اعرفُ ان كثيرين لن يستهويهم مضمون عمودي لهذا الاسبوع ، لاسيما الذين يمتلكون عيونا ، لكنها لا تبصر.. وقلوباً تنبض لكنها اقرب منها الى الموت ..فالعين والقلب جناحان للحياة ، هذه ترى الوجود على سطحه ، وتلك ترى الكون في أبعاده وأعماقه ولذلك سميت عين الوجه باصرة وسميت عين القلب بصيرة ..
ولأدخل في صلب الموضوع ، مشيرا الى حدث في الشقيقة سورية ، استوقفني قبل ايام ، وهو اعلان موازنة سورية بقيمة 9 مليارات دولار بعجز (صفر) وهذه المرة الاولى يتم الإعلان عن موازنة سوريا بعجز (صفر) وفي الاعلان الرسمي عن هذه الموازنة ، طلبت الحكومة السورية من مواطنيها تحمل الصعوبات كي لا تستدين سوريا أي دولار من الخارج.
واكيد سيسأل المواطن عندنا : كيف تعلن دولة خاضت حربا ضروساً طوال سنوات ، ودُمرت مدنها ومصانعها وزراعتها وجامعاتها وعديد من اوجه الحياة فيها ، موازنة بـ 9 مليارات دولار فقط ، وبعجز صفر، بينما الموازنة العامة لسنة 2019 في العراق قدرت بنحو 112 مليار دولار، وحجم العجز فيها 19.2 اي ان العجز يزيد بأكثر من ضعفي موازنة الدولة السورية ؟
لا ريب ان الجواب على هذا التساؤل ، يحتاج الى جرأة ، من قبل واضعي خارطة الميزانية العراقية من السياسيين ورجال الاقتصاد، ونأمل ان نقرأ تفسيرا منطقيا ، معززا برؤية بعيدة عن التشنج ، قريبة من الواقع ، تحترم عقلية المواطن ..تفسير تُوضع فيه كل كلمة موضعها ، حتى تطابق المعنى الذي اريدت له ، ويكون شاهدها معها ، ولا تحتاج الى اللف والدوران بأرقام ومسميات، ارضاء لهذه الجهة او تلك!
ان الاعلان عن الميزانيات في دول العالم ، يعد يوما مهما كونها مسؤولية ومهمة نبيلة في المجتمع ، والجميع يمني النفس ، حين تعلن الميزانية ، ان تزيد مساحة اللون الاخضر فيها الذي يمثل الرفاهية والنماء الاقتصادي وتجميل الحياة ، وتنقص فيه مساحة التصحر وهي صورة الفقر، والامية والقنوط.. لقد اشرتُ الى ميزانية الشقيقة سورية ، كوننا نتشابه في الظروف التي مررنا بها ، وهي اشارة تحمل تقديرا لواضعي تلك الميزانية ، لأنها رسمت الطريق المؤدي الى التغيير في المفهوم الاقتصادي وفي تفكيك محتواه ، واستقراء غير المنظور ،
ولا اظن ان هناك ضيرا على رجال الاقتصاد عندنا ان يختاروا اي المدارس الاقتصادية التي تناسب ظروفنا ، ليدرسوا كل تفصيلاتها من اجل اخراج ميزانية يكون حجم العجز فيها مناسبا ومقبولاً.
ان العراق ، في ماضيه وحاضره ، يمتلك كفاءات اقتصادية ثرة ، وحين نستعرض اسماء الاقتصاديين العراقيين الذين اسهموا في تطوير وبناء دول شقيقة واجنبية ، نجدهم كُثر، وهؤلاء يستطيعون اخراج موازنة علمية ، تستند على الواقع ، وبالعودة الى ارشيف الموازنات منذ تأسيس الدولة العراقية ، وحتى المدة القريبة المنصرمة ، لاسيما قبل سنوات الحروب التي مر بها البلد، نلاحظ البناء والتماسك في ابوابها جميعا ، ونسبة العجز تكاد لا تُذكر.
علينا ان لا ننسى حقيقة ، ان جواز المرور الذي يبيح لنا الدخول من ابواب العصر الذي نعيش ، هو ان نطور قيمنا لكي تصبح قائمة على الحداثة الاقتصادية ، فإذا لم تروقنا هذه الصفة كونها غريبة على مفهومنا البسيط ، يتوجب ان نسلك احد طرقين : اما ان نلوي عنق العصر حتى يرى الدنيا بأعيننا ، او ان ننسحب من العصر الى حيث شئنا ان يكون الاختفاء في ستر الظلام !!
