18 ديسمبر، 2024 6:58 م

كانت مدينة الموصل تعجب بالزوار وكان يدخل اليها عشرات الالاف يومياً ومن كان يزور مدينه الموصل كان لابد له ان يزور منطقة باب الطوب هذه المنطقة التي عرف عنها منذ خمسينات القرن الماضي وحتى عام 2014 بانها المركز التجاري الرئيسي لمحافظة نينوى… كان الجميع يأتي من كل الاقضيه والنواحي التابعة لهذه المحافظة ليجدوا حاجتهم في اسواق ومحلات باب الطوب كانت منطقة باب الطوب التجارية مقسمة الى عده شوارع او مناطق في البداية كان هناك مقر المحافظة واقصد دوائر الدولة الرسمية وعلى يمينها يتواجد شارع الدواسة الذي كان وما زال مختص بالملابس الرجالية ويوجد فيه المطاعم الشعبية الشهيرة مثل مطعم كباب كويسنجق ومطعم الكهف والقارب وغيرها… وكذلك يوجد فيه بعض الفنادق وقد تم انشاء عمارة من طابقين على شكل اسواق كبيره سميت عمارة القدس وفي نهايتها من الشمال كان هناك شارع حلب وهذا الشارع له ميزة خاصة لدى اغلب الشباب وكبار السن حيث المقاهي الشعبية وكذلك محلات الخياطة ومحلات الحلويات الشرقية التي كانت موجودة فيه منذ سبعينات القرن الماضي مثل حلويات حلب ودمشق.. بعد نهاية شهر حلب سوف يأتيك شارع يسمى شارع العدالة لتتجه بعدها الى سوق كبير مسيج من الخارج يسمى سوق الاربعاء وهذا السوق مختص ببيع كافه البضائع والأجهزة الكهربائية المستخدمة وقد كان عونا للناس في زمن الحصار الجائر حيث كانت اغلب العوائل لا تستطيع شراء الأجهزة الكهربائية الجديدة ولذلك تلجا الى الأجهزة المستخدمة وكان مئات العوائل يعتاشون ارزاقهم من ذلك السوق.. بعدها تتجه الى خلف سوق الاربعاء بالتحديد يوجد سوق الهرج وهذا السوق يعتبر من اقدم اسواق مدينة الموصل حيث يباع فيه الأجهزة الدقيقة المستعملة مثل الساعات وغيرها وكذلك انواع المسجلات والراديوات وانواع السبح في ذلك الزمان وهو السوق الوحيد الذي يحتوي على محلات التسجيلات الصوتية التي كانت تبيع شرائط التسجيل وتجد فيها كل اصوات المطربين والتي تتجدد يوميا..

تدخل من خلال سوق الهرج الى سوق الفراوي او الحورانيات ويوجد فيه من يبيع هذه الملابس إضافة الى سوق صغير لبيع الملابس المستعملة بعدها تعود الى شارع الصوافة والذي تجد في بدايته تجار يبيعون انواع الصوف العراقي ثم تدخل لتجد اشهر المطاعم في ذلك الوقت مطعم شعبي صغير ولكن كل من اكل لديه وتذوق اكله يعود اليه مرة ثانية ولا اذكر اسم المطعم ثم تتجه بعدها الى الجهة الاخرى ويسمى سوق اللحم القديم وهذا السوق يختص ببيع التوابل والعطارية اكثر من اي شيء اخر وهذه المنطقة تسمى باب السراي… ثم تدخل بعدها الى سوق البزازين لبيع الأقمشة وسوق يسمى سوق اليوزبكيه وهو لبيع الحاجات واللوازم المنزلية الصغيرة ثم تذهب الى سوق الحدادين الذين ما زالوا يمارسون مهنتهم رغم صعوبتها ورغم تطور الالة في وقتنا الحاضر وتجد هناك المطعم الشهير وهو مخصص لبيع السمك المقلي والمشوي وقبل هذا السوق لو اتجهت يسارا الى سوق خاص لصناعه الاواني المنزلية من ماده الفافون او النحاس ويسمى سوق الصفافير وفي نهايته محلات بيع القهوة الاصيلة…. يوجد في منطقه باب السراي عدة خانات منها خان القدو المعروف وخان خاص لبيع المفروشات المنزلية من السجاد وغيرها… عندما تنهي زيارتك الى هذه المنطقة تعود الى الوراء قليلا وفي بداية سوق الصوافة تجد هناك مقهى شعبي يجلس فيه اغلب ابناء الريف وعندما تمر بالقرب منه تسمع صوت الربابة عاليا مع المطرب الشعبي ملا ضيف الجبوري او غيره من مطربي الريف والبادية والذي كان يعتبر عنوان للطرب الريفي…

ولا يفوتني ان اذكر انه في بداية منطقه باب السراي يوجد مركز شرطة السراي وهذا المركز هو المصد الامني الوحيد الذي حافظ على ممتلكات التجار في هذه المنطقة التجارية لعقود من الزمن… وفي الجهة المقابلة للمركز كانت هناك ساحه صقور الحضر لوقوف السيارات والتي تحولت في تسعينات القرن الماضي الى عمارة الشواف للمحلات التجارية عندما تغادر منطقة باب الطوب سوف تجد نفسك قد تذوقت الكباب الموصلي الشهير مع كاس من عصير شربت الزبيب الخالص او كاسة من لبن اربيل الشهير…

تلك الايام عشناها بكل لحظة وبكل تفاصيلها وهذه الاسواق كانت تجمع كل ابناء محافظة نينوى من القرى والارياف وابناء مدينة الموصل فالجميع يأتون الى هنا لغرض التسوق او لغرض قضاء الوقت ومع الاسف بعد ما جرى في الموصل من احداث عام 2014 اختفت هذه الاسواق ولم يستطيعون اهل الموصل اعادتها الى حد هذه اللحظة لان المدينة تحول فيها الواقع الديموغرافي بالكامل واصبحت هناك اسواق في كل منطقة سكنية ولا يحتاج ابن مدينه الموصل اوابناء القرى والارياف للذهاب الى باب الطوب لغرض التسوق…..

رحم الله تلك الايام الخوالي التي عشناها واصبحت اليوم حكايات الماضي نحكيها لهذه الاجيال الذين لا يفقهون اي شيء منها لانهم لم يعيشوا تلك اللحظات…
(( وتلك الايام نداولها بين الناس))

صدق الله العظيم