23 ديسمبر، 2024 9:59 ص

سورية والقرار الأخير

سورية والقرار الأخير

تشكل الوطن العربي من خلال الفتوحات الاسلامية العربية, حيث قامت الجيوش العربية الغازية بتعريب معظم البلدان التي دخلتها سواء الآشورية في العراق وبلاد الشام  والقبطية في مصر والامازيغية في ليبيا والجزائر الى العربية الإسلامية. وبعد الحرب العالمية الثانية كشّرت الدول الغربية المنتصرة في الحرب عن انيابها وقسمت بينها تلك البلدان التي احتلها العرب وحصلت بريطانيا على حصة الاسد منها.

بعد سيطرة الغرب على الوطن العربي وتقسيمه حسب الاتفاقيات التي عقدت في ذلك الوقت، لم تبق الاوضاع كما ارادها الغرب فحصلت ثورات في انحاء الوطن العربي وتم طرد الدول الغربية وظهرت علاقات جديدة بين العرب وادت الى تسلط الدكتاتورية، ولم تسلم البلاد العربية من الدكتاتورية واصبح الشعب يعاني منها ويتمنى ان يحكم من قبل الغرب او عودة الحكم الملكي ولكن الاسلوب البشع التي استعملته تلك الحكومات الدكتاتورية العربية ضمنت سيطرتها على الحكم لفترات طويلة جداً.

خططت الدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية وانكلترا  فرض سيطرتهما على دول النفط مرة اخرى لفشلها في انتاج موارد بديلة تحل محل النفط،, فقد  حاولوا كثيراً ا ن يستغنوا عن النفط بالفحم او مواد حيوية ولكن كلفتها كانت باهضة جداً، ولم يكن لها خيار اخر غيرالعودة الى دول النفط، وكانت هناك اسباب عديدة للعودة الى النفط العربي منها غزارة الذهب الاسود, اضافة الى خبرة هذه الدول في التعامل مع الحكام العرب وسهولة السيطرة عليهم بالرغم من وجود اغلبية الحكام العرب وخاصة شيوخ الخليج الذين كانوا تحت امرتهم واخيرا لغباوة هؤلاء الشيوخ وعدم المامهم بالطرق الديبلوماسية والملتوية !!

ولا ننسى بان التخطيط لمستقبل الدول العربية ورؤسائها كان مرسوما منذ بداية السبعينيات والعقل المدبر لهذه التخطيطات كان هينري كيسينجر وما كان من الادارة الامريكية الا ان تجري تعديلات طفيفة حسب الظروف الذاتية الطارئة على خارطة العرب التي رسمها كيسينجر وما من اختفاء ياسر عرفات وشارون في نفس الوقت عن الاحداث السياسية الا اثبات على التخطيط المسبق، لاعتقادهم ان القضية الفلسطينية لم ولن يحدث فيها اي تغيير بوجود عرفات وشارون في الاحداث السياسية !!!

بدأ الربيع العربي او بمعنى اخر مواصلة لخارطة العرب التي رسمها كيسينجر وكان العراق في الواجهة والسبب لإختيار العراق القوي هو ” اضرب الاقوى يخاف منك الضعفاء” ولم يبق هناك اي خيار أخر امام  الرؤساء العرب فإما الهروب (تونس واليمن) او المحاكمة (العراق ومصر) او التمثيل بالجثث (ليبيا)  ولم يبق هناك غير البحرين المحصن امريكيا والاردن المدعوم من بريطانيا وسوريا التي تشهد اليوم تحديا كبيرا ومن جميع الجهات.
مقالنا عن سورية المحاصرة من الداخل والخارج. فمن الشرق العراق الامريكي ومن الشمال تركيا الاسرائيلية ومن الغرب لبنان وذكريات الماضي الأليم ومن الجنوب الاردن البريطاني. والتموين للعناصر الارهابية في الداخل يجري على قدم وساق من قبل السعودية والقطر. وللعلم انني احترم المعارضة التي تطالب بإصلاحات سياسية وإقتصادية وإجتماعية.

لنلقي نظرة عابرة على مايقال عنه الربيع العربي، هل هو ربيع فعلا ينعم به الشعب ام خريف يتساقط معه الطفل والشيخ والمسيحي والمسلم والدرزي كسقوط اوراق الاشجار اشلاء وضحايا؟ واود ان اوضح نقطة مهمة جدا للذين يساندون مايسمى الربيع السوري، هل هو ربيع فعلا؟ فلنتعظ من جيراننا ، هل ماجرى في العراق ربيعا؟ منذ تغيير النظام هناك مئات الالاف من القتلى ونفس العدد من المفقودين والمشردين والمخطوفين. لقد دمرت البنية التحتية لدولة العراق

