18 ديسمبر، 2024 5:57 م

تفاجأ الكثيرون بسقوط  وهروب بشار الأسد المخزي، وإذا كان وجه الدهشة بسرعة السقوط المتلاحق لمدة احدى عشر يوماً، فلا أرى مفاجأة في سقوطه السياسي، فقد تلاحق سقوط الطغاة منذ “الربيع العربي”، ولم يبق إلا الأسد وبذلك ماتبقى بعده الا الأقل القليل الذي غدا كل واحد منه يترقب سقوطه! ولا أجد طاغياً بمنجى من السقوط، وأحسب أن السنة القادمة حبلى تحمل الكثير في أحشائها؛ وما أصدق قول الشاعر القديم:

فإن يكُ صدرُ هذا الليل ولّى – فإن غداً لناظرِه قريبُ

ولا أحسب أن تغيير النظام وحده كافٍ أنما يعتمد على هوية من نفذ التغير ومن يقف وراءه، كما لم تكن الوعود والعهود تبدو كافية مالم تترجم الى واقع يحمل مصداقيته، فقد مرّ أثنا عشر يوماً والناس في فرح وفي كل يوم مرّ تشوب الفرحة حزن مبعثه حوادث تبعث على التساؤل.. فالرجل الذي تولى أو قاد التغيير أبو محمد الجولاني له خلفية إرهابية أقرها هو بنفسه، ولا يكفيأنه أماط اللثام عن اسمه الحقيقي فاسمه “الجولاني” عالق بالأذهان وعلاقاته المدفوعة بتركيا وغير تركيا مازالت موضع شبهة رغم ما صدر منه من وعود وعهود وخاصة في محاورته مع ال سي أن أن، والتي برهن على قدرة لباقة، وعلى دراية بالسياسة ما مكنته من المناورة الا أنه بقي في حدود الكلام وهو يعرف البنية الاجتماعية المتنوعة للشعب السوري من أطياف شتى انتابها القلق بسبب انعدام الحماية واستمرار فلتان السلاح وما رافق التغيير من نهب تستر عليه الإعلام أو لم يتمكن من تغطيته مثل سرقة مؤسسات الدولة وخاصة البنوك والمعدات وسرقة كل أثاث وتجهيزات قصر الرئاسة واتلافها وكذالك الحال في وثائق الدور الأمنية بل وحرق السجون التي تنطوي على دلائل جد هامة والانكى هو تطمين رجال الأمن بالعفو عنهم وهذا خطأ كبير!! فهؤلاء لا بد أن يحالوا الى القضاء، وليس من صلاحية أحد أن يكون فوق القانون وليس من صلاحية أحد أن يعفو سوى القضاء!

ومن أخطر الأمور هو التراب الوطني ووحدته، فاسلوب بعض الفصائل بالاستحواذ على الأراضي وبسط نفوذها من الشمال الشرقي بمحاذاة الحدود العراقية حتى دير الزور أعطى المبرر الكبير لإسرائيل لتخترق الحدود وبسط نفوذها على الجولان بعمق 20 كم ولم يعترض أحد من الوسط السوري فالفرحة هي الأهم والأنكى أنها قصفت كل المطارات العسكريةلتدمر الطائرات حتى الراكنة في الحضائر وقصف مخازن الذخيرة والعتاد حتى أصبح الجيش بلا آلة عسكرية!! بينما انتقد إسرائيل وقيادتها اليمينية كتّاب يساريون في جريدة هآرتز..

إن تهديدات بعض البطانات المتطرفة المسلحة المتحالفة مع الجولاني ضدبعض الأطياف  من العلويين والاسماعيليين والشيعة والمسيحيين.. أمر يشكل سابقة خطيرة في سوريا وهو ليس بالأمر الجديد على الظلاميين التكفيريين فقد قتل العديد في غرب حماه يوم أمس من الجنود في بعض المعسكرات وقبلها نفذ هجوم على أحد المستشفيات للإجهاز على عدد من الجنود الجرحى !! وقد عانى العلويون في مناطقهم من تهديدات لفظية من مسلحين  يطالبون السكان بتسليم أسلحتهم!! ومشاهدة بعض الأشرطة المصورة لأشخاص ينتهكون مقام السيدة زينب يهتفون بأنهم جاءوا فاتحين محتفلين بنصرهم المبين هذا متوعدين الروافض بهدم كل العتبات الشيعية.. وفي مشهد آخر يخرج أحد الظلاميين عند مبنى السيدة سكينة مهدداً بهدمه ويترضى على معاوية ويزيد ويتحدى الروافض ان استمروا بالزيارة.. ولا أريد الاستغراق أكثر من هذا؟

وأريد أن أسال هؤلاء التكفيريين السوريين هل يعرفون بطولة العلويين بقيادة صالح العلي 1833- 1950 الذين استبسلوا من أجل وحدة سوريا ورفض المشروع الفرنسي المحتل لبناء دولة خاصة بالعلويين واستمروا بتقديم التضحيات والشهداء للنهاية وهل يعرفون الدور الثقافي للعلويين من بدوي الجبل، وأودونيس، وسليمان العيسى وسعد الله ونوس، وكمال عدوان…

وهل يعرفون أن محمد الماغوط وعلي الجندي وغيرهم من الإسماعيليين..

وهل يعرفون ثورة جبل العرب في السويداء التي قام بها الدروز ضد الاحتلال الفرنسي  والتي قادها سلطان الأطرش 1891- 1982 وفهد الأطرش1882- 1944 والد فريد وأسمهان..

وهل يعرفون من هو فارس الخوري 1877-1962 الذي ناضل ضد الفرنسيين بثبات ، ولم يرضخ لإغراءاتهم ولا لتهديدهم، وحين ذكروه بمسيحيته قال قولته المشهورة أنا مسلم!

لا أريد الاستغراق وأذكر الدور الكبير للعلامة محسن الأمين 1867-1952صاحب موسوعة أعيان الشيعة ولا موضوعيته ولا دوره في التعليم حيث فتح مدارسه الخاصة للجميع، ولا أود أن أذكر أعلام شيعة من قبيل نزار قبانيولا مشاهير الممثلين..

وأخيراً لا أريد أن أكون مستعجلاً لأجيب على سؤال: سوريا إلى أين؟ لأن الأيام القادمات “ستأتيك بالأخبار ما لم تزودِ”..