17 نوفمبر، 2024 7:29 م
Search
Close this search box.

سيادة القانون

و نحن في ذروة المعارك العسكرية التي تخوضها قواتنا المسلحة الباسلة و من يساندها من العراقيين بتحرير أخر المدن المحتلة من قبل الجماعة الإرهابية داعش ، يعيش شعبنا العراقي أعلى حماسته في مساندة ومؤازرة هذه العمليات فضلا عن ارتفاع مستوى الوفاق المجتمعي و السياسي بقدر مميز ، إلا أن ما يطرح حول ما بعد المعارك جدير بالتفكير و العمل ؛ فالأحداث المزرية التي وقعت في حزيران 2014 هي في بعدٍ مهم منها ، نتيجة طبيعية لغياب سيادة و حكم القانون ، تمثل هذا بإشكال و مستويات مختلفة ، و حتما أن عدم معالجة هذا الأمر بشكل جدي مدعاة لمخاطر تنتجها الخلافات الحتمية لمرحلة ما بعد معارك التحرير 
تتمثل مخاطر ما بعد التحرير بالأبعاد الحقوقية الشخصية و العامة ، و هذه الحقوق على الرغم من اختلاف أصنافها سواء سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية كانت ، الفيصل في تصنيفها و البت بأمر العدل فيها هو للقانون الوطني ، و القانون هنا سواء كان في منطقته التشريعية أو القضائية أو التنفيذية يشكل عصب المعركة التي تلي المعارك العسكرية ، فالإرهابيون الذين يجب مقاضاتهم ينبغي أن تساند المحاكم و المؤسسات القضائية المختصة تشريعيا و تنفيذيا من أجل القيام بواجبها ، فهذه المؤسسات تضطلع و ستفعل ذات الدور الذي تقوم به القوات المسلحة في  جانب و مرحلة من مراحل عملية التحرير ، و هكذا على المؤسسة التشريعية أن تدرك واجبها فيما يرتبط بالحدود الإدارية للمدن و بتشريع قوانين منظومات و حزم القوانين العدل المفترضة ، فيما تتولى السلطة التنفيذية بالإضافة إلى أعمال إعادة الأعمار ، و إعادة السكان إلى مدنهم مهام تنفيذ القوانين و الأوامر و القرارات القضائية .
عملية سيادة القانون مهمة شاقة و هي تمثل الجهاد الأكبر في حرب التحرير المفترضة ، فالجماعات الإرهابية لا يشكل البعد العسكري في مكافحتها إلا جزء معين ، فيما تمثل الحقوق الوطنية الأجزاء الأهم في تحرير الإنسان و صيانته من البيئة السلبية لنشوء التطرف الديني و حركات الاحتجاج و الغضب المسلح . 
فمثلما نجحت قواتنا المسلحة في تجاوز منطق المكونات و انطلقت تضحي و تجاهد برجالها الذي اجتمعوا من كل أرض الوطن لتحرير كل أراضي الوطن المحتلة ، ينبغي أن يتعالى القانون الحاكم إلى مقام الوطنية ، فينظر للعراقيين كمواطنين لهم ذات الحقوق و عليهم ذات الواجبات في أي مكان كانوا من أرض الوطن ، و هذه مهمة لا ينبغي أن تقال أشعار و أغاني و خطابات ، بل عمل حقيقي و جاد. 

أحدث المقالات