18 ديسمبر، 2024 9:32 م

سورية والصين ….رسائل من بكين

سورية والصين ….رسائل من بكين

يحظى الملف السوري بإهتمام بالغ في الأوساط الصينية، التي تراقب أولاً بأول التطوّرات في الشأنين الداخلي والخارجي لسورية، لما لها من إنعكاسات مباشرة على المنطقة، حيث تعتبر العلاقة الصينية السورية حلقة مهمة في الدبلوماسية الصينية في العصر الجديد. ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وسورية قبل 62 سنة، يتبادل الجانبان الدعم والمساعدة في كل المجالات. ومنذ اندلاع الأزمة السورية كانت الصين تقف بثبات مع الشعب السوري وقدمت لسورية دعما سياسيا قويا ومساعدات إنسانية كثيرة.

التطور التي تشهده العلاقات السورية- الصينية في المرحلة الراهنة يثلج القلب وينعش الأمل لبناء إستراتيجية جديدة وإحداث توازن في العلاقات الدولية ، في هذا السياق أثارت زيارة وزير الخارجية السورية وليد المعلم إلى الصين، والتي جاءت تلبية لدعوة من وزير الخارجية الصيني وانغ يي تساؤلات حول مضمونها وأهدافها، والتي تعكس تقديراً لافتاً لمكانة سورية في الساحة الدولية.

تعتبر الصين الشريك التجاري الأكبر لسورية على الدوام وحققت الصين وسورية تعاونا مثمرا في المجالات الثقافية والتعليمية والعسكرية والأمنية. كما دعمت الصين الدولة السورية دبلوماسياً مُستخدمة حق النقض (الفيتو) ضد معظم القرارات التي تستهدف دمشق في مجلس الأمن الدولي.

في ذات السياق أبقت الصين سفارتها في دمشق مفتوحة منذ اندلاع الأزمة السورية محتفظة بوجود دبلوماسي وكانت تمارس عملها بشكل طبيعي بطاقم من الموظفين الإداريين والدبلوماسيين، من أجل خدمة المواطن وإنجاز معاملات المغتربين بيسر وفاعلية بالتنسيق مع الوزارات والهيئات الوطنية المعنية ، بما يعزز الحفاظ على استقلال سورية وسيادتها ووحدة أراضيها ومنع مخاطر التدخلات الإقليمية في شؤونها الداخلية، و يحقق للشعب السوري طموحاته في السلام والتنمية والتقدم. وهو ما يؤكده علاقة الصين بسورية

وتزداد العلاقات السورية الصينية متانة على جميع الصعد السياسية والاقتصادية والثقافية يرسخها موقف الصين الداعم لسورية خلال الأزمة ووقوفها إلى جانبها ضد الإرهاب.وكان للصين موقفها المبدئي تجاه الحل السياسي ورفض التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للدول وان الشعب السوري هو من يقرر مستقبل بلاده.

علاقات البلدين تميزت بتحقيق المنفعة المتبادلة وفي هذا الإطار جاءت المبادرة الاستراتيجية التي طرحتها القيادة السورية من أجل التوجه نحو الشرق متوافقة مع المبادرة الصينية “الطريق والحزام” التي طرحتها القيادة الصينية في العام 2013.

كما أكدت الصين أهمية المشاركة بإعادة إعمار ما دمره الإرهاب في سورية مع عودة الأمان إليها ، وانعكس ذلك من خلال حضور العديد من الشركات الصينية في فعاليات معرض دمشق الدولي بدورتيه ال 59 و ال60 وهي شركات تعمل بمجالات الكهرباء والطاقة والمقاولات الهندسية ومواد البناء.

وخلال العامين الماضيين وقع البلدان عددا من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم من بينها توقيع اتفاق المساعدات الإنسانية بين سفارة الصين والهيئة السورية للتخطيط والتعاون الدولي واتفاقية التعاون الاقتصادي والتقني بين البلدين وكان آخر تلك الاتفاقات توقيع مذكرة تفاهم بهدف تعزيز العلاقات الثقافية بين الجانبين السوري والصيني في مجال حماية التراث وصيانة الآثار.

مجملاً…إن توقيت زيارة وليد المعلم للصين مهم جدا في ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة حالياً، لذلك نضع زيارة المعلم إلى الصين في سياق التعاون والتنسيق والتشاور المستمر بين البلدين الصديقين إزاء ما يحدث في المنطقة، لبلورة موقف مشترك وواضح من مجمل ما يجري على الساحتين الإقليمية والدولية، كما تحمل هذه الزيارة أيضاً عدة عناوين ورسائل إلى الغرب والى من يدعم الإرهاب تحمل مسارا للمرحلة المقبلة أهمها، استمرار الدعم الثابت لسورية، وتعزيز التنسيق العسكري في الحرب على الإرهابيين، وتفعيل الطاقات السياسية لدى سورية والصين للتوصل إلى آلية شاملة لوقف الحرب في سورية ودعم سورية في مرحلة إعادة الأعمار ، بالإضافة إلى دعوة للغرب إلى عدم الازدواجية في الملف السورية، فضلاً عن تأكيد على استمرار دعم سورية حتى اجتثاث الإرهاب، كون إن التعاون الوثيق والمتنامي بين الصين – سورية هو العامل الرئيسي لهزيمة الإرهاب واجتثاثه من جذوره في المنطقة.