تزامناً مع الضجة العالمية “المفتعلة والمفبركة حول كيميائي خان شيخون“والتي رافقت معارك التحرير الكبرى التي يقودها الجيش العربي السوري من شمال سورية إلى جنوبها وبدعم من حلفائه ،والتي ترافقت مع أعلان بعض الأنظمة الغربية والشريكة بمؤامرة الحرب على سورية سعيها لفرملة هذه العمليات للجيش تحت غطاء الملف” الانساني” ، وهنا يبدو بشكل واضح وصريح ان المجتمع الدولي بمجموعه يتعامى عن حقائق مايجري بداخل سورية ،فهو يتباكى على معأناة السوريين الذين ذبحتهم العصابات الإرهابية المدعومة من قبل محور التأمر على سورية ويتعامى بذات الوقت عن رؤية مشاهد سقوط مئات الشهداء والجرحى نصفهم من الأطفال بالداخل السوري،وهم حصيلة سقوط مئات القذائف وتفجيرات للسيارات المفخخة والانتحاريين ،وو،الخ بمدن وبلدان سورية مختلفة من حلب “تفجير باصات اهالي كفريا والفوعة ” إلى حمص “حي الزهراء “إلى دمشق ” ووو..ألخ ،هؤلاء الشهداء بمجموعهم سقطوا واغتالتهم وذبحتهم بصمت وتعامي من قبل المجتمع الدولي العصابات الارهابية المدعومة من النظام التركي والسعودي والقطري والصهيوني والأمريكي والفرنسي والبريطاني ،وو…ألخ ،فهناك اليوم اكثر من تسعين دولة تدعم بشكل أو بآخر المجاميع الإرهابية على الاراضي السورية .
فعلى مدار ستة أعوام وأكثر، وجدت سورية نفسها في خضم حرب عالمية في أشرس صورها، حرب معقدة ومركبة للغاية أسقطت فيها كلّ المعايير الإنسانية، عشرات الآلاف من الإرهابيين العابرين للقارات، وملايين الأطنان من الأسلحة التي دمروا بها مدن وقرى سورية بكاملها، فقتلوا أهلها وضربوا مقومات حياة المواطن السوري، وحاربوه حتى في لقمة عيشه اليومية، حرب قوامها الكذب والنفاق والمصالح الصهيو ـ أميركية، وليس لها أي علاقة بكلّ الشعارات المخادعة التي تتستر بها، ففي سورية تمّ تجهيز تفاصيل المؤامرة، على مراحل وحلقات، وبمشاركة دول عربية وإقليمية، وعلى رغم كلّ ذلك، أثبتت سورية المستقلة بشعبها وبجيشها وبدولتها الوطنية أنها قادرة على الصمود، فصمدت على رغم كلّ التحديات الداخلية والخارجية، وها هي اليوم “تقف شامخة على أهبة الانتصار” ـ “تذكروا هذه الجملة واحفظوها بقواميسكم”.
وهنا يجب التأكيد إنّ المعركة في سورية لم تكن يوماً معركة مع مجموعات إرهابية عابرة للقارات، بقدر ما كانت ولا تزال معركة مع نظام عالمي جديد يرسم للمنطقة، وينسج خيوط مؤامرته في سورية ليعلن قيامه بقيادة قوى الإمبريالية العالمية والماسونية اليهودية الصهيونية، بنسيجها اليهودي ـ المسيحي المتطرف “المسيحية المتصهينة”، فهذه المؤامرة تعكس حجم الأهداف والرهانات المتعلقة بكلّ ما يجري في سورية، وهي الأهداف المرسومة التي تتداخل فيها الحسابات الدولية مع الحسابات الإقليمية، كما تتداخل فيها ملفات المنطقة إلى أقصى الحدود، إلا أنّ الجيش العربي السوري صمد وكسر بصموده كلّ الرهانات الشرقية والغربية الإقليمية والعربية، فالجيش العربي السوري حقق إنجازات كبيرة وهائلة في الميدان أذهلت العالم وغيرت سياسات ورسمت معادلات جديدة، لا يستطيع أحد القفز فوقها، والأهم من ذلك كله هو تلاحم الشعب والجيش والقيادة السياسية في معركة ضارية قادتها ومولتها ورعتها تسعون دولة في العالم، لكنّ إرادة الشعب السوري المتمسّك بأرضه والمؤمن بقضيته والمتفهم لحقيقة وطبيعة المؤامرة،أبعاداً وخلفيات، أفشل خطط الأعداء وأسقط أهدافهم بالتضحيات الجسام.
وقد كشفت تقارير شبه رسمية، وتقارير مراكز دراسات عالمية أنّ عدد الدول التي تصدر الإرهابيين إلى سورية تجاوز اثنين وتسعين دولة وأنّ هناك غرف عمليات منظمة ضمن بعض المناطق المحاذية لسورية، لتدريب وتسليح هؤلاء الإرهابيين المرتزقة ثم توريدهم وتسهيل عبورهم من أغلب المنافذ الحدودية، وخصوصاً الحدود التركية، والتي تحدثت هذه الدراسات عنها بإسهاب، شارحة كيف سمحت تركيا بعبور عشرات الآلاف من المرتزقة، لذلك من الطبيعي أن نجد اليوم كمّاً هائلاً من الإرهابيين المرتزقة قد دخل سورية، بهدف ضرب المنظومة السورية المعادية للمشروع الصهيو -أميركي، وضرب الفكر العقائدي المقاوم لهذه المشاريع، وخصوصاً المنظومة العقائدية للجيش السوري واستنزاف قدراته اللوجيستية والبشرية، كهدف تتبعه أهداف أخرى في المنظومة الاستراتيجية للمؤامرة الكبرى على سورية، لأنّ تفكيك الدولة يستلزم تفكيك الجيش ومن ثمّ المجتمع ومن ثمّ الجغرافيا، وكان هذا الرهان هو الهدف الأساس من عسكرة الداخل السوري.
وهنا وأمام هذه التضحيات الجسام التي قدمها السوريون، فإنّ الحرب التي أرادتها هذه القوى التآمرية على الدولة السورية لن تنتهي، وما دامت أدواتها الإرهابية وأوراقها القذرة موجودة على الأرض السورية، ولهذا تؤمن الدولة السورية اليوم بأنّ حجم إنجازتها على الأرض واستمرار معارك تطهير أراضيها من رجس الإرهاب “بكل الوسائل والسبل المتاحة”، وبالتوازي مع ذلك المضي قدماً في مسيرة الإصلاح والتجديد للدولة السورية مع الحفاظ على ثوابتها الوطنية والقومية، هو الردّ الأنجع والأفضل والأكثر تأثيراً اليوم على هذه القوى، التي بدأت تقرّ تدريجياً بفشل مشروعها، مع زيادة حجم الخسائر التي تتلقاها على الأرض السورية، والرهان اليوم على المؤسسة العسكرية السورية، فعلى رغم كلّ ما أصابها، أرسلت رسائل واضحة وأثبتت أنها مؤسسة عميقة ووطنية وقومية جامعة لا يمكن إسقاطها أو تفكيكها ضمن حرب إعلامية، أو خلق نقاط إرهابية ساخنة في مناطق متعدّدة لمواجهتها.
ختاماً، علينا أن نقرّ جميعاً وبعيداً عن الحشود الدولية ،الساعية لفرملة عمل الجيش العربي السوري وحلفائه على الارض السورية ، وبعيدآ عن خطط المتآمرين،علينا أن نقرّ بأنّ صمود الجيش العربي السوري والتلاحم بين أركان الدولة وشعبها وجيشها للحفاظ على وحدة الجغرافيا والديموغرافيا من الأعداء والمتآمرين والكيانات الطارئة في المنطقة والتي تحاول المسّ بوحدتها، ما هو إلا فصل من فصول آتية سيثبت من خلالها السوريون أنهم كانوا وما زالوا وسيبقون بتكامل وحدتهم، صفاً واحداً ضدّ جميع مشاريع المتآمرين، وسيستمرون في التصدي لهذه المشاريع، إلى أن تعلن سورية أنها أسقطت المشروع الصهيو ـ أميركي، وانتصرت عليه، وهذا ليس ببعيد بل يبدو أنه قريب جدّاً.