من الخطر أن يتسلط الأحاديون على بلد دشّن نسخته الديمقراطية الأولى من عهدٍ قريب , سيما أن مؤسساته المهمة والرئيسية لا تزال في طور البناء ولم تنضج بعد.. لا خطر على الديمقراطية الناشئة في العراق إلا من هذا الفكر الذي يسعى دائماً إلى قطف ثمار نتائج الأنجازات والتنصل من الأخفاقات .. هؤلاء لا همّ لهم إلا بناء سلطتهم التي بدأت تنكفئ , لذا صار التخبط واضحاً والأستغراب بادياً على وجوه الجميع بعد فترة من حسن الظن بهم من قبل الناس .
فصائل مسلحة !!
‘‘أعلنت مستشارية المصالحة الوطنية وعلى لسان رئيسها الوزير السابق عضو حزب الدعوة عامر الخزاعي عن ضم مجموعة جديدة من الفصائل المسلحة إلى العملية السياسية الخاصة ’’.. يبدو أن هناك عملية سياسية أخرى في العراق , هي تلك العملية التي يديرها مكتب رئيس الوزراء وبطرق ملتوية جداً , أبرزها الكذب والكيل بمكيالين … لا أدري كم هي أعداد الفصائل المسلحة التي عبثت في أمن البلد ومزقته شر تمزيق وخطفت أرواح أبناءه بكواتهما وعبواتها ومفخخاتها , فكل مرة يخرج علينا عامر الخزاعي ذاته ليبشرنا بإنضمام فصيل أو فصائل مسلحة .. كنّا سابقاً نأمل في تراجع الأعمال الإرهابية وأنهاء حالة التسليح , لكن أثبتت الأيام أن تواجد تلك الفصائل هو عملية خرق لروح الدولة وقانونها وما تلك المفاوضات إلا صفقات لدعم حكومة المالكي من جهة ودعم تلك المجموعات المسلحة بالمال لتتحول إلى فصائل فوق القانون . الأغرب أن الحكومة عندما تعلن عن نجاحها في أحتواء هؤلاء تصورهم على أنهم أصحاب قضية حقيقية وأنهم حريصون كما هي على سلامة البلد !! .. بينما الواقع أنهم قتلة مجرمون تم أحتواءهم ليرجحوا كفة رئيس الوزراء .
سؤال ملح , هل أن المصالحة معنية فقط بمن حمل السلاح وتورط بدماء العراقيين ؟! ..فمن جهة يتصالحون مع الإرهاب ومن جهة أخرى يقطعون الطريق على أي حوار مع الفرقاء السياسين الذين أختلفوا معهم في وجهات النظر فقط !!..لا تجد هذا إلا في دولة القانون (قانون حماية الإرهاب) .
الفصل السابع ..!!
كعادته حزب الدعوة , يستثمر أي منجز مهما كان حجمه ومهما كانت الآلية التي أُنجز عبرها واضحة , فيعمد إلى خلط الأوراق بشكل عجيب.. من المعلوم أنّ خروج العراق من الفصل السابع ليس من السهولة بمكان , فهو من القضايا الشائكة التي أرتبطت بسلسة من الأجراءات والأختبارات والتعهدات , أضافة إلى المشاكل مع الكويت والتي تعد المعرقل الأبرز لكل الجهود الرامية لأنهاء تلك القرارات , وبالتالي فأن العملية تحتاج إلى بناء منظومة من العلاقات المبنية على تبادل الثقة والطمأنينة وهذه لن تأتي عبر التهديد والعنتريات وخطابات الرجولة والحروب … الموضوع عسير لا كما يصفه بعض الكتاب بأنه لم يستغرق سوى خمسة عشر دقيقة … ومن المتابعة الدقيقة نجد أنّ أغلب السياسيون ساهموا بدرجة معينة في هذه المهمة , ولعل عبد العزيز الحكيم أول من فتح باب المطالبة بخروج العراق من الوصاية الدولية , حتى أن بعض المقربينمن رئيس الوزراء اليوم أستنكروا قيام الحكيم بالإلحاح بهذه القضية وعدوها خاسرة .. وزارة الخارجية معنية بشكل مباشر بالأمر ومن تلى بيان العراق في الأمم المتحدة هو وزير الخارجية , ما أن أُعلن المنجز حتى سعى الدعاة إلى تهنئة مهندس النصر (أبو إسراء ) بأعتباره هو من حققه !! الطريف عندما تسئل أحدهم عن الكهرباء يسارع بالقول أن وزير الكهرباء هو السبب وعندما تطالبهم بالخدمات يقولون أن هؤلاء الوزراء ليسوا منا ببراءة صريحة مع من يعمل بطاقمهم !!
وزير الخارجية كان أولى بأن يحتفل بهذا النصر الكبير حسب مقاسات (الحزب الحاكم ) فوزارته معنية بالأمر, فلماذا يتبنون النجاح ويتبرءون من الفشل المرافق للحكومة في كل المجالات ؟!
يُذكر أن خروج العراق من الفصل السابع لم يكن نتاج مفاوضات فقط , بل أن الديون المترتبة على البلد للكويت قد سُدت وهذا يعني أن الخروج من الوصاية الدولية أمر طبيعي وبديهي بعد أن وفى العراق أغلب الديون ولم يبقى سوى جزء قليل منها .. كان يفترض أن تشرح هذه التفاصيل ليطلع عليها الناس .
خلاصة القول أن دولة الرئيس وحزبه يعملون بطريقة الخداع والتضليل لإيهام الجماهير .. طريقة تؤشر عدم قدرة هذا الطرف على قيادة دولة , وجل تفكيرهم مرتبط بتلميع صورة البطل الأسطوري للحفاظ على أمتيازاتهم أطول فترة ممكنة .
فضيحة في لندن !!
أعتقلت السلطات البريطانية في أحدى مطارات العاصمة لندن رئيس كتلة دولة القانون في مجلس النواب الشيخ خالد العطية بعد أن وجدت بحوزته ملايين الدولات المهربة إلى هناك , التهمة هي تبيض الأموال .. كما هي الأعذار متوفرة بالعراق , ومثلما كُفّل السارق فلاح السوداني , شيخهم يطلب محامي (شاطر) . يبدو أن بريطانيا العظمى تعج بالفقراء والمعوزين لذا رقّ قلب دولة الرئيس فأوفد أحد معاونيه ليسد رمق الفقراء الأنكليز !!
كذبة وقحة وقبيحة من سماحة الشيخ العطية , ترك فقراء العراق وذهب بأموالهم للندن بخطوة مشابهة لزميله حسين الشهرستاني الذي قام بتصدير الكهرباء إلى (ماعرف وين) .. الكارثة أن أسم القانون لُوث بفعل هؤلاء الجياع الذين حتى السرقة غالوا بها لدرجة الفضائح .. تبين أن هذه ليست المرة الأولى التي يُعتقل بها العطية في التهمة ذاتها , فنشر الدعوة الأسلامية تحتاج إلى تضحيات الشيخ العظيمة !! .. ولنا بكل دولة قضية وفضيحة , من روسيا وصفقة الأسلحة وإلى بريطانيا وتبييض الأموال السوداء لخالد العطية .
القائمة المغلقة !!
بعد فاجعة الأنتخابات الأخيرة وخروج دولة القانون من اللعبة في الحكومات المحلية , هاج كل من في كابينة الرئيس وأخذوا بإلقاء التهم تارة والتبريرات تارة أخرى متصورين أنهم يدرءون خطر الأنحسار التدريجي الذي أصابهم , لا يريدون الأعتراف بالفشل .. قال أحدهم أن سانت ليغو هو السبب , ولا أدري أن كان (سانت ليغو) رجل سياسي أو أسم عابر , لكنهم بكلتا الحالتين قد يصفوه بالمتآمر ويلصقوا به 4 أرهاب بأثرٍ رجعي !! . ثم ذهب أحدهم إلى أن التحالفات التي حصلت بعد النتائج هي السبب الرئيسي في خسارتهم المدوية , تصريحات كثيرة عُدت مرحلة أنتقالية .. أخيراً أستقر الرأي على أن السبب هو القائمة المفتوحة , حيث صرح أحد قيادات دولة القانون (حسن السنيد ) أن كتلته ستحاول أعادة العمل بالقائمة المغلقة بالتواافق مع القائمة الكردية .. لن يأتي بجديد , فالحزب لا يؤمن بالديمقراطية بقدر ما يعتبرها مرحلة ضرورية للوصول إلى الحلم الكبير .. في بدايات تأسيس الولايات المتحدة الأمريكية وأثناء كتابة الدستور الأمريكي أصر جورج واشنطن على أن تكون للرئيس حق الترشيح لولايتين فقط , علماً أنه كان الرئيس حينها , وعندما سُئل عن السبب , قال (ما مضمونه) أن قدرة الأنسان على العطاء تقل إذا بقي في موقعه أكثر من هذه المدة .. أؤلئك يبنون دولة عامرة بمؤسساتها , وهؤلاء لا همّ لهم سوى بناء حكم سلطوي لذا فسيستخدمون كل الأمكانات والوسائل لتحقيق ذلك الهدف .
ما أريد قوله , هو أن حزب السلطة كشف جميع أوراقه ولم يعد هناك ما يخفيه فالملك عقيم !!
قراصنة القضاء !!
ليس كالتهدئة والحوار سبيلاً في النهوض بواقع البلد والخروج من نفق مشاكله الكثيرة , فلا يستطيع أياً كان إلغاء الآخر .. لا بدّ من الأيمان بضرورة العيش المشترك كقدر وواقع , وما دون ذلك السبيل فلا يوّلد إلا فشل ونكوص ومزيداً من الدماء والدمار والفساد . لكن , الشرطية هنا أمر حتمي , والشرط أن يكون ذلك الحوار والتهدئة مبنية على أسس متينة ونابعة من أحترام مبدأ الفصل بين السلطات وتغليب المصلحة العليا وسيادة القانون وعدم أستغلالها بشكل يسمح بضياع هيبتها .. سيما القضاء ,ليس هناك أي مجال للتلاعب به وإن سُيس فهذه نُذر الأستبداد أو خطوات الدكتاتورية الأولى .
لفت أنتباهي وأثار فضولي خبر مفاده أن الحكومة الأتحادية أغلقت دعوة قضائية كان قد تقدم بها وزير (الثقافة والدفاع ) ضد رئيس حكومة أقليم كردستان ووزير البيشمركة وحسب المصدر (جبار ياور ) فأن دولة رئيس الوزراء هو من وجّه بغلق الدعوة , ويبدو أن هذا الملف أحد المواضيع التي حضرت لقاء المركز بالأقليم .. في الوقت الذي نبارك ونؤيد كل خطوات التقارب , نقول : أن رجل الدولة يجب أن يمتلك أفق واسع بقدر أتساع دولته شمالا وجنوباً , شرقاً وغرباً , وما طريقة الملفات إلا دليل على ضيق الأفق من جهة , ومن جهة أخرى هي أشارة صريحة على التدخل الصريح في القضاء , ناهيك عن طريقة (كسر العظم ) والحمق التي يمتاز بها حكم ( الصبيان ) . هل كان المدعى عليهم تجاوزا القانون ووجب بحقهم العقاب ؟! أن كان كذلك فمن أعطى الحق لرئيس الوزراء أن يغلق الدعوة ويتدخل بعمل السلطة القضائية المستقلة (فرضاً) ؟! .. وإن كانوا أبرياء والقضية مفبركة , فهذا يعني أن هناك مافيات يحركها حاكم متسلط يمتلك مفاتيح كل شيء , وما الديمقراطية والحرية وفصل السلطات إلا كذبة كبيرة وسينتهي التمشدق بها .
الخلاصة :
أن حزب السلطة والذي له جذور (أخوانية) , لا يختلف كثيراً عن حكم الأخوان (المسلمين ) وأسسهم في العمل السياسي .. يتشابهإلىحدبعيدمايحدثبمصرمعأحداثالعراق , فالحكومتينمنمنبعوفكرواحدوهوفكر (الدعوة الأخوانية), رغمالأختلاففيبعض الأمورالعقائدية, لكنتبقى طريقةالتفكيرواحدة.. ليس هناك أسمى وأهم من الملك , وغايتهم تبرر كل الوسائل المستخدمة لديمومة التواجد على كرسي الرئاسة . ومن الأدبيات السياسية الأساسية التي يقوم عليها الحزب , نظريته في القيادة والحكم , والتي تجعل المجتمع بكل أشكاله مؤسسة من مؤسسات الحزب القائد . أي أننا أمام نظرية خاصة لا تقترب من الديمقراطية بأي شكل من الأشكال , فالشورى خاصة لكادر الحزب المتقدم , ورئيس الحزب هو خليفة مفترض الطاعة !! . لعله السر المهم في التراجع الذي يشهده البلد في كافة مجالات الحياة , فالمشكلة في الأسس التي يرتكز عليها تفكير ومبادئ رجالات الحزب وكلها (الأسس ) تربط الكل بجزء ,هو الحاكم المطلق .