14 ديسمبر، 2024 2:45 ص

المحور الأول : * سوريا في ظل عائلة الأسد .. يمكن إعتبار إنقلاب البعث في سوريا عام 1970 – ويُعرف أيضاً باسم الحركة التصحيحية ، بداية حكم عائلة الأسد ، حيث تسلم حافظ الأسد رئاسة الجمهورية في عام 1971 ، وعندما توفى حافظ الأسد في 10 حزيران 2000 ، تسلم إبنه بشار الأسد سدة الحكم / وهو المنصب الذي كان مهيأءا له باسل الأسد – الذي توفى في حادث مشبوه عام 1994 .. أي أن عائلة الاسد حكمت أكثر من نصف قرن . * حكمت العائلة بغطاء حزب البعث السوري ، الذي كان مع مجلس الشعب ، وكل المفاصل الحكومية ، أدات مطيعة بيد حافظ الٍأسد ، السياسي والعسكري المحنك ، خلاف أبنه بشار ، الذي لبس لبوس الحكم إضطرارا ، بعد أن خلع لبوس الطب الأبيض / ولكنه فقد الأثنين معا الطب والحكم . * لا أعتقد ان بشار الأسد كان يحكم كأبيه بقبضة حديدية ، الذي صفى معارضيه / كالإخوان المسلمين وأقصى شقيقه رفعت .. ففي حقبة بشار ، كان أبناء العم ومراكز القوى في الأمن والمخابرات .. كانوا يحكمون معه ، إضافة لزوج شقيقته آصف شوكت / الذي قتل في عام 2012 ، وأيضا أبن خاله رامي مخلوف الذي حجم فيما بعد ، أما أخيه ماهر ، فكان الرجل الأول في الجيش و الثاني في الدولة . * لم يحسن بشار الاسد معالجة حراك الثورة ” انطلقت الثورة السورية من احتجاجات شعبية عفوية سلمية في المناطق السورية المهمشة عام 2011 تطالب بالحرية والكرامة والانعتاق ، ووضع حد للقمع والفساد والدكتاتورية ، لكنها سرعان ما عمت معظم مناطق سوريا .. / نقل من موقع الجزيرة نت ” وتلك الشرارة تمخض عنها السقوط الذي حدث في كانون الأول 2024 .. وخلال بداية الشرارة ومن ثم الثورة التي أستمرت 13 عاما ، لم يتعض بشار الأسد ، بل أستمر في عمليات الترهيب والتغييب وخنق الحريات وسجون السحق والسلخ في صيدنايا .. وبالرغم من كل هذا ، كانت فئات من الشعب تهتف ” معا الى الأبد بشار الأسد ” ، هذا هو ديدن العرب ، كما كان يحصل مع صدام حسين والقذافي وغيرهم .
المحور الثاني : * بين ليلة وضحاها .. تسلم أحمَد حُسين الشرع ، المعروف بكنية أبو مُحمّد الجَوْلَانِي / رئيس هيئة تحرير الشام ، في عملية أقرب ما تكون كإستلام وتسليم كل مفاصل الشأن السوري .. فمن هو الجولاني – المولود في السعودية عام 1982، بل من هو أحمد حسين الشرع : فهو مجاهد إسلامي متطرف ، تنقل بين منظمات أرهابية إسلامية متعددة ، منها ( القاعدة 2004 – 2006 ، مجلس شورى المجاهدين في العراق 2006 ، دولة العراق الإسلامية 2006 – 2012 ، جبهة النصرة 2012 – 2016 ، جبهة فتح الشام 2016- 2017 .. من ثم واخيرا هيئة تحرير الشام2017 – الى الأن ) . * وهذا الترحال بين المنظمات الإرهابية الإسلامية ، يثير الإنتباه ! ، خاصة إذا علمنا من جانب أخر ، أن رأسه مطلوب دوليا ، فوفقا ل CNN ( أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية ، منذ سنوات ، عن مكافأة تصل إلى 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض على أبو محمد الجولاني ، الذي يترأس هيئة تحرير الشام ، وصنفته في البداية كإرهابي منذ أكثر من عقد ، قائلة إن جماعته ” نفذت هجمات إرهابية متعددة في جميع أنحاء سوريا”. ) . فكيف لإرهابي مطلوب دوليا أن يحكم دولة ك سوريا ، وكيف سيتم التعامل معه وبطاقمه دبلوماسيا ! .. ولكن في السياسة والمصالح كل شي ممكن ! . * التساؤل كيف سيتم التواصل بين هيئة تحرير الشام والفصائل الاخرى ، التي تعارض ، بل تخالف الجولاني ومنها : { ” الجيش السوري الحر” / المؤلف من ضباط إنشقوا من الجيش السوري النظامي .. و ” رجال الكرامة ” التي تنشط في مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية .. و ” الجيش الوطني السوري ” / رواتبهم وتسليحهم من تركيا وتولى بالأساس قتال ” قوات سوريا الديمقراطية – قسد ” الكردية / التي تسيطر على مساحات واسعة في المناطق ذات الأغلبية الكردية على الحدود مع تركيا في معركة الإطاحة بالأسد ، ولا تعد حليفا لقوات “هيئة تحرير الشام” باعتبارها معارضة للتيار الإسلامي وتطالب بـ” سوريا علمانية ” – تمنح الحكم الذاتي للأكراد وغيرها .. / نقل بتصرف من موقع – فرانس 24 } .
المحور الثالث : من المؤشرات الأولية على مرحلة أبو محمد الجولاني ، التالي : * خطاب الجولاني في الجامع الأموي ، يعيد إلينا صورة أبو بكر البغدادي / زعيم داعش ، الذي كان أول ظهور له في الجامع الكبير في ” الحدباء – الموصل / العراق ” ، وإعلان نفسه خليفة للمسلمين ، فما أشبه اليوم بالبارحة . * من المؤكد حصول صراع بين منظمة هيئة تحرير الشام ، بقياد أبو محمد الجولاني والفصائل المذكورة في أعلاه ، التي لها نفوذ وسيطرة على مدن سورية أخرى ، ومن المستحيل أن يترك الجولاني بلهم الكعكة لوحده ! . * ظهور رئيس الوزراء محمد البشير / المعين من قبل الجولاني ، وخلفه علمان / علم الثورة السورية ونسخة من علم طالبان في أفغانستان . ويعد هذا بروز رمزي خطير ، فنقلا عن بي بي سي ( في أول اجتماع لرئيس الحكومة الانتقالية السورية محمد البشير ، ظهر خلفه علمان : أحدهما “علم الثورة” باللون الأسود والأبيض والأخضر تتوسطه ثلاث نجوم حمراء . أما العلم الآخر فأبيض وكتبت عليه الشهادة باللون الأسود ، يشبه إلى حد كبير العلم الذي أعادت حركة طالبان تبنيه في أفغانستان بعد استعادة سيطرتها على البلد عام 2021. ) . وهذا مؤشر على مرحلة مبطنة لحكم سوريا ، بصبغة إسلامية ، ومن جانب أخر ، يعني أقصاء مقولة سوريا لكل السوريين ، كما إنه يعد إعداد لحكم إسلامي سني .. وهذا يعني : خرجنا من دكتاتورية بشار الأسد ، ودخلنا في حكم طائفي مذهبي ! . إذن ليست هناك دولة سورية علمانية ! .
المحور الثالث : * هل يستطيع أبو محمد الجولاني ، الذي إستلم وزارة الدفاع / العمليات العسكرية ، أن يحافظ على التراب السوري ، وهو لا يسيطر على كل المدن السورية ، وبذات الوقت على صراع مع باقي الفصائل المشاركة في الثورة .. هذا تساؤل أخر . * هل ستمنح حكومة الجولاني ، فسيفساء الشعب السوري ، من أكراد ودروز ومسيحيين وعلويين وإسماعيليين .. حقوقا ، كباقي حقوق الاغلبية السنية / تحت مظلة العلم الطالباني ! . أم سيكون الجولاني وحكومته ، تحت الضغط التركي الإسلامي – الذي جاء الجولاني بقطارهم ، معتمدا على السنة و ساحقا للأكراد ( وقد يسحق الأخرين أيضا كحكم إسلامي متزمت – بحسب خلفية الجولاني المتطرفة المؤشرة بسيرته الذاتية في أعلاه .. ) . * ويبرز تساؤل هنا : هل بأمكان الجولاني ، الذي تموضع في حياته الجهادية ، بالإنخراط بمنظمات إرهابية متعددة ، تمارس ثقافة القتل / كما هو مذكور في أعلاه ، أن يكون مؤهلا لحكم أو إدارة ، سوريا العراقة والتاريخ والثقافة ! .
سوريا فركش : * هروب الأسد وحلول الجولاني بمنظمته فقط – دون المنظمات الأخرى ، وبلا أي معارك تذكر ، دليل على أن ما حصل ليس بقوة هيئة تحرير الشام ، بل هو مخططا له .. أدى الى إنسحاب إيران بمستشاريها وفصائلها من سوريا ، وكشف غطاء روسيا للأسد ، وقبلها إنكفاء حزب الله وبعض المليشيات العراقية . وفق رأي الشخصي : كل ذلك يدلل على أن ما تم هو مخطط كبير ، تقوده تركيا ، وفق مشاركات دولية وإقليمية ! والدليل أن ” أصحاب العلاقة ” ! ، في زيارة لدمشق ، فوفق بي بي سي في 12.12.2024:( أن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان ورئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالن في العاصمة دمشق ، مع وفد قطري ، يتكون من رئيس جهاز أمن الدولة خلفان الكعبي ، برفقة فريق استشاري موسّع ) ! . * بعد ضرب مئات المواقع العسكرية والستراتيجية السورية من قبل إسرائيل ، وتحطيم ما يسمى بالترسانة العسكرية / التي شملت أنظمة صواريخ أرض – جو متقدمة ومنشآت تصنيع وتخزين الصواريخ الباليستية وقواعد ومخازن أعتدة عسكرية متعددة إضافة لتدمير الأسطول السوري .. التي بنتها الدولة السورية بعقود من الزمن ، مع إحتلال إسرائيل لمساحات من سوريا ، منها ” جبل الشيخ ” في الجولان .. فلم لم تطلق رصاصة ضد هذا العدوان ، من قبل هيئة تحرير الشام تحديدا .. كل هذا والمحرر المغوار أبو محمد الجولاني لم ينطق بكلمة واحدة ! .. هذا وغيره مؤشر على إنهيار سوريا كدولة . التساؤل هنا :- بعد كل ما ذكر في أعلاه ، هل ستوجد دولة سورية ذات سيادة بعد الأن ، تستطيع أن تدافع عن تراب الوطن – خاصة بعد أن حلت المؤسسات وتفكك الجيش النظامي ، وحل محله مليشيات مصنفة أرهابية ، الجواب سيكون : كلا .. إذن عندما ينتهك أمن وسيادة سوريا ، برا وجوا وبحرا – نستطيع أن نقول : ” سوريا فركش “.