إحدى المميزات التي يتمتع بها المجتمع العراقي ” ولا نزعم بأنّه منفردٌ في ذلك عن مجتمعاتٍ أخريات ” , أنه بوسع الكثيرين ” إذا لم نقل جميع ابناء هذا المجتمع ” إمتلاك القدرة الذاتية والفطرية لإستقراء قسماتِ وملامح أيَّ شخصٍ يقابلوه او يرون صورته ” في الإعلام ” للمرةِ الأولى , وغالباً ما تكون الإنطباعاتِ الأولية لإستقراء قسمات الوجه والملامح الشخصية للشخص ” المذكور ” صحيحة الى حدٍّ ما , وقد تخطأ تلك القراءات او الإستقراء الى حدٍّ ما ايضا , ولأجلِ اعطاء صورة مُبسّطة للغاية في ذلك , فمن السهولة على ابناء العاصمة او بعض المحافظات , في اكتشاف شخصية المرء الريفي الأصل مهما ارتدى اغلى الماركات الأجنبية في لباسه ومن قبل أن يتحدّث < مع كلّ الإحترام والتقدير لمواطني الأرياف والقرى وسواهم , ومن المعيب التمييز بين مواطنٍ وآخرٍ على هذا الأساس > , كما أنَّ هنالك شبه اعتباراتٍ اخرى ” في عملية الإستقراء الأولية ” تشير وتدل بأنّ ملامح الكثير من الناس توحي بأنهم من المحافظات الجنوبية , والعكسُ واردٌ احياناً او ايضاً ” , ونذهبُ هنا الى اكثر من ذلك , فبوسع الكثيرين ” من ابناء العاصمة ” تشخيص الكثير من مواطني المناطق الشعبية بناءً على مؤشراتٍ او اعتبارات تتعلّقُ بقسمات الوجه وملامح المنظر العام وما الى ذلك , ودونما إدعاءٍ أنّ مثل ذلك قد يصح بنسبة مئةٍ بالمئة , ولا يعني ذلك مطلقاً أنَّ مَنْ يقطنون الأحياء والمناطق غير الشعبية بأنهم يمثّلون الصورة المتحضّرة او المتمدّنة , فهنالك تداخلاتٌ متباينة ايضا بين هذه وتلك . يؤسفنا ” هنا ” القول والى حدٍّ ما , بأنَّ كلَ ما جاء في اعلاه من إيجازٍ مطوّل , فأنه ليس سوى مقدّمة تمهيديّة و تهيئة فكرية اوّلية لما هو أشدُّ ايجازاً واكثر أهميّةً .! : – فمنذُ انبثاقِ او بالأحرى منذ عملية ” إنجاب ” ما تُسمّى جُزافاً بالعملية السياسية ! < وسواءً كانت عملية الإنجاب عبر انبوبة تلقيح او سواها مما لا يصحُّ ذِكره ! > , فأنَّ معظم صور ساسة وقادة وسادة احزاب السلطة المتسلّطة , فأنها < وِفقَ قابلية الإستقراء الفطرية والموضوعية لمواطني المجتمع العراقي , واكثر من ذلك ايضا وِفقَ المحسوس والملموس > , فصور تلكم الساسة ” التي وكأنها مستوردة خصيصاً من سوق النّخاسة ” , فأنها ” بتاتاً ” مجرّدة بالكامل والمطلق من اية كاريزما اجتماعية وسياسية وغير ذلك كذلك , بل كذلكَ ايضاً فأنَّ صُوَرَ اولئك الساسة ” منْ زواياً سيكولوجية وسوسيولوجية ” فهي تعطي الإنطباع الأوّلي والسريع بأنّ بعضهم ذو طبيعةٍ AGGRESSIVE – شرّانيّه او عدوانية , وبعضٌ آخرٌ توحي ملامحه ” بدرجةٍ عالية ” أنهم من الشخصيات الفاقدة للشخصية وذو كيان غير متّزن ” , والكثير منهم من عديمي الثقافة والذوق الإجتماعي العام . ولمْ يلمس المجتمع العراقي عن كثب أنَّ ايّاً ممّن جرى إيلاجهم في العملية السياسية , يمثّلون رجال دولة , والى ذلك فمن غير المفهوم ولا المهضوم كيفَ لسياسيٍّ لمْ يتدرّج ولم يعمل طوال حياته في اجهزة ووزارات ومؤسسات الدولة , ثمّ ” وبقدرةِ قادر ” يصبح وزيراً , وخصوصاً في وزاراتٍ سياديّة , او اخرى من الوزارات المتخصصه الأخرى .! وقد كان ينبغي او من المفترض أنْ تقوم مؤسسات استطلاع الرأي ” المحلية والدولية ” بأحصاءاتٍ ما او عمليات استبيان رأيٍ في مناطق مختلفة من البلاد بغية التعرّف على آراء وانطباعات المواطنين على ساسة وقادة العملية السياسية ! بالرغمِ منْ أنّ بعضهم قد فضحَ البعض الآخر منهم في وسائل الإعلام المختلفة , كما أنَّ مَنْ إطّلعَ على كتاب < ما لم يذكره بريمر في كتابه > سيجد وصفاً دقيقاً لإنطباعات ” بول بريمر ” عن سياسيي ما بعد الإحتلال , على الرغمِ منْ أنَّ آراء وانطباعات المواطنين عبر هذه السنين , هي ادقّ وصفاً من توصيفات الحاكم الأمريكي .. ثمَّ ما نشهدهُ منذ وقتٍ عن الفاسدين والمفسدين وفسادهم , وما يجري الآن من صراعٍ على السلطة , فهو ابسط وليس اقوى دليلٍ على ما مرَّ ذكره ..