18 ديسمبر، 2024 5:56 م

سيادة الرئيس الدكتور برهم صالح المحترم

سيادة الرئيس الدكتور برهم صالح المحترم

لا احد يشك في صدق نواياك واسهاماتك الجاده لبناء عراق أمن موحد ومزدهر. لقد قرأت مقالتك الأخيره والمنشوره في صحيفة Foreign Policy الواسعة الأنتشار وردود الافعال المؤيده والمعارضه وأعدت قرائة النص الانكليزي بتمعن عدة مرات محاولا فهم توجهاتك الأنيه والمستقبليه. وخرجت بمحصله ان المقاله تحوي في جزئها الاول ( (Paragraphs 1-7تحليلات وافكار معمقه لواقع البلد خلال العشرين سنه الماضيه. ويكاد يتفق معك الى حدا ما اغلب القراء والمحللين بما ادليت به في هذا الجزء من المقاله. فالخوف والشك والريبه وتجارب الماضي الرهيبه والتدخلات الخارجيه وضعف الحوكمه كلها عوامل عطلت عجلة التقدم الى وانتجت نظام حكم ضعيف ودستور يحوي في طياته الكثير من المعرقلات والتناقضات وهو بحاجه ماسه الى اعادة صياغه. ولله الحمد رغم الخلافات الحاده لم تصل الأمور يوما ما حد الاقتتال بين الكتل السياسيه الحاكمه .والخلافات رغم ضراوتها احيانا سرعان ما تحل عن طريق الحوار المضني وقد حافظ الجميع دون استثناء على وحدة البلد وسيادته وهذه سابقه تسجل لكل الكتل السياسيه.
لا يختلف اثنان على ما تضمنته المقاله في جزئها الاول ولكن التباين والخلاف يقعا في الجزء الثاني من المقالهParagraphs 8-11) ) راجيا أن يتسع صدرك لما أدلي به من ملاحظات سيما وان هدفنا واحد هو عراق امن موحد ذو سياده يتساوى به الجميع بالحقوق والواجبات:
أولا: ان الدعوه الى تحويل النظام البرلماني الى نظام رئاسي وأنتخاب رئيس الجمهوريه مباشرة من قبل الشعب وتمتع الرئيس بصلاحيات دستوريه واسعه (مشابه لصلاحيات الرئيس بايدن, بوتن, او اردوكان ) هي فكرة رائعه تروق للغالبيه العظمى من أبناء الشعب وتعطي للرئيس المنتخب حريه واسعه في التحرك والبناء والتغيير دون ضغوطات. ولكن وكما تعرف هذا لايروق لقادة الكتل الاصغر خصوصا أذا انسحب ذلك على انتخاب رئيس البرلمان وأختيار الوزراء. والجدل سوف يستعر حول دكتاتورية الكتله الاكبر وتفردها بالسلطه علما بأن الساسه العراقيين لم يغادرو بعد فكرة المحاصصه المقيته والأصرار على المشاركه بالسلطه التنفيذيه على الأقل.
ثانيا: ان فكرة انشاء مجلس اعيان او مجلس شيوخ الى جانب مجلس النواب فكره رائعه ايضاعلى ان ينتخب أعضاء مجلس الأعيان جميعا مباشرة من قبل الشعب ممن لهم خبره اداريه وسياسيه واسعه وشهادات علميه مرموقه. وتعطى المحافظات عددا من الأعضاء يتماشى مع عدد نفوسها على أن لايزيد العدد الكلي عن مائة عضو في كل الأحوال والأفضل ان يصحب ذلك تخفيض في عدد اعضاء مجلس النواب بنسبة لا تقل عن 15% .
ثالثا: ان المحافظات الكورديه اوما يطلق عليها كردستان العراق هي جزء اساسي لايتجزء من الدوله العراقيه وليست ندا الى بغداد التي تمثل رمز وحدة العراق وسيادته. وللمحافظات الكورديه حقوق وواجبات غير منقوصه حالها حال بقية المحافظات في ارجاء البلد الواحد الموحد, لها مالها وعليها ما عليها والنظام اللامركزي الذي تدعو له يجب ان يطبق على اساس المحافظه الواحده وليس على اساس المكونات والأثنيات وهو كفيل بالحفاظ على خصوصية كل محافظه على حده واعطائها كافة الصلاحيات بسن القوانين المحليه على ان لا يتعارض ذلك مع القوانين التي تقر من قبل السلطات التنفيذيه والتشريعيه والقضائيه الفدراليه في بغداد العاصمه.
رابعا: الدعوه الى التفكير بترتيبات كونفدراليه وكما اسميته A new confederation arrangement هي دعوه جدليه والكوفدراليه على اساس المكونات تقوي الولاء الى الاقليم وتضعف الولاء للدوله الموحده, وبمرور الزمن تبرز دعوات الأنفصال وتتقسم البلاد الموحده الى دويلات متناحره يصعب التكهن بما تؤول اليه الأمور. وكما تعرف ان الدعوه الى الكونفدراليه أدت الى حرب أهليه طاحنه دامت اكثر من اربع سنوات داميه بين ولايات الجنوب الأمريكي والولايات الشماليه الأمريكيه راح ضحيتها عشرات الألاف من الشعب الامريكي. وبأنتصار الشمال الفدرالي على الجنوب الكونفدرالي قبرت الى غير رجعه الدعوات الى الكونفدراليه وساد بعد الحرب الأهليه النظام الفدرالي واسس اقوى واعظم امبراطوريه عرفها التأريخ. وأعتقد جازما بان لا جنوب العراق ولا وسطه او غربه يميلون الى فكرة الكوفدراليه والجميع يرحب بنظام فدرالي موحد شبيه بنظام الولايات المتحده الامريكيه على اساس المحافظات وليس على أساس المكونات الأثنيه أو الطائفيه.
خامسا: السطور الاخيره التي ختمت المقال غير موفقه وأكاد اشك بان أختيار المفردات الجارحه قد تم من قبل المحرر او المنقح. فمفردات مثل kleptocracyوتعني حكومة اللصوص و oligarchy وتعني حكم مجموعه من الانتهازين واصحاب المصالح يتفقوا لنهب خيرات الاخرين وتقاسمها فيما بينهم, تلقي بضلال الشك على المقصد السامي من وراء كتابه هذا المقال. ولا ادري أن كانت هذه الاوصاف تنطبق على كل رفاق الأمس القريب أم تشمل فقط مجموعه فاسده اندست بين الأخيار وعاثت في العراق فسادا؟ التعميم غير محبذ سيما وان سيادتك كنت في الامس القريب رئيسا للبلاد تتمتع بكافة الأمتيازات والمنافع التي شرعنها (أصحاب المصالح الضيقه), ومن الجدير ذكره هنا بأن الراتب التقاعدي لرئيس الجمهوريه العراقيه يزيد على الرواتب التقاعديه للمستشاره ميركل والرئيس الفرنسي اولاند ورئيس الوزراء البريطاني مجتمعين. اي ان مجموع الرواتب التقاعديه التي يتقاضاها الثلاثه المذكورين اقل مما يتقاضاه رئيس واحد للجمهوريه العراقيه. ولا اعرف ماذا يدعى هذا ؟؟ ولم اسمع او أقرء ان احد رؤساء العراق قد تخلى عن راتبه التقاعدي.
وفي الختام اكرر احترامي لشخصك النبيل وأثمن عاليا ما قدمته لخدمة العراق وأن أمكن ايضاح أن كان محرر المقاله أو المنقح قد اجرى بعض التعديلات على بعض المفردات والأفكار دون علمكم.
وفقك المولى العزيز وسدد خطاك لخدمة بلدنا المعطاء وتقبل فائق الشكر والأحترام
[email protected]