بعد إندلاع الأزمة السورية “المفتعلة”، رغم وجود بعض من المظلومية ومصادرة الحقوق السياسية، سعت القوى الإمبريالية إلى القضاء نهائيا على نظام الأسد، متذرعة بشتى الذرائع الواهية، مستغلة بعض الهفوات التي وقع بها النظام السوري، فهو تأخر كثيرا بالعمل على إصلاح النظام السياسي والقوانين ذات الصلة، مما خلق حالة من السخط والإستياء لدى عديدة من قوى المعارضة .
فشلت أميركا وحلفاؤها من ملوك العرب، بإسقاط النظام السوري وفق سيناريو إسقاط نظام بن علي ومبارك، بإفتعال تظاهرات منددة بالأسد تطالب بخلعه من الحكم، فعمدت إلى تسليح ما يسمى ب”الجيش الحر” وبعض المتطرفين الذين كانوا يتبنون النهج القاعدي التكفيري، فتغاضت أميركا عمدا عن خططها المزعومة بحربها على الإرهاب، في حين دعمت دول الخليج هذه المساعي، لإنهم كانوا يخشون من “التغلل الإيراني” في االمنطقة، والذي وصف ب”الهلال الشيعي” لكسب أصوات أبناء المذهب السني .
أردوغان السلطان التركي؛ الذي يريد إستعادة أمجاد “الإمبراطورية العثمانية” والتي إنهارت بوصول كمال أتاتورك، الذي قضى على نظام الخلافة المتبع انذاك، يسعى أردوغان الذي تدخل بشكل غريب بفتحه الحدود التركية على مصراعيها، لدخول التكفريين من جميع أصقاع العالم، ليحاربوا النظام السوري الظالم على حسب ما يدعون، في حين تركوا الصهاينة يسرحون ويمرحون في فلسطين المحتلة، إمارة قطر الوليدة حديثا والتي لا تتجاوز مساحتها مساحة العاصمة دمشق، ضخت الأموال الطائلة لدعم المسلحين، والمملكة السعودية التي جعلت من مساجدها أمكنة لإيواء التكفيريين وإرسالهم إلى العراق وسوريا .
أربع سنوات مضت والصراع في سوريا لا يزال قائما حتى الآن، فالنظام السوري ومن خلفه إيران وروسيا يصارع من أجل البقاء، متحديا بكل قوة المخطط الغربي الرامي لخلعه، أو ما بات يعرف إصطلاحيا كسر محور المقاومة والممانعة، الآن تجري كثير من المبادرات لحلحة الأوضاع سياسيا، ولكن في نهاية المطاف تفشل هذه المبادرات بسبب تغيب المصلحة الوطنية، وخضوع بعض الأطراف لإملاءات خارجية من قبل قوى إقليمية، فجنيف 1 و 2 لم تطبق توصياتهما إلى الآن .
آثار الصراع السوري إمتد للجميع، وهذا أمر طبيعي لإن النار تلتهم الأخضر واليابس، فبعد تمكن التنظيمات الإرهابية بالسيطرة على أمكنة عدة في سوريا هاهي تمتد إلى العراق ولبنان والأردن وحتى السعودية، وبات خطهرها يهدد المجتمع الدولي ككل، وما حادثة صحيفة شارلي ايبدو الفرنسية إلا ببرهان واضح وصريح على تطور تنظيم داعش والقوى الإرهابية .
إستمرار الصراع السوري سيؤدي بالأخير إلى مشكلة كبيرة وربما ستؤدي بحرب عالمية ثالثة، مع إطلالة السنة الخامسة هل سيتمكن السوريين من حل مشاكلهم بأنفسهم؟ دون الحاجة إلى التدخلات الإقليمية،ترك مصالحهم الشخصية جانبا وإعطاء المصلحة الوطنية أهمية قسوى .