زيد الحلّي
اعرفُ ان كثيرين لن يستهويهم مضمون عمودي لهذا الاسبوع ، لاسيما الذين يمتلكون عيونا ، لكنها لا تبصر.. وقلوباً تنبض لكنها اقرب منها الى الموت ..فالعين والقلب جناحان للحياة ، هذه ترى الوجود على سطحه ، وتلك ترى الكون في أبعاده وأعماقه ولذلك سميت عين الوجه باصرة وسميت عين القلب بصيرة ..
ولأدخل في صلب الموضوع ، مشيرا الى حدث في الشقيقة سورية ، استوقفني قبل ايام ، وهو اعلان موازنة سورية بقيمة 9 مليارات دولار بعجز (صفر) وهذه المرة الاولى يتم الإعلان عن موازنة سوريا بعجز (صفر) وفي الاعلان الرسمي عن هذه الموازنة ، طلبت الحكومة السورية من مواطنيها تحمل الصعوبات كي لا تستدين سوريا أي دولار من الخارج.
واكيد سيسأل المواطن عندنا : كيف تعلن دولة خاضت حربا ضروساً طوال سنوات ، ودُمرت مدنها ومصانعها وزراعتها وجامعاتها وعديد من اوجه الحياة فيها ، موازنة بـ 9 مليارات دولار فقط ، وبعجز صفر، بينما الموازنة العامة لسنة 2019 في العراق قدرت بنحو 112 مليار دولار، وحجم العجز فيها 19.2 اي ان العجز يزيد بأكثر من ضعفي موازنة الدولة السورية ؟
لا ريب ان الجواب على هذا التساؤل ، يحتاج الى جرأة ، من قبل واضعي خارطة الميزانية العراقية من السياسيين ورجال الاقتصاد، ونأمل ان نقرأ تفسيرا منطقيا ، معززا برؤية بعيدة عن التشنج ، قريبة من الواقع ، تحترم عقلية المواطن ..تفسير تُوضع فيه كل كلمة موضعها ، حتى تطابق المعنى الذي اريدت له ، ويكون شاهدها معها ، ولا تحتاج الى اللف والدوران بأرقام ومسميات، ارضاء لهذه الجهة او تلك!
ان الاعلان عن الميزانيات في دول العالم ، يعد يوما مهما كونها مسؤولية ومهمة نبيلة في المجتمع ، والجميع يمني النفس ، حين تعلن الميزانية ، ان تزيد مساحة اللون الاخضر فيها الذي يمثل الرفاهية والنماء الاقتصادي وتجميل الحياة ، وتنقص فيه مساحة التصحر وهي صورة الفقر، والامية والقنوط.. لقد اشرتُ الى ميزانية الشقيقة سورية ، كوننا نتشابه في الظروف التي مررنا بها ، وهي اشارة تحمل تقديرا لواضعي تلك الميزانية ، لأنها رسمت الطريق المؤدي الى التغيير في المفهوم الاقتصادي وفي تفكيك محتواه ، واستقراء غير المنظور ،
ولا اظن ان هناك ضيرا على رجال الاقتصاد عندنا ان يختاروا اي المدارس الاقتصادية التي تناسب ظروفنا ، ليدرسوا كل تفصيلاتها من اجل اخراج ميزانية يكون حجم العجز فيها مناسبا ومقبولاً.
ان العراق ، في ماضيه وحاضره ، يمتلك كفاءات اقتصادية ثرة ، وحين نستعرض اسماء الاقتصاديين العراقيين الذين اسهموا في تطوير وبناء دول شقيقة واجنبية ، نجدهم كُثر، وهؤلاء يستطيعون اخراج موازنة علمية ، تستند على الواقع ، وبالعودة الى ارشيف الموازنات منذ تأسيس الدولة العراقية ، وحتى المدة القريبة المنصرمة ، لاسيما قبل سنوات الحروب التي مر بها البلد، نلاحظ البناء والتماسك في ابوابها جميعا ، ونسبة العجز تكاد لا تُذكر.
علينا ان لا ننسى حقيقة ، ان جواز المرور الذي يبيح لنا الدخول من ابواب العصر الذي نعيش ، هو ان نطور قيمنا لكي تصبح قائمة على الحداثة الاقتصادية ، فإذا لم تروقنا هذه الصفة كونها غريبة على مفهومنا البسيط ، يتوجب ان نسلك احد طرقين : اما ان نلوي عنق العصر حتى يرى الدنيا بأعيننا ، او ان ننسحب من العصر الى حيث شئنا ان يكون الاختفاء في ستر الظلام !!