طالما كان الأنتقام بأبشع صور الدم والسحل في الشوارع والتعليق على أعمدة الكهرباء وأعواد المشانق هو العنوان ، لكل الثورات والأنقلابات التي جرت في الوطن العربي مطلع القرن الماضي وحتى الآن! ، سواء كانت تلك الثورات والأنقلابات من الداخل أو كانت بتدخل خارجي! ، وسواء كان في الأنظمة الجمهورية أو حتى في الأنظمة الملكية حيث الصراع بين الأخوة من أجل المُلك وكرسي الحكم . قد يتفق الكثيرين بأنه رغم جسامة المهمة الصعبة التي يواجهها (أحمد الشرع / زعيم هيئة تحرير الشام) والذي يقود سوريا حاليا ، كرئيس مؤقت لتصريف الأعمال فيها ، بسبب الظروف الأقليمية والدولية المتشابكة والمضطربة التي تحيط بعموم المشهد العربي والسوري تحديدا!، وبسبب التركة الثقيلة من الجرائم التي أقترفها النظام السابق بحق الشعب السوري ، ألاّ أن الزعيم الشرع سجل نجاحا طيبا وغير متوقع لحد الآن! ، ليس من قبل السوريين فحسب بل من قبل العالم أجمع ، كما أنه يعمل بكل همه وجد ويسارع الزمن من أجل تهيئة الأرضية والظروف المناسبة لأجراء أنتخابات حرة نزيهة يشترك بها كل السوريين . من جانب آخر يمكن أعتبار سقوط النظام السابق في سوريا والهروب المذل لرئيسه ، هو أول تغيير لنظام في دولة عربية كبيرة ومهمة ، يقع بدون عمليات أنتقام وقتل في الشوارع ألّا من بعض العمليات الفردية التي تكاد لا تذكر! (هذا أذا أستثنينا ثورة الضباط الأحرار في مصر عام 1952 بقيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر والتي يمكن أعتبارها ثورة بيضاء الى حد كبير!!) ، حيث شعرالعالم أجمع بأن (أحمد الشرع/ رئيس هيئة تحرير الشام) جعل من غصن الزيتون عنوانا للتغيير في سوريا بدل البندقية! ، وكذلك غالبية مقاتلي (هيئة تحريرالشام) ، وكأنهم وضعوا الورود في فوهات البنادق! ، للتعبير على السلام والأمان والتآخي والمحبة ونبذ العنف والأنتقام . وفي الحقيقة أن الزعيم الشرع ، من حيث يدري ولا يدري أثار الرعب والخوف! ، لدى زعماء وملوك وقادة الدول العربية الذين لم يألفوا مثل هذا المشهد والتغيير في أنظمتهم من قبل! ، والتي طالما أصطبغت بدكتاتورية الدم والرعب والخوف وكثرة السجون والمعتقلات والزنازين! . فالعالم لم يسمع من خلال تصريحات (زعيم هيئة تحريرالشام أحمد الشرع) ، وفي خطاباته القليلة والمقتضبة أنه جاء على ذكر كلمة الأنتقام من أركان ورجالات النظام السابق! ، رغم أنهم يستحقون ذلك حتى من باب العدل الألهي!! ، ومع ذلك فلا أحمد الشرع ولا مقاتليه وضعوا موضوع الأنتقام ، من رجالات النظام السابق في بالهم ، بقدر ما شغلهم التفكير في كيفية أحقاق الحق وأقامة العدل والمساواة بين السوريين الذين أفتقدوه منذ 54 عام!! ، في ظل واحد من أقسى الأنظمة الدكتاتورية بالعالم! . كما وأن الزعيم أحمد الشرع ومن حيث لا يعلم أنه وبسياسته وأخلاقه وأدارته العاقلة ، لشؤون سوريا في وضعها العصيب ، قد حذا حذو الزعيم الكبير الراحل ( نيلسون مانديلا) زعيم جنوب أفريقيا ، الذي قبع في السجون قرابة 27 عاما! ، لاقى فيها أشد أنواع العذاب والتنكيل والأهانة ، وعندما صار زعيما للبلاد ، لم يفكر بالأنتقام من كل الذين ظلموا الشعب أبدا !! ، بل عفى عنهم وأشاع روح المحبة والسلام والتسامح والمحبة بين الجميع! برضا كل شرائح المجتمع وأجناسهم وأعراقهم وأقلياتهم ! . وهنا لابد من أن نذكر أن (( الزعيم مانديلا/ وفي أحد المرات عندما كان يتناول الأفطار في أحد المطاعم ، صادف أن شاهد السجان ، الذي كان يعطيه البول بدل الماء عندما كان الزعيم مانديلا/ يطلب منه القليل من الماء! شاهده جالسا في نفس المطعم ، فدعاه لتناول الفطور معه ودفع حسابه! ، وعندما سأله سكرتيره الشخصي الذي كان يرافقه ، لماذا فعلت ذلك سيدي الرئيس؟ ، أجابه قائلا : أردته أن يعرف أني لا أريد الأنتقام منه ، بل أردت أن أشعره بالأمان!! ، فأعلم ياسكرتيري أن الأنتقام لا يبني دولة!)) . أخيرا نقول : لأحمد الشرع/ زعيم هيئة تحرير الشام ، أذا أردت أن تعيد بناء سوريا المحطمة، عليك بنشر المحبة والسلام والتآخي والعفو ، وأن تشعر السوريين جميعا بالأمن والأمان والسلام ، فسوريا وكل الشعوب العربية الأسلامية هي أهلاً للسلام ، والمحبة ، والتسامح ، والتآخي ، لأن الأسلام ودين النبي العظيم محمد عليه أفضل السلام ، هو عنوان كبير للسلام والمحبة والعفو والتآخي والتوحيد . حفظ الله سوريا من كل مكروه ووفقك الله لما فيه الخير.