فيا شعب سورية الابي انظرالى العراق والى مصر والى ليبيا ، لا تخدعك الفضائيات المأجورة، ما فعلت هذه الفضائيات المأجورة بالعراق والدول الاخرى ستفعلها بكم كشعب، فلنقف قليلا عند الاحداث، يقتل يوميا من عناصر حفظ النظام و يسقط مئات الشهداء الابرياء برصاص وقنابل العناصر الارهابية ، اين ممثلوا الجامعة العربية من هذا واين ممثلي الامم المتحدة وحماية حقوق الانسان من كل هذا، ولكن عندما تدافع قوات حفظ النظام السورية عن الشعب السوري وتقتل هؤلاء الارهابيين دون خيار تتدخل ما تسمى بالجامعة العربية والامم المتحدة وتتهم الحكومة بقتل شعبها، ولكن عندما حصلت عمليات شغب في لندن – انكلترا وفانكوفر – كندا ولوس انجلس – اميركا عذب من عذب واغتصب من اغتصب، والإعلام يسمى هذه العمليات بحفظ النظام فبالله عليكم اليس هذا ضرب من الجنون. لماذا الكيل بمكيالين القوات السورية تقتل شعبها ولكن القوات البريطانية والكندية والامريكية تكافح الشغب،، ونعلم جميعاً بان القوات الإرهابية في سورية حملت السلاح في وجه الحكومة السورية وقتلت الشعب السوري. فلنفسر هذا العمل بمنطق،،، اسأل اي مواطن سوري شريف: لو حمل المواطن الانكليزي او الكندي او الفرنسي او الامريكي السلاح بوجه النظام وقام بتفجيرات في المدن واختطاف مسؤولي الدولة ،، بالله عليكم ماذا ستفعل حكومات هذه الدول ،،، الا تتذكروا العمليات الارهابية على برجي نيويورك ، ماذا فعلت الحكومة الامريكية،،، لقد اقامت الدنيا ولم تقعدها ،،، وحادثة الارهابي الذي قتل الفرنسيين، كيف تعاملت الشرطة الفرنسية بضراوة مع الحادث،،، فهل الدفاع عن الشعب السوري من قبل الحكومة السورية حرام ونفس العملية حلال على امريكا وبريطانيا ،، بالله عليكم اليس هذا تخطيط خبيث ضد الحكومة والشعب السوري !! وهل هناك مسميات للإرهابيين حسب أهواء الغرب، فالذي يقتل الابرياء في الدول الغربية هو إرهابي والذي يقتل الابرياء من الشعب السوري يسمى من قبل الغرب بالجيش السوري الحر الذي يدافع عن الشعب السوري بقتله الاطفال الابرياء والشيوخ وتفجير الاحياء السكنية !!!!

أنا لا اقول ان تلتفوا حول قيادتكم وتصبحون كالببغاء وتقولون نعم نعم، هناك اخطاء حصلت في الماضي وسبحان الذي لا يخطأ ولكن عليكم ان تقولوا الحق عن حكومتكم “والساكت عن الحق شيطان أخرس”  ،، ومن خلال خبرتي واطلاعي الاعلامي عن الحكام العرب فإن حكومتكم احسن وافضل بكثير من الحكومات الاخرى،،، انا لا اقول انها مثالية ،،،  ولكن هناك حريات اكثر بكثير من الدول العربية الاخرى، حرية السفر، حرية الاعلام ، حرية المعتقد “!!!

في اية دولة عربية يدّرس التعليم المسيحي في المناهج الحكومية (الحكومة السورية تدّرسه)

في اية دولة عربية يسمح للمسيحيين موظفي الدولة ايام الاحد بالدوام ظهراً لغرض حضور قداس الاحد ( يحصل هذا في سورية فقط)

في اية دولة عربية تعطل الدوائر الحكومية ايام عيد الميلاد، عيد رأس السنة، عيد القيامة (الحكومة السورية تحسب هذه الاعياد المسيحية عطلة رسمية)

في اية دولة عربية يحصل الآشوريين على مناصب عليا في الحكومة (في سورية فقط )

في اية دولة عربية يسمح للأحزاب الآشورية وغيرها بالعمل العلني ،، هل تتذكروا شهداء الحركة القومية الآشورية في العراق ،،، في سورية فقط من دون جميع الدول العربية يسمح بنشاط الاحزاب حتى لو كان محدداً

سورية هي في مقدمة الدول العربية من حيث الحريات الخاصة وممارسة التقاليد والفلكلور واتحدى اي حكومة عربية ان تسمح لبرامجها ومسرحياتها ان تعرض بحرية كاملة كما هي الحال مع التمثيليات السورية وتمثيلية (الخربة) و (يوميات مدير عام) مثالاً وليس للحصر” نعم هناك سلبيات هنا وهناك في حكومتكم ولكن هذه السلبيات اهون بكثير من دخولكم اتون النار وكما يقول المثل العراقي (الشنينة المجربة احسن من اللبن الغير المجرب) لا تتوهموا بكلمة التغيير فنظامكم قادر على جلب التغيير افضل بكثير من العناصر الارهابية. ان الحكومة ادرى بحالكم ولها القدرة على تحسين ظروفكم المعيشية، فالحاضر في يدكم، اختاروا الاصح، والمنطق يقول بان الغرباء من الخارج لن ولم يهتموا بكم وبمصلحتكم، والوحيد الذي يبكي عليكم هو اخوتكم في الداخل، حكومتكم التي هي من احسن الحكومات العربية، ربما ان كان قياس حكومتكم بمقياس الغرب لشعرتم بفرق الدكتاتورية ولكن كونوا على ثقة صفعة من حكامكم اهون بكثير من ان يدوس عليكم الاجنبي بصرماية (بحذاء) عربية

أنا أؤمن بالمعارضة التي تطالب بإصلاحات ولا اؤمن بالمعارضة التي تطالب بالحكم

بعد تسعة سنوات من تغيير النظام في العراق والعراقيون يعانون من حالة معيشية دون المستوى المطلوب، انظروا ما يحدث من مأسي في مصر وتونس ويمن وليبيا والحبل على الجرار، وانني كآشوري عراقي مغترب اتمنى لسورية التي عشت فيها لسنوات وأزورها كلما سنحت لي الفرصة السلام الدائم والخير والرفاهية التي تستحقها حكومتها وشعبها المسالم ومن الله التوفيق