18 ديسمبر، 2024 8:44 م

تعجز عن الوصف، وتحاول أن تعبر عن إعجابك، بكلمات من خيالك : ” عبالك أوربا”، مع أنك لم تزرأية دولة من دولها، لكن المكان الذي سافرت اليه، حرك لديك مشاعر مكبوتة، تفتقدها في بلادك، لعل أولها : الأمن، الذي تحسه من دون جلبة، وصفارات، وزحمة طريق لدواع أمنية، ربما تثيرفي داخلك حالة من الخوف والإضطراب، بدلاً من الإطمئنان، ثم يأتي  النظام ثانياً في سلسلة أفكارك، والذي يسود من دون رقيب أو حسيب، لأنه تحول الى ثقافة، فيما يشكل الرقيب في وطنك أول العابثين به.
وتنعقد في ذهنك، مقارنات مشتتة، مع تساؤلات تكتنفها الحسرة : لماذا نتراجع وتتقدم الدول الأخرى، حتى تلك التي كنا يوماً ما حلمها الى المستقبل؟ .. العمارة، المرافق السياحية الخلابة،   شبكة الطرق، وسائط النقل، النظافة، أنها مظاهر طبيعية، بلا شك، لكنها مفقودة في بلادي.
في جلسة، جمعتني بعدد من المغتربين العراقيين، الذين جاءوا من بقاع متنوعة، ليزوروا أهليهم، ويلتقوا بأصدقاء الأمس، أحاديث كثيرة دارت عن البلدان التي يقطنوها، فيما لم يجدوا في حنينهم الى الوطن سوى ” الدولمة”، و” القوزي”، و” السمك المسقوف”، و” الباجة”، لكن أحدهم طرح فكرة مغايرة لهدف الزيارة، مقترحاًعلى أصدقائه، أن يضعوا برنامجاً للتواصل، يكون مقره العراق، شجعني مقترحه، وكنت أظن أن المائدة الطويلة من المأكولات، ربما أوحت اليه بالفكرة، لكن ما راودني كان أكبر، أنه التعبير عن المواطنة، بما تختزنه من مكان وزمان، وعلاقات تقطعت أوصالها في الشتات، والتأمت على أرض الوطن، لتعيد في النفوس بعض أوشاجها، بيد أن تطلعات رجل مثلي، خاف الغربة، وعاش آلآم الوطن، للدفاع عن رؤيته، في حمل همومه، من المهد الى اللحد، خابت، وأنا أسمع سر مقترحه، الذي قطع سلسلة أفكاري، قال : إننا بحاجة الى لحظات إستراحة، من الإلتزام، والنظام، والقانون، لنمارس سياحة الفوضى، التي لانجدها الاهنا، وأخذ يستعرض جانباً من المخالفات التي يرتكبها بسعادة، وكأنه يعبرعن حالة الحرمان، في وطن تسود فيه الفوضى، لكن فاته أن هذه الفوضى قد تكلفه حياته، وسط زحمة الفوضويين.