كمعارض للعملية السياسية في العراق وبحكم التجربة مع من حكموا بعد العام 2003 أقولها جازما أن لاسيادة ولاديمقراطية وماتعنيه من مفردات الشفافية في المعلومات وحماية حقوق الانسان ستتحقق سواء بمصطفى الكاظمي أو غيره طالما أن تشكيل الحكومة يأتي من توافقات الأحزاب والكيانات الحاكمة. يبدو أن الولايات المتحدة تُمنّي النفس بشخصية تخرج من غبار المنطقة الخضراء وهو تمنّي مُستهلك للوقت والجهد. نحن نتحدث عن القيم الديمقراطية ومصالح متبادلة ومشتركة بين دولة ضعيفة ممزقة وفاشلة في مؤسساتها يُفترض أن يكون لها دور مهم في مستقبل الشرق الأوسط بعد وباء كورونا العالمي وهي فرضية حتمية لابد من التعامل مع واقعيتها لتصحيح مسار العملية السياسية في العراق الجديد بعيدا عن كل الوجوه التي جاءت بعد العام 2003. كان يفترض أن يكون عادل عبد المهدي رئيس الحكومة المستقيل هو الأقرب الى التصور والطموح الأمريكي في مواجهة التغلغل الايراني وقد أثبت أنه لايختلف عن قيس الخزعلي في عداءه للولايات المتحدة ، ليس لأن عبد المهدي رجل وطني تهمّه السيادة العراقية إنما هي جزء من تبعية العقل الشيعي العراقي المهزوم والفاشل. هذا لايعني أن شيعة العراق على نفس شاكلة عادل عبد المهدي، والخيارات التي رست عليها الولايات المتحدة شأنها شأن من سبق في رئاسة الحكومة العراقية. إن مخاضا قاسيا عاشها الكثير من العراقيين الشيعة أسوة بالسنّة الذين فتحوا أبوابهم للجماعات السلفية المتطرفة وكان من نتائجها كوارث على منطومتهم الاجتماعية والادارية ، مدينة الموصل شاهد حي على ما أقول، لانريد لشيعة العراق أن يمروا بنفس مأساة السنّة إنما نختصر الطريق عليهم وقد إستفادت شخصيات شيعية من قسوة الظروف التي مرت بها العملية السياسية من خلال مؤسساتهم الحزبية والدينية الموبوئتين بوباء الفسادين المالي والاداري والعمالة الى إيران.
مالذي أتوقعه من مصطفى الكاظمي؟
أنا شخصيا لأ أعول على أية شخصية من المنطقة الخضراء في عملية التغيير وعودة العراق الى المنظومة الدولية وإبعاد شبح المخاطر عن المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية. مثلا الحشد الشعبي يعتبر خط احمر بالنسبة الى شركاء العملية السياسية فهو مصدر قوتهم وبقاءهم في السلطة. حتى لو تم دمجه بوزارتي الداخلية والدفاع وهو إختراق أخطر من بقاءهم مستقلين إداريا. أذكر عام 1994 وبحكم عملي في تلفزيون هيئة الارسال العراقية في مصيف صلاح الدين حيث مقر المعارضة العراقية إلتقيت بعز الدين سليم أحد اعضاء مجلس الحكم الانتقالي في ادارة بول برايمر( رجل حزب الدعوة في إيران ) وكان حينها مصطفى الكاظمي هناك بحكم الصدفة سمعت بهذا الاسم وعرّفني عليه عز الدين سليم وحين سمعت بخبر تكليف الكاظمي بتشكيل الحكومة خلفا لعادل عبد المهدي من قبل الرئيس برهم صالح عادت ذاكرتي الى الخلف أن مصطفى الكاظمي لابد من التابعين او المنتمين الى حزب الدعوة ولاننسى أن تعيينه رئيسا لجهاز الأمن الوطني جاء في إدارة حيدر العبادي ، ولاتهمني جنسيته المكتسبة البريطانية أو الامريكية فهؤلاء يمتلكون أساليب الخداع والتضليل ولهم وجوه متعددة ، كلنا نتذكر نوري المالكي حين قدّمت له إدارة الرئيس جورج دبليو بوش كل وسائل الدعم والاسناد لانجاح مهمته وفي نهاية المطاف تحول المالكي الى عدو لدود ضد المصالح الامريكية وحليف مهم لمحور المقاومة الذي تقوده إيران. علامة الاستفهام حول حزب الدعوة او الاحزاب الاسلامية لماذا هذا التعامل معها في منظومة الشراكة مع الولايات المتحدة؟
ماذا نحتاج؟
نحن بحاجة الى رؤية وستراتيجية جديدة من خارج تلك الاحزاب وفي تصوري يجب اخراجها من معادلة العراق الجديد. كيف ومتى ؟ هنا تكمن أهمية ملف الاحتجاجات المدنية وخلق تيار ليبرالي معارض ، العراق بحاجة الى نموذج جديد من الديمقراطية ليس بالظرورة التعددية فقد خلقت فوضى سياسية انما حسب وجهة نظري نظام ديمقراطي يرتكزعلى الدستور والحقوق المدنية وبقيادة أحادية او ثنائية وليست بهذا النموذج الممسوخ لمفهوم التعددية السياسية. مجتمعاتنا تحتاج الى تجارب وعقود من السنين لاستيعاب مفاهيم التسامح وفصل الدين عن الدولة.لقد قلت سابقا وأعيدها هنا أيضا أن رئيس الجمهورية برهم صالح كان بمقدوره اختصار الزمن من خلال ترشيح شخصية من خارج العملية السياسية وفي نفس الوقت يطلب من الولايات المتحدة تفعيل اتفاقية الشراكة الستراتيجية للدفاع عن الديمقراطية وسيادة العراق من تدخل إيران لكنه أضاع فرصا مهمة في هذا السياق والمتزامن مع التظاهرات المستعرة في مدن العراق قبل انتشار وباء كورونا العالمي. سيناريو مصطفى الكاظمي سيفشل. عاجلا أم آجلا.
رفعت الزبيدي/ كاتب واعلامي مستقل.