نظام المفوضية في توزيع مقاعد البرلمان القادم يضر بحقوق المرأة المسيحية
اصدرت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، نظام توزيع المقاعد في البرلمان القادم (نظام رقم 12 لسنة 2018)، تبعا للنتائج الرسمية للانتخابات البرلمانية القادمة، وكانت المفاجئة لنا نحن النساء المسيحيات، ان نظام التوزيع هذا، اغفل شمولنا بالكوتا المخصصة للنساء في مقاعد كوتا المسيحيين، مما يمنعنا من حق كفله لنا الدستور بنص المادة 49 – رابعا، وعليه فالنساء المرشحات على المقاعد الخمسة للكوتا المخصصة للمسيحين سيتنافسن مع الرجال عليها: مما يقلص كثيرا من حظوظهن في الفوز بمقعد منها.وقد بادرتُ وقدمت طلبا الى مجلس المفوضين لتخصيص مقعدين للنساء في المقاعد الخمسة المخصصة للمسيحيين، تنفيذا للنص الدستوري وللمادة 13 من قانون انتخابات مجلس النواب 45 لسنة 2013 المعدل ، واجابت المفوضية بان الجهة المختصة بذلك هو البرلمان. مع انني لم اطالب بتعديل القانون بل في تنفيذه. وسنحاول ادناه ايضاح ذلك بأقل قدرمن مراجع النصوص الدستورية والقانونية :
ان توزيع مقاعد الكوتا والتي عددها تسعة مقاعد على الدوائر الاخرى حسب المحافظات كما هو مبين في جدول المفوضية ، يمثل خرقا واضحا لنص المادة 11 – ثالثا من قانون الانتخابات رقم 45 لسنة 2013 المعدل والتي تنص على ان ” تكون المقاعد المخصصة من الكوتا للمسيحيين والصابئي المندائي ضمن دائرة انتخابية واحدة” بما يعني ان التوزيع على الدوائر الاخرى يشمل فقط المقاعد الثلاثة غير المندرجة في هذا النص (الشبك والازيدية والكورد الفيلية)، مما يُلزم المفوضية بتصحيح هذا الخرق البيّن بإضافة دائرة اخرى الى جدولها (الدائرة 19) ، يكون عدد المقاعد المخصصة لها هو 6 مقاعد – 5 للمسيحيين وواحد للصابئي المندائي-، وعليه يكون عدد مقاعد النساء المخصصة لهذه الدائرة هو 2، وفق نظام الجدول ذاته المنفذ لمقتضيات المادة الدستورية 49- رابعا