المصطلحات الثلاثة تستخدم الأن في العراق للتعبير عن الموقف مما يجري على الاراضي السورية منذ أكثر من عام.
فالكثير من الشيعة العراقيين في الوسط والجنوب ، يعدونها مؤامرة قطرية – سعودية – تركية ، بمساندة امريكية ضد النظام السوري الممانع وبالتالي ضد العراق الذي يحكمونه بدرجة أقل .
السنة في المنطقة الغربية من العراق ، يسمون ما يحدث بالثورة ضد النظام الطائفي العلوي في سورية ! ، ويدعمونها بشدة ويعبرون عن مواقف لافتة في هذا الاتجاه ، ويقولون بحق الاكثرية “السنية” في التخلص من الاقلية “العلوية ” الحاكمة ! ، وهو ذات المنطق الذي يرفضونه هم في العراق منذ زمن بعيد .
الموقف الكردي الاكثر جذباً للانتباه من حيثُ تجاوزهم لكلا الموقفين السابقين ، الى الدخول كعنصر مواجهة فعلية مع النظام والاشتراك في ما يجري من خلال تدريب الاكراد السوريين والدفع بهم الى المواجهة ، وهو ما يعني بالضرورة الاشتراك العملي في الحرب الاهلية الدائرة الان في سوريا في مسعى واضح للتخلص من احد الاضلاع التي يعدونها معادية للطموح الكردي في الاستقلال .
بعض القوى العلمانية والقومية العراقية حائرة ومترددة في أتخاذ مواقف واضحة مما يجري مكتفية بوصف ما يجري في سورية بالأزمة .
في ظل هذا الانقسام يلحظ المتابع للشأن العراقي أن الإشكالية لا تكمن في طريقة التفكير ولا الرؤية ، فهي حق مشروع لكل طرف عراقي سواء أكان فرداً او جماعة ، ولكنها تكمن في ان طرق التعبير لدى هذه الجماعات ، تتجاوز الى اتخاذ مواقف وافعال على الارض لا تنسجم مع المواقف العامة للدولة العراقية التي حاولت الامساك بالعصى من المنتصف .
ولكنها فشلت في بلورة هذا الموقف على ارض الواقع ، لأن كل طرف عبر عن موقفه بشكل منفرد ، فبين من رفض موقف الحياد ، ودعا الى مساندة النظام السوري والوقف معهُ في تجاوز ما يجري ، في تعبير عن موقف خارجي بالضرورة ، وهو ما اتخذتهُ جماعات واطراف تحسب على خط الممانعة ومحورها .
الى أطراف أخرى رفضت هي الاخرى موقف الحكومة ولكن في الاتجاه الأخر ، فقد دعت الجماعات والعشائر السنية الى التدخل المباشر ودعم المجاميع المسلحة المتمردة على النظام ، وبل واعلن مجموعة من “شيوخ ” العشائر الغربية ، انهم لا يلتزمون بما قررته الحكومة من موقف وانهم سيدعمون “أخوتهم ” السوريين في ثورتهم ضد النظام الاسدي .
وسائل الاعلام والصحافة العالمية تتحدث عن فريق عراقي “مفترض” يدعم النظام وعن جماعات تقاتل الى جانبه دون أن تقدم ما يثبت هذا الادعاء الى الان بالرغم من الترويج الواسع له ، وفي المقابل تتحدث هذه الوسائل عن تحول محافظتي الرمادي والموصل المحاذيتين للحدود السورية الى ممرات أمنة للأسلحة القادمة من المملكة العربية ، وقطر ، كما تحولت الموصل بحسب هذه المصادر الى منطلقات وقواعد لوجستية للجيش السوري الحر في تنظيم هجماته ضد قوات الحكومة السورية .
وهذان الموقفان ، يضاف اليهما موقف الأكراد ، لا يمكن عدها من مبادئ التعبير والرؤية السياسية فقط ، بل –في حال ثبوتها- هو اشتراك غير مشروع في حرب دائرة والضر بالسياسة العامة للعراق كدولة سبق واعلنت موقف معين ، وبالتالي يجب محاسبة متخذي هذه المواقف ، وعدم السماح لهم بالتمادي في شق الموقف العراقي والتجاوز على مهام الدولة ومسؤولياتها الشرعية والقانونية .
سوريا ..عورة الانقسام العراقي !
ختاماً ينبغي وصف ما يحدث في العراق تجاه احداث سوري بأنه ُ انقسام عميق أكثر مما ينبغي ، بل وأكثر من المعقول والمسموح به بين أي قوى اجتماعية أو سياسية تتقاسم وطن ما وتعيش فيه ، ضمن أطار عام يفترض ان يحفظ الخصوصيات والثقافات والتعدد الاثني والعرقي والمذهبي في اطاره الثقافي فقط ، حتى لا يهدد مشروع الدولة القائمة ، وكي لا يتعارض التعدد مع الرؤية العامة لمختلف القضايا الأساسية وخصوصاً الخارجية منها التي هي من مهام الدولة حصراً ولا يجوز لاي جماعة الحلول كبديل عن الدولة .
بمعنى أحر ان لكل جماعة عرقية أو طائفية الحق في العيش والممارسة والتعبير عن ثقافتها في اطار الدولة، وضمن المتفق عليه في الوثيقة الاجتماعية المقرة بين الاطياف” الدستور” ، وبالتالي لا يمكن الخروج عن سياقات التعبير المرسومة الى رسم خطوط تعارض خطوط السياسة العامة للدولة كما يجري حالياً في العراق ، المتشضي أزاء الازمة في سورية .