مقدمة : الدول تبني علاقاتها مع باقي الدول الأخرى ، وفق محددات ، وهي / وفق رأي الشخصي – وهو المعروف ضمن العرف الدولي : أولوية المصالح الإقتصادية للدولة ذات العلاقة ، مصالح الدولة مع الدول الأخرى وفق موقعها الإقليمي ، وموقف الدولة السياسي مع / من ، الدول العظمى .. عجبا سوريا أين من مصالحها الإقتصادية ! – هذا مدخل تمهيدي للموضوع .
الموضوع : * بعد صراع إمتد منذ 2011 لغاية 8 ديسمبر 2024 ، أنهار حكم آل الأسد – المرتبط بالحديد والنار ، الحكم الذي أدى الى وقوع عشرات الألاف من الضحايا ، وتغييب مثلهمبالسجون .. حكم جعل من الفرد والجندي ، يعيش بأقل من حد الكفاف ، فقد جاء بموقع / الحرة ، التالي “ يغطي راتب الموظف الحكومي السوري ، الذي يعادل حوالي 20 دولارا شهريا ، أقل من 15% من تكلفة السلة الغذائية الأساسية لعائلة مكونة من خمسة أفراد ، والتي تبلغ 136 دولارا . أما راتب موظف القطاع الخاص في سوريا ، والذي يبلغ 50 دولارا شهريا ، بالكاد يغطي 37% من هذه التكلفة .. “ – وآل الأسد وبطانتهم ينعمون بالملايين .. أي أن الشعب كان مسحوقا ، والتساؤل هل الشعب سيبقى مسحوقا ، أم سينهض ! . * إستلم أبو محمد الجولاني حكم سوريا في 8 ديسمبر 2024 ، بعملية غامضة – غريبة عجيبة !! ، بعد أن إنهار الجيش والدولة معا – وذلك بعد أن هرب بشار الأسد الى روسيا .. أما المنتصر – قائد المليشيات الجولاني ، فقد غيير أسمه الى أحمد الشرع ونزع لباس المجاهدين ، وأرتدى بدلة بربطة عنق .. وبصدد ربطة العنق ، ووفق موقع / العربية نت ( أن الشرع كان يبدل ألوان ربطة العنق ، وفق ألوان أعلام ، من سيقابل من رؤوساء الدول : قطر – كان رباطه أحمر ، والسعودية – كان رباطه أخضر ، وتركيا – كان رباطه أحمر غامق )وكما انه خفف من لحيته .. * أما بخصوص المليشيات – فقد إنسحبت الإيرانية واللبنانية وغيرها من سوريا ، وتحجم الدور الروسي / قواعد وخبراء . * من ثم بدأت وفود الدول تتوافد على سوريا . ثم توالت التحركات الستراتيجية / هذا عدا زيارة وزراء وممثلي الدول العربية والأجنبية .. أول زيارة ستراتيجية بدأت من قطر ، ممثلة بأميرها تميم ، فقد ورد في موقع / الجزيرة نت في 30/1/2025 التالي ( دمشق– مثلت زيارة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ، اليوم الخميس ، إلى العاصمة السورية دمشق ، كأول زيارة لرئيس دولة عربية إلى البلاد بعد سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الماضي ، نقطة فارقة في سياق العلاقات بين البلدين كما يرى محللون .. ) ! .. ثم بدأ الشرع بأول زيارة له خارج سوريا / والتي تدل من جهة على عمق العلاقة بين سوريا والسعودية ! ومن جهةأخرى ، على أن الأمن مستتب بشكل أو بأخر في الداخل السوري ، فقد جاء بموقع بي بي سي في 2 فبراير/ 2025 ، التالي ( التقى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ، رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع ، الذي يزور المملكة العربية السعودية في أول وجهة خارجية له ) .. كما زار الشرع تركيا / التي تعتبر المساندوالممهد لإستلام الشرع للحكم في سوريا ، فقد جاء في موقع / الأخبار – الأربعاء 5.2.2025 التالي ( وصل الرئيس السوري خلال المرحلة الإنتقالية ، أحمد الشرع ، لإجراء لقاء مع الرئيس التركي ، رجب طيب إردوغان ، الذي تتولّى بلاده إدارة الملف السوري ، بتزامن مقصود مع زيارة يجريها وزير الخارجية المصري ، بدر عبد العاطي ، إلى العاصمة التركية ، لبحث ملفات عديدة على رأسها سوريا .. ) .إذن أرى أن تركيا هي المحرك الرئيسي ، لسيطرة الشرع على الحكم في سوريا ، وهي التي ستكون المؤثرة في رسم خطط سوريا المستقبلية ! .
ومضات :
* الزيارات المتبادلة بين قطر والسعودية وتركيا .. تدل على وجود تنسيق ودعم وترتيب لإسقاط نظام الحكم في سوريا ، من قبل هذه الدول تحديدا .. ومن جهة أخرى ، أن نظام الحكم السوري المستقبلي / وفق تصريحات الشرع ، من إنه سيكون شامل لكل مكونات الشعب .. ولكن المؤشرات تبين من أنه ، سيبتعد عن المعسكرين الروسي و الإيراني ، ويقترب من تركيا إقليميا .. ولكني أرى بالمحصلة ، أنه سيكون ذا توجه إسلامي . * تبقى مشكلة الأكراد ، ومنظمة ” قسد ” وهي ( قوات سوريا الديمقراطية يشار إليها باختصار قَسَدْ ، هو تحالف متعدد الأعراق والأديان للميليشيات التي يغلب عليها الطابع الكردي ، وكذلك للميليشيات العربية والآشورية / السريانية ، وكذلك لبعض الجماعات التركمانية والأرمنية والشركسية والشيشانية .. التي شاركت في الحرب الأهلية السورية .. ) ، و“ قسد“ مستهدفة من قبل الأتراك – لكنها مدعومة أميريكيا ، فكيف سيتم التعامل معها دستوريا ! .. وتركيا لا تتسامح مع الأكراد . * أما المسيحيون فإجمالا ، هم لا حول لهم ولا قوة ، فهم متأملين بدعم الغرب / لتعرضكنائسهم لبعض الإعتداءات من قبل بعض المليشيات التكفيرية مع مضايقات مجتمعية ، أما الغرب فيؤمن بمصالحه أكثر من حماية الاخرين ! . فهل سيكون هناك فسحة أمل للمسيحين في سورياالمستقبل ، أم أن الحكم الجديد / مدفوعا من تركيا وقطر ، سيقضي على هذا الأرث . * الولايات المتحدة الأميركية حاليا منشغلة / في بداية عهد ترامب ، بقضايا أهم أخرى ، كالمشاكل مع ” كندا والمكسيك وبنما وغزة .. ” ولكنها لا تترك سوريا للأخرين ! ، وممكن أن تعمل من تحت الطاولة ، لوضع موطأ قدم في سوريا . * هناك تغيير في التوجه الإسلامي في سوريا / بعيدا عن تجربة أبو بكر البغدادي ، فمثلا : رافقت زوجة الشرع – لطيفة الدروبي زوجها ، في زيارتيه للسعودية وتركيا ، وظهرت للإعلام لأول مرة – وهي غير منقبة .. نحن أمام عهد جديد سوف لا تبان خفاياه وأسراره في المنظور القريب ، خاصة إذا علمنا ، أن الدستور يحتاج لسنوات ، فقد ورد في موقع / تلفزيون سوريا ، التالي ( بدأت سوريا مرحلة جديدة مليئة بالتحديات يعد ملف صياغة الدستور في طليعتها ، باعتباره الركيزة الأساسية لتأسيس نظام جديد يلبي تطلعات الشعب السوري ويضمن حقوقه .. ومع تأكيد قائد الإدارة الجديدة ، أحمد الشرع ، أن صياغة الدستور الجديد قد تستغرق سنوات ، أثير جدل واسع في الأوساط السورية ، بين من يرى المدة طويلة وغير مبررة ، وبين من يعتبرها ضرورية لصياغة دستور يعكس توافقا حقيقيا بين مكونات الشعب السوري ) . فبعد أربع سنوات ليس من أحد يضمن ما سيحدث لسوريا ، شعبا وحكومة ونظاما .. وما سيحدث للشرع ذاته ! .
خاتمة : إنه من عملية التخطيط لإسقاط الحكم في سوريا ، الذي قال الشرع : أنها بدأت من قبل خمس سنوات ، الى واقعة إستلام الحكم في سوريا بمعركة بيضاء ، الى التوافد الدولي على سوريا ، الى برقيات التهاني .. الى زيارات ورحلات الشرع ، من والى خارج سوريا .. ففي المنظور الحالي ، سوف لم ولن تظهر ، ما هي المسببات والعوامل والدوافع ، التي أدت الى إنقلاب الوضع في سوريا من الأسد الى الشرع ، ولكن سنعرف بعضا من ذلك ، عندما سنعرف حالة ووضع ، ما سيكون أو تؤول إليه مؤسسات الحكم وسياسة الدولة وحراك المجتمع وما ستسن من قوانين في سوريا .. في السنوات القادمة ! .