هناك انتصار للدبلوماسية العراقية، وهناك نقلة مفصلية ستغير مسار السياسة في العراق، وربما ستجعله قطباً من الأقطاب الاقليميين على الاقل. نتيجة مهمة خرج بها المفاوض العراقي، استدعت التصفيق والتهليل لأنها ستدعم السيادة المفقودة منذ أكثر من 20 عاماً. ظننا أن سقوط صدام حسين سيكون نهاية لكل المعضلات التي جلبها علينا، وأن الحصار الاقتصادي سيُرفع الى الأبد بحنان امريكي، لتنتعش الآمال ومعها حياتنا اليومية التي اظلتها الكآبة، فتبيّن أن ما زرعه صدام حسين لن يتم قلعه بالسرعة نفسها، لذلك تم تقسيط علاج سنين طويلة من الالم رهناً بإرادات فرضها علينا القانون الدولي، الشديد مع الضعاف المساكين والخانع أمام المنتصرين.
لولا عطف الكويت لظل الفريق السياسي العراقي يراوح مكانه، ربما بسبب الاجواء السياسية المتلبدة في الجارة الجنوبية أبدت الإمارة التي تحمل آثار غزو قبل 23 عاماً تغييراً مسالماً في موقفها المتشدد. على العموم، التشدق والانتفاخ بسبب هذا النصر يجب ان لايزيد عن حدوده، لأن الناس تنتظر تطوراً في حياتها يناسب مستوى دولة ذات سيادة كاملة. وإلا فلن يكون لهذا الانجاز معنى في حياة الأعم الأغلب، فهم عاشوا أجواء عصيبة منذ أكثر من 30 عاماً، وآخر همهم انجاز بروتوكولي. ما زال الجو الاقليمي معادياً للعراق، وان اي محاولة للتقدم ستواجه بمعرقلات لاتنتهي، وما يدور في الجوار فتنة عمياء مجنونة، تستلزم قوة دبلوماسية تتعدى الزيارات والخطابات.
سيادة العراق اكتملت بالتقسيط، وكذلك استقلالنا الاول الذي حصلناه بعد 12 عاماً من تتويج فيصل الأول ملكاً. تم تشكيل مجلس الحكم فقيل انه حصول على السيادة، شكلت حكومة علاوي الانتقالية برعاية أممية أمريكية فتم الاحتفال بنيل السيادة، تمت الانتخابات وأقر الدستور فاُعلن العراق بلداً ذا سيادة، تم توقيع اتفاقية أمنية مع المحتلين فتكرر اسم السيادة، جلا الامريكان فحصلنا على السيادة، وأخيراً انتقلنا من الفصل السابع الى السادس فاكتملت السيادة. ربما هناك أجزاء وأشكال أخرى للسيادة لانفهما سنباغت بها قريباً، وربما ستعلن الحكومة يوماً ان تدهور الأمن والخدمات بسبب نقص في استقلال العراق. المهم أيها السادة، السيادة عمل على الواقع نطالب أن تنجزوه بسرعة.