لا قيمة لأي بيت يسكنه أهله أذ لم يكن للدار باب يغلق عليهم حتى يعيشوا حالة الطمأنينة والاستقرار النفسي والمعنوي,وقوة البيت تأتي من قوة المفتاح ,وقيمة المفتاح تأتي لأنه الشيء الوحيد الذي من خلالها يستطيعون من في البيت الدخول والخروج دون أذى وبسلام ,كذلك الحال ينطبق على المدن الحصينة بقلاعها ,والأسوار الشاهقة الارتفاع كالجبال العملاقة عندما ينظر اليها تراود الناظر أفكار غربية وعجيبة تتلخص في كيفية الدخول أليها وهي محصنة من جميع أركانها ,وموزعة عليها نقاط الرصد لاقتناص كل من تسول له نفسه اقتحامها ,قوة القلاع الحصينة هي بمن يؤتمن على باب القلعة ,وأتمانه يتجلى بنزاهته وشرفه وتضحيته وصدقه وثوابته مستقيم لا يتأثر بمغريات الحياة وملذاتها ,بعيدة عن الوساطة والمحسوبية والمنسوبية ,فبه وبأمانته على الباب ,تصان الأرواح والأعراض والمقدرات وتسلم المدينة من سطوة الأعداء ,فالباب لا تعني من حيث التعبير أنها باب الدخول والخروج وإنما باب ألأمان لدولة مسؤولة عن سلامة مواطنيها ,فعندما أراد الصينيون القدامى أن يعيشوا في أمان؛ بنوا سور الصين العظيم .. واعتقدوا بأنه لا يوجد من يستطيع تسلقه لشدة علوه، ولكن..!خلال المائة سنة الأولى بعد بناء السور, تعرضت الصين للغزو ثلاث مرات!وفى كل مرة لم تكن جحافل العدو البرية في حاجة إلى اختراق السور أو تسلقه..!بل كانوا في كل مرة يدفعون للحارس الرشوة ثم يدخلون عبر الباب ,لقد انشغل الصينيون ببناء السور ونسوا بناء الحارس ..!فبناء الإنسان .. يأتي قبل بناء كل شيء ,هذه هي المعادلة التي سيتسنى لنا بها الدفاع عن بغداد ,الأمان لا يأتي دون أن يكون هنالك من يقدمون دمائهم مسترخصين حياتهم ,ثابتون صامدون يتسابقون لنيل الشهادة ,وهذا ماحدث فعلاً وبغداد محاطة بأسوارلا نراها ,أسوارها أبناؤها الذين تركوا الغالي والنفيس وهبوا للحفاظ عليها ,فهم مفاتيحها التي عجزت كل المؤامرات والسيناريوهات في اقتحامها دون جدوى ,لم تنفع وسائل الأغراء المتبعة في فنادق الخمسة نجوم ,دعونا نعيش بسلام ووئام ,فدماؤنا لازالت خضراء تروي بساتيننا ,ولازال الشهود يرون حكايات أروع من حكايات ألف ليلة وليلة,انها حكايات صمود وتحدي وإصرار وعزيمة في.
ان البقاء والعيش المشترك هو الضامن الوحيد لهذا الشعب المثخن بالجراح ,وأن أسوار العاصمة باقية شامخة لم ولن تخدش عفة طهارتها مادام هنالك رجال وليس أشباه رجال .