17 نوفمبر، 2024 8:21 م
Search
Close this search box.

سورية في حضورها وغيابها

سورية في حضورها وغيابها

علم سورية المرفوع على طريق البحر الميت، مرفقا بعبارة “ربوع الشام مروج العلا” أثار أسئلة حول ما إذا كانت مشاركة السوريين ستكون مفاجأة القمة العربية التي تنعقد نهاية الشهر الحالي في الأردن.
ودفع هذا الأمر بالمسؤولين في الحكومة إلى التوضيح بالقول إن عضوية سورية في الجامعة العربية ماتزال قائمة، لكن مجلس الجامعة كان قد اتخذ قرارا بتعليق مشاركتها في اجتماعات الجامعة، بما فيها القمة العربية.
وفي مرحلة سابقة حاولت دولة عربية منح مقعد سورية في الجامعة لوفد يمثل المعارضة السورية، الذي حضر بالفعل اجتماعا للقمة في الدوحة، لكن لم يلق التوجه موافقة الدول الأعضاء فظل مقعد سورية فارغا في اجتماعات وزراء الخارجية والقمم العربية.
كان قرار تعليق مشاركة سورية في الاجتماعات سياسيا بامتياز، ورد فعل على عدم تجاوب النظام السوري مع مبادرة الجامعة العربية لتسوية الأزمة سياسيا. وفي وجهه الآخر كان دعما ضمنيا من دول عربية للمعارضة التي حظيت بدعم تلك الدول، ومحاولة منها لإضفاء الشرعية عليها كممثل لسورية.
لم تتراجع الجامعة العربية عن قرارها، وبذات الوقت لم تفلح المعارضة السورية في نيل الاعتراف بشرعيتها، فصار مقعد سورية في الجامعة تمثيلا للفراغ.
ثمة إشكالية هنا تجعل من وضع سورية المعلق في الجامعة العربية محل سؤال محير. ففي الأمم المتحدة، المنظمة الدولية المعنية أساسا بشرعية الدول، ماتزال سورية ممثلة ببعثة تمثل النظام السوري، ولم تعلق مشاركتها رغم قرارات مجلس الأمن التي صدرت بحقها، لابل إن سفيرها في الأمم المتحدة بشار الجعفري هو من يمثل سورية في اجتماعات جنيف وآستانا الخاصة بالأزمة السورية. فماالفرق بين موقف الأمم المتحدة والجامعة العربية من الشرعية في سورية؟
والسؤال هنا لايخصّ النظام السوري، ولايحمل دعوة ضمنية لمشاركته في القمة، إنما سؤال يخص سورية الوطن والجغرافيا والهوية “ربوع الشام مروج العلا”ومكانها في خريطة العروبة، فهل تبقى هي الأخرى معلقة في الفراغ؟
وحال سورية اليوم ليس أفضل كثيرا من أقطار عربية مشاركة في أعمال الجامعة العربية؛ اليمن الممزقة بالصراعات، وعاصمتها مركز شرعيتها تخضع لحكم المليشيات. ليبيا المحكومة بثلاث حكومات، ويستعد ما يصف نفسه بجيشها الوطني لخوض معركة تحرير عاصمتها، أو الصومال التي لا نعرف عاصمة لها وغيرها من الأقطار نتجنب ذكرها منعا للإحراج، لكنها في قاموس الدول كيانات سياسية فاشلة.
لكن في حضور سورية بالجامعة العربية ومن ثم في غيابها لاحقا، أخفقت هذه المؤسسة العتيدة في تقديم حل لأزمة الشعب السوري. وحين شعرت بالعجز، ألقت بملف الأزمة في حضن الأمم المتحدة عسى أن تجد الدواء الشافي. الأخيرة فشلت أيضا فانتهت سورية في حضن اللاعبين الإقليميين والدوليين، يدارون أزمتها وفق حساباتهم ومصالحهم، فصار حضورها وغيابها عن القمم العربية سيان.
على كل حال الحاضرون ليسوا أحسن حالا من الغائبين. عالمنا العربي كله في غياب.

نقلا عن الغد الاردنية

أحدث المقالات