مرافق البيت بحرية تامة من أجل إيجاد ضالته مثلما تخرق دول العالم سيادة الوطن بحثًا عن ما تريد دون أن تحتاج حتى إلى كلمة فتش.