22 ديسمبر، 2024 8:10 م

سوريا .. خارطة الدم سوريا .. خارطة الدم

سوريا .. خارطة الدم سوريا .. خارطة الدم

يبدو ان الحل السياسي للأزمة السورية لايزال بعيد المنال رغم اتفاق كافة الأطراف الدولية والاقليمية المؤثرة على حتميته مع تعدد المؤشرات السلبية العديدة سياسيا كتعثر جهود التسوية في فيينا وجنيف وميونخ لعدم وجود قاعدة تفاهم مشتركة حقيقية بين أطراف النزاع أو عسكريا بما يتردد عن انحياز النظام السوري وحلفاؤه الروس لخيار الحسم العسكري مع المعارضة المسلحة باطلاق معركة حلب لتقوية موقف مفاوضيه في جولة المفاوضات المرتقبة في جنيف والمشكوك في امكانية انعقادها في ضوء التطورات الميدانية الأخيرة .

ان نجاح الجيش السوري في تطويق حلب واسترجاعها يمثل ضربة قاصمة لقوى المعارضة المسلحة ويجعل العالم أمام ثنائية النظام وداعش (وهو ماسعى له النظام منذ البداية) كما ان تحقيق الانتصار في هذه المدينة الاستراتيجية سيقوي مواقف حلفاء النظام من الايرانيين وحزب الله اللبناني و سيجعل من الحدود التركية السورية تحت سيطرة دمشق المباشرة وهو مايعني قطع طريق امداد المعارضة المسلحة من تركيا خاصة اذا ما سقطت مدينة اعزاز هي الأخرى بيد الجيش السوري لتحقق روسيا هدفا جديدا في مغامرتها السورية بعد نجاحها مسبقا في تأمين قواعدها في الساحل السوري والحيلولة دون سقوط النظام نفسه .

في المقابل أدركت تركيا والسعودية خطورة الموقف الحالي وردتا بترويج فكرة تدخل عسكري بري بحجة مواجهة تنظيم داعش تحت غطاء التحالف الدولي دون اغفال حقيقة أولوية اسقاط النظام واهمية هدف انقاذ حلب بالنسبة للسعودية ناهيك عن دعم فصائل المعارضة المسلحة وهو الهدف المشترك بين الرياض وأنقرة والتي تنفرد بتصميمها على وأد مشروع أي كيان كردي مستقل من عفرين غربا الى القامشلي شرقا .

الحقيقة ان أغلب مايقال بشأن هذا التدخل المرتقب يدخل فعلا من باب التهويل الاعلامي والحرب النفسية خصوصا مايتعلق بالمشاركة في تحرير الموصل والوجهة المقبلة أو الحقيقية لهذا التدخل بعد داعش ومستقبل النظام السوري رغم التصريحات السعودية المتكررة عن ضرورة رحيل رئيسه سلما أو حربا ! الواقع يقول بأن مثل هذه التصريحات النارية لاتغدو أكثر من خطابات للاستهلاك المحلي وان دخول القوات السعودية والتركية للأراضي السورية سيتم حصرا بضوء أخضر أمريكي وتحت عنوان التحالف الدولي لمحاربة الارهاب (فيما ذهبت الامارات لاشتراط قيادة أمريكية لوجوب التدخل) وهو مايعني مواجهة فعلية مع تنظيم داعش دون الصدام المباشر مع الجيش السوري وهو مايعني الدخول في مواجهة عسكرية أيضا مع الدب الروسي المهيمن على الأجواء السورية وهو مالا يريده الأمريكيون ولا حلفائهم الأتراك والسعوديين بطبيعة الحال ، لهذه قد تنحصر سيناريوهات التدخل البري بالهجوم على الرقة ومحاولة استعادة نصف الجغرافية السورية من نير داعش وتسليمها للمعارضة السورية لغرض انشاء منطقة سنية معزولة عن دمشق قد تستخدم للمساومة على رأس النظام فيها لاحقا وهي مهمة ليست بالسهلة مطلقا خصوصا اذا ما علمنا ببوادر تعاون روسي كردي ناهيك عن زيادة موسكو لصادراتها العسكرية لسوريا وتطلعها للعب دور أكبر في الأزمة اليمنية والتي تعجز السعودية وبعد قرابة العام من حسمها عسكريا كرد على التصعيد السعودي في سوريا ، أو بزيادة وتيرة الدعم العسكري لفصائل المعارضة السورية (وهو ماحصل فعلا) مع امكانية تواجد وحدات خاصة تركية وسعودية لغرض الدعم .

وسط هذه الأحداث يبدو الموقف الأمريكي غامضا وعاجزا عن تبني مشاريع استراتيجية جديدة للمنطقة لحين معرفة هوية الساكن الجديد للبيت الأبيض فيما تبدو اسرائيل أكثر المستفيدين من حالة التشظي والتمزق في الجارة الشمالية الشرقية على النقيض تماما من الشعب السوري الخاسر الأكبر من هذا الصراع الاقليمي والدولي الدائر على أراضيه …