لعلك ستجفل مصعوقا غير مصدق حينما تسمع في الاخبار المحلية في امريكا عن اعداد الجنود الامريكان الذين شاركوا في احتلال العراق الذين انتحروا او ينتحرون.لم يعد القتل امرا هينا في القرن الواحد و العشرين، و حتى لو افلت القاتل طليقا تحميه الاساطيل الامريكية، فانك لربما تجده مرميا في غابة في مكان ما من امريكا بعد شهور او بضعة سنين وقد وضع بنفسه رصاصة في صدغ رأسه او باطن فمه.
سطوة الغرب على شعوب المعمورة، ناعمة او بالنار و الحديد، و تحكم المنظمات السرية بالأمم منذ مطلع القرن الماضي دجنت الرجل في العالم الى حدود مخيفة حتى انك ترى نصف برامج التلفيزيون العادية في الغرب اليوم يلبس المنتج الرجال فيها ازياء النساء، يحركهم كالنساء، يشجعهم للظهور بانفسهم كالنساء و تسمع الصوت منهم و كأنهم نساء.
بشرية رجالها دجاج داجنين قد لا يركبون الشر، كما و لا يستطيعون ايضا مقاومة الطغيان كرجال.
و مع هذا فـحتى طياري الطائرات بدون طيار الفحول الامريكان الذين يغيرون و يقتلون المدنيين عن بعد في الصومال و افغانستان و الباكستان، العراق، سوريا، ليبيا و غيرها لا يرون ضحاياهم وجهها لوجه اطلاقا، بل يطلقون الصواريخ و هم على كراسيهم الوثيرة في غرف مكيفة و كأنها اجنحة الفنادق، و مع هذا يأتيهم الخبال بعد حين اذ لا يستطيع واحدهم التعايش مع ذكريات لا تنقطع و حوارات تبقى صاخبة في ذهنه عن ابرياء يعرف انه قتلهم لا ناقة لهم بما يسمى بالحرب على الارهاب و لا جمل بينما الطيار البطل ذو النياشين يذهب بعد نوبة عمله عائدا لعائلته يحضن اطفاله و يقول لزوجته احبك. و ماذا ياترى عن الاطفال و النساء و الرجال الابرياء الذي سلخ لهم جلودهم و قطع اوصالهم قبل ساعة؟
و هكذا تنيب واشنطن عددا قليلا من الشبان لملمته من قاع الفقر المدقع، اللاعدالة و الحرمان في الشرق الاوسط ليتولى مسؤولية القتل وجها لوجه مع الضحايا بالاصالة عن نفسها – اسمتهم داعش.
حتى هؤلاء لا يستطيعون القتل الوحشي الذي نراه على الشاشات بغير عقاقير تقول التقارير عنها انها من القوة في التأثير بحيث تكفي جرعتها لقتل حمار. و لعل الاحزمة الناسفة هي ايضا اسلوب يتجنب فيه القاتل معرفة ما جرى لضحيته فيعفو نفسه مقدما من عذاب السؤال.
يقف الجندي الروسي على الساحل في سوريا و يشغل مدفعيته و راجمات صواريخه على الناس من بعد، فلا يرى من هو الذي قتله بالضبط و إلا جن.
لا يريد الجندي الروسي الخبال او الموت لنفسه في سوريا و الجميع يتمتع بهاتفه النقال الجديد في الشوارع، يولي صحته اعلى الاهتمام و كأنه سيعيش ابدا، يلبس احلى الازياء ويتعلم الانكليزية في موسكو و كأن شيئا لم يكن، لا حرب في سوريا و لا جنود روس يقتلون هناك و ربما يقتلون.
تقصف الطائرات الروسية المدنيين في سوريا من الاعالي كما الطائرات الامريكية في العراق و ليبيا اذ لا تواجهان مقاومة البتة، و إلا ما صالت و جالت و كأنها في نزهة – و لعلنا نتذكر كيف اسقطت الطائرة التركية الطائرة الروسية في اول مواجهة بينهما و التي لم تستمر لاكثر من 17 ثانية.
سلاح الجو الامريكي، الروسي، الفرنسي، البريطاني، الاسرائيلي، العراقي، الهولندي، التركي، يقصفون و يدمرون في العراق و سوريا و ليبيا و هم انما في معركة حقيقية مع الاطفال، النساء، الرجال الابرياء و ممتلكات المجتمع لا مع ما يسمى الارهاب و إلا فان الطلعات التي سجلت لحد الان لم تكن كافية لابادة نفر ممن يسمون داعش وحسب و انما كانت ستكفي لحسم معركة ستالينغراد.
يقف الحشد الشعبي و الجيش في مخمور اليوم لا تؤاتيهما الشجاعة للدخول و تمشيط و تنظيف الموصل شارعا شارعا من حفنة من ما يسمون بـ داعش و هم يسمعون و يرون سيارات اللامبورغيني يتمتع بها ابناء آمريهم و قادتهم و حكومتهم تملأ شوارع دبي، لندن و عمان، فعلام يضحون بحياتهم في الموصل و هم لم يمتلكوا ستوتة مستعملة في بغداد او ذي قار او الحلة بعد؟
تقف القوات في مخمور و تخوم الموصل اليوم مستعدة لامر وحيد، اقصف اقصف اقصف و سوي المدينة بالارض على رؤوس ساكنيها، فيعود الجميع الى بيوتهم بعدئذ لا يعرفون من هي و ماذا حل بالضحية بالضبط؟
معركة الموصل كما الكثير من المعارك في الشرق الاوسط بعدها ستجري بين الجيوش المدججة بالسلاح، السوخوي و الفانتوم من طرف و الاطفال، النساء و المدنيين من طرفها الاخر فتربح الجيوش، تسبى الأمم، تزول المدن، يمحى التاريخ و يموت الملايين من الابرياء.
[email protected]