19 ديسمبر، 2024 1:01 ص

(6)
حقوق المرأة والطفولة… الغائب الكبير في العراق الجديد

لعل في نص المادة 49 – رابعا من الدستور، التي الزمت بتخصيص 25 بالمائة على الاقل، من المقاعد البرلمانية للنساء، اقرار واضح بما يكفي، بأن البيئة السياسية الجديدة التي نشأت عقب التغيير الكبير في 20003، لم تسمح للمرأة في ان تنافس الرجل في السباق الانتخابي، وبالتأكيد في المجالات الاخرى، لذا لجأ المشرّع الى نظام (الكوتا) ، في محاولة لإنصاف المرأة في هذا السباق.

مع ان المشرّع ذاته، لم يؤمن للمرأة وللطفولة ايضا، ما يلزم من نصوص دستورية، تتعلق بحقوقها وبحمايتها ورعايتها، اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا. حيث ان المرأة والطفل لم يذكرا في الدستور الا في ثلاث مواد، هي 29 و30 و49 ، وبشكل عابر، لا يعبر عن انشغال حقيقي بمستقبل هذا الفاعل الحيوي في تنمية المجتمع وتطوره.

لقد تراجع وبشكل فاضح – حتى بدا انه ممنهج – حضور المرأة في دائرة القرار الحكومي التنفيذي، ففي حكومة علاوي (2004)، كانت هناك ستة وزيرات، تراجع الرقم اى اربعة في حكومة المالكي الاولى(2006) ، ثم الى وزيرتين في حكومة المالكي الثانية (2010)، والان هناك وزيرتان فقط، كما لدينا فقط سفيرتان في السلك الدبلوماسي، وتراجع ايضا عدد المناصب التي شغلتها المرأة في مناصب الصف الثاني في الحكومات المتعاقبة، من ثمانية (2005) الى واحدة في الحكومة الحالية كنواب للوزراء، وفي المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، كانت هناك امرأتان في عام 2006 وتصبح امرأة واحدة في 2010 لتختفي تماما في مجلس المفوضين الحالي.

في البرلمان الحالي هناك 83 امرأة، لكن المتتبع لا يلحظ نشاطا حقيقياً لهن خصوصا في اتجاه نصرة قضايا المرأة والطفل الا بحدود متواضعة لا تكاد تسمع. وكل النشاطات الاخري الظاهرة لعدد محدود من البرلمانيات، انما تتعلق ببرامج حزبية خالصة ليس من بينها شؤون المرأة وقضاياها.

في تشرين الماضي كشف تقرير لوزارة التخطيط عن انه هناك مليون و983 الف امرأة ارملة ومطلقة، ويشير ذات التقرير ان هذا الرقم لايشمل محافظات الانبار ونينوى وعددا من الاقضية والنواحي التابعة لمحافظة صلاح الدين، ويعلم الجميع حجم التخريب والدمار الذي طال هذه المحافظات بسبب الاحتلال الداعشي البشع لها وحروب التحرير منه، بما يعني اننا نتحدث عن رقم يقترب من ثلاثة ملايين امرأة وهو رقم مفزع وخطير، ويلخص الى حد بعيد معاناة المرأة العراقية وتهميشها ايضا.

وبخصوص الاطفال، نكتفي بالاشارة الى تقرير لليونيسيف نشر في العام الماضي الذي ذكر ان 20 بالمائة من اطفال العراق خارج التمدرس وربعهم يعانون من الفقر الشديد، وأشارت المنظمة إلى أن “نصف الأبنية المدرسية في العراق بحاجة إلى إصلاحات عاجلة موضحة انه فيما يتسرب الأطفال من المدرسة يرسب آخرون في مراحلهم الدراسية مشيرة إلى أنّ انخفاض معدلات التحصيل التعليمي للأطفال اليوم يعني وظائف بأجور منخفضة في المستقبل.

كما حذر التقرير من خطر تعرض 3.5 ملايين طفل عراقي لخطر التجنيد من قبل الجماعات المسلحة نظرا إلى افتقارهم إلى التعليم ما يتسبب بضياع جيل بكامله من أطفال البلاد.

هذا باختصار شديد حالة المرأة والطفل في العراق الجديد؟؟

اننا اليوم في حاجة اكيدة اكثر من أي وقت مضى، للتغيير وايقاف هذا الانحدار الشديد الذي يسحبنا جميعا نحو كارثة حقيقة تحيط بمستقبل وجودنا كمجتمع وامة وشعب ودولة وكيان …

تصويتنا بقوة يوم 12 ايار القادم هي الخطوة الاولى على طريق مسار حقيقي في الاصلاح والتغيير.
بغداد 4 نيسان 2018