ربما هناك في الافق المنظور، طبخة ما، في الذي يخص سوريا؛ يجري طبخها على نار، او نيران هادئة في زوايا بعيدة عن انظار الاعلام، ان لم اقل انها في حكم المؤكد. اللجنة الدستورية التي يفترض بها، كما أُعلِنَ في وقت سابق، من انها سوف تعقد جلستها السادسة، في المقبل من الوقت، بعد انقطاع لأشهر، والتي من المؤمل كما يُعِلنَ عنها، اي عن اجتماع هذه اللجنة الدستورية؛ سينتج عنها؛ انضاج مسودة دستور جديد لسوريا، ولو بالاطار العام له، كبداية، ومرحلة انتقالية تاليا. اعتقد ان اجتماع اللجنة الدستورية سوف لن يفضي في الوقت الحاضر الى نتائج عملية ملموسة، في وقت يعاني من الوضع الاقتصادي المتردي، الشعب السوري، الامرين من جوع وفقر ولجوء. موقع ايكوس نشر مؤخرا؛ طلب روسيا ان يعقد اجتماع ثلاثي بين الكيان الاسرائيلي والولايات المتحدة وروسيا يناقشون فيه؛ الوضع في سوريا وضرورة التوافق بين الاطراف الثلاث على صيغة حل او مخرج للوضع في سوريا، بما يوفر الاجابات لقلق تلك الاطراف وهنا المقصود حصريا هو القلق الاسرائيلي. الموقع نقل هذا عن مسؤولين اسرائيليين، وبين الموقع؛ ان وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف، طلب من وزير خارجية اسرائيل يائير لابيد، الطلب في اعلاه، بحضور مستشار الامن القومي الاسرائيلي ايال حولتا، وبريت ماكغورك الموفد الامريكي الخاص بسوريا، اضافة الى نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين، مع حضور الموفد الروسي الخاص الى سوريا الكسندر لافرينشينين. يبحث المجتمعون بحسب موقع ايكوس؛ اهمية تطبيق قرار مجلس الامن الدولي 2254 الخاص بالحل في سوريا، وهنا المقصود في الظاهر؛ هو كتابة دستور جديد للبلاد ومرحلة انتقالية، انما ربما وراء الاكمة ما وراءها. الا يعتبر مناقشة قضية تعني مستقبل سوريا كوطن وشعب من قبل روسيا والكيان الاسرائيلي والولايات المتحدة، من دون حضور اي ممثل عن سوريا، سواء من النظام او من المعارضة؛ تدخلا صارخا واستهانة كبيرة بالشعب السوري، نظاما ومعارضة، عندما يتم مناقشة قضية تعني مستقبل سوريا، بكل تأكد يعني هذا تماما. اما ما هو السبب، فهو يقع على النظام السوري حين فرط باستقلال بلاده، حتى يتم المحافظة على النظام؛ بدعم عسكري روسي، له ثمن وثمن كبير جدا، على صعيد الحاضر والمستقبل. وهنا، من الاجحاف اعفاء المعارضة من هذا الانحدار، فالمعارضة لها ما لها وعليها ما عليها من هذا الانحدار،
ولو في الحدود الجزئية، وبالشكل غير المباشر؛ بالمساهمة كناتج عرضي، واجباري في الاستجابة لشرط الواقع، الذي انتجه؛ تصلب النظام في لحظة شروع الثورة السورية؛ عن طريق ما قامت به، من اعمال ومواقف للبعض منها، بتخليق بيئة ملائمة لتدافع الارادات الدولية والاقليمية على الارض السورية، وادخال المنظمات الارهابية، كغاية قصدية مدروسة من اللاعبين الدوليين والاقليميين، لتشويه المعارضة. هل كان صعبا ان يتم الاتفاق بين النظام والمعارضة على صيغة حل؛ يجنب سوريا الوطن والشعب من كل هذا الدمار والخراب؛ لو ان النظام في الشروع الاول لثورة الشعب السوري، ان تنازل عن تشبثه بكرسي الحكم، وجنح الى حل او حلول يتم الاتفاق عليها؛ في كتابة دستور جديد ومرحلة انتقالية، من دون تدخل خارجي. ان هذا الاتفاق او الاجراءات، لو قدر لها واخذت طريقها على ارض الواقع، لما تعرضت سوريا الوطن والشعب؛ الى كل هذا الخراب والدمار والجوع والفقر والتشرد في جميع بقاع المعمورة، ولما وجد هذا التدخل الخارجي من مساحة يتحرك فيها، ولما وجدت القوة العظمى الاخرى، ونقصد هنا، الاتحاد الروسي، موطأ قدم ثابت لها، الى اجل غير مسمى في الارض السورية، وما يتبع هذا من شروط واستحقاقات. صحيح ان هناك في دهاليز السياسة الدولية،
مؤامرة ضد سوريا الوطن والشعب، انما ما كان لها اي هذه المؤامرة الدولية؛ ان يكون لها وجود، اي ان تحصل على موطأ قدم لها في الارض السورية، لو ان النظام نزل من على قمة شجرة الحكم والسلطة العالية، ودعا المعارضة او الشعب الثائر، وممثليه الى الحوار والنقاش لوضع خارطة طريق، ترسم لسوريا شكل جديد من الحكم على قاعدة التداول السلمي للسلطة والحكم، بدستور جديد يلبي طموحات الشعب في التغيير. ويتم التوافق والاتفاق على لجنة من الاختصاصيين من النظام والمعارضة لكتابة الدستور، وهنا نقصد في لحظة انطلاق ثورة التغير، وليس كما هو عليه الوضع في الوقت الحاضر، من تدخل دولي واقليمي في الشأن السوري. أَما كان لهذا الطريق لو سار عليه النظام، واستجاب الشعب الثائر له، بممثليه من رموز ونخب في اول صرخة تطالب بتغير المسار من حناجر شعب يريد الكرامة والحياة والحرية؛ ان يجنب سوريا الوطن والشعب، كل هذا الدمار والتدخل الخارجي. ان هذا التدخل الخارجي ما هو الا، في الاول والاخير، ومهما قالوا عنه من فريات وخداع وكذب، ما هو الا لمصالح هذه القوى الدولية والاقليمية وليس لمصالح الشعب السوري، بما في ذلك النظام والمعارضة. ادرك تماما ان هناك، في الواقع، سواء في سوريا، او في اي من الدول العربية الاخرى، من التي طالها الخراب؛ فاعل دولي واقليمي له وجود، يتمثل واقعيا، في افعال السياسة الدولية والاقليمية وتأثيراتهما في الوضع الداخلي لهذا البلد العربي او ذاك البلد العربي، انفاذا لمصالحه. وان سوريا كما غيرها من بقية الدول العربية لا تعيش في الفضاء، بعيدا عن مفاعيل السياسة الدولية والاقليمية والعربية، كما ان سوريا كما غيرها من دول المنطقة العربية، للنخب فيها، نوازعهم ورغباتهم وتوجهاتهم الفكرية، سواء من رجالات النظام او من رجالات المعارضة؛ انما هنا الحديث يدور حول صفاء النية وصدق الهدف وواقعية الهمة الوطنية في انتاج سوريا جديدة تلائم متغيرات العصر.. وليس كما هو عليه حالها في الوقت الحاضر من خراب ودمار، ومعاناة الشعب من الجوع والفقر وضياع بوصلة الطريق الذاتي للفرد في مجتمع تتناحر فيه الارادات بالضد من مصالحه. ان ما يؤكد وجود طبخة تعد في الخفاء لحلحلة الوضع في سوريا،
وان فيها الكثير من المقايضات، وربما الكيان الاسرائيلي طرفا فيها، من غير ان يكون ظهوره ظاهرا للعيان، او ان هناك من يمثله ويضمن مصالحه، او هواجسه الامنية، وهما روسيا وامريكا في أي مخرج مخطط له؛ لإخراج سوريا مما هي فيه. انما ما هو ماهية هذا الاخراج ، ولمصلحة من هذا الاخراج المرتقب. من المفيد هنا التذكير؛ بان الرئيس الروسي في احد زيارات نتنياهو قبل اكثر من اربع سنوات؛ قال لنتنياهو والذي كان الاخير في زيارة عمل الى روسيا، وتحديدا تخص الوضع في سوريا؛ ان روسيا في أي حل مستقبلي، للوضع في سوريا، سوف تحافظ روسيا فيه، على امن اسرائيل. علما بان رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي يكاد لا يمر شهر او شهرين على بعد وقت الا وزار روسيا والتقى الرئيس الروسي، وهذه الزيارات تخص سوريا على سبيل الحصر. كما ان هناك، وعلى مدى عقود؛ تاريخ مشترك من المصالح، بين الكيان الاسرائيلي وروسيا. صحيفة الغارديان البريطانية، اشارت؛ الى ان الاسد لم يعد منبوذا، بل هو الآن مطلوبا؛ في حلحلة قضايا الشرق الاوسط. كما انها اشارت الى ان الملك الاردني يقوم بالوساطة بين بايدن والاسد، وان الاول قد ابدى مرونة كبيرة في هذا الاتجاه. وما يؤكد مرونة بايدن هو الموافقة الامريكية على نقل الغاز المصري، الى لبنان عبر الارض السورية. وان هناك اتصالات عربية على اعلى مستوى مع النظام السوري؛ لعودة سوريا الى الحضن العربي، والى دورها في المنطقة العربية، وفي الشرق الاوسط. ان عودة سوريا الى المجموعة العربية، امر حسن؛ لأنه يعكس على ارض الواقع، التضامن العربي. لكن السؤال المهم هنا على أي مسار من المسارات، يجري وضع حل للوضع في سوريا؛ هل يجري احياء لجنة كتابة الدستور، كما اعلن مؤخرا؛ عن عقد جلستها السادسة في المقبل من الوقت، وايجاد دستور جديد ومرحلة انتقالية؛ تمهد لإقامة ديمقراطية حقيقية. ام ان تفكيك الوضع السوري، يتم بطريقة اخرى، وكأن شيئا لم يكن. من السابق لأوانه التنبؤ بالمخرج القادم للوضع في سوريا. انما، ربما هناك كما اسلفت القول فيه؛ طبخة تعد في السر والخفاء، بمشاركة الولايات المتحدة وروسيا والكيان الاسرائيلي، واطراف اقليمية وعربية، في حقل المقايضات والترضيات الاستراتيجية، بتبادل المنافع والمغانم على حساب المصلحة الاستراتيجية للشعب السوري.