27 ديسمبر، 2024 8:49 ص

سور بغداد وتناقض الحكومة

سور بغداد وتناقض الحكومة

كان تبرير الخبراء الامنيون بشان قرار قيادة عمليات بغداد ببناء سور حولها على انه اجراء احترازي وامني يحمي العاصمة من الخروقات التي قد تحدث مع بدء تحرير مدينة الفلوجة التي ستشهد وفق تصريحات متضاربة عمليات عسكرية تتطلب دفع قوات اضافية تستوجب معها سحب بعض القوات من بغداد، الامر الذي استدعى المضي بتطبيق هذا الاجراء الذي سبق لاميركا تبني فكرته العام 2007 لتحجيم اعمال العنف وتطويق الاقتتال الطائفي انذاك.

القرار الذي اثار جدلاً بين الاوساط السياسية سيما السنية منها على اعتبار ان مناطق حزام بغداد ذات الغالبية السنية ستكون اكثر المتضررين منه، بالرغم من البعض قد اشار الى ان خطة اميركية تحاك من اجل السيطرة على بغداد واعادة السيطرة على مراكز القوة فيها، سيما بعد استفحال الميليشات التي باتت تحس بخطر القضاء عليها وسحب البساط من تحتها اثر الضغوط الاميركية الاخيرة الرافضة لمشاركتهم في عمليات تحرير الانبار والموصل، الا ان هناك راي اخر يذهب الى ان الشيعة والحكومة تحديداً تريد ان تفرض سيطرتها على بغداد بعد ما ان اصبح سيناريو التقسيم واضح المعالم وبغداد لن تستثنى منه بل ستكون مركز الصراع القادم.

والغريب بالامر التناقض في التصريحات، فالعبادي الذي سبق له ان اصدر بيان اكد خلاله إن بغداد عاصمة كل العراقيين، ولا يمكن أن يكون هناك جدار أو سور يعزلها أو يمنع مدنيين آخرين من دخولها، عاد بعدها ليدافع عن اقامة هذا السور، كرد على تصريحات اتحاد القوى التي اعتبرت الهدف منه اقتطاع أجزاء من الأنبار، وضمها إلى العاصمة وبابل، ليعود وزير الدفاع خالد العبيدي بتصريح اخر اكد فيه ان القرار كان ملتبساً للعديد من القادة، ووفقاً لهذه التصريحات فان القائد العام للقوات المسلحة ووزير دفاعه لا يعلمان ما يجري على الارض من خطط، الامر الذي يجعلنا امام سؤال من يقف وراء هكذا قرارات خطيرة.

وبالعودة الى الخطة التي رسمتها الحكومة او اياً كانت الجهة، لهذا السور الذي سيكون حصيناً من الجهة الشمالية والغربية والجنوبية، فيما يترك الجانب الشرقي منه دون جدار، مثيراً للاستغراب، وكأن الحكومة تريد ان تعطي انطباعاً ان المناطق السنية هي مصدر الخطر سواءً على بغداد او المناطق الجنوبية التي استثنت حدودها دون الفصل الطائفي الذي سيكون وان تفاتت الاسباب والمسببات، مصدراً للمساومة والضغط لمناطق تمر بظروف قاهرة خاصة مع اشتداد المعارك بين القوات الامنية وتنظيم داعش الارهابي، وهو امر ستترتب عليه الكثير من التداعيات التي ستستغل من قبل اطراف عديدة معروفة النوايا والاجندات، سيكون الخاسر فيها المواطن الذي سيختبر ظروفاً واجراءات ستكون مكملة لمثيلاتها بحجة القضاء على داعش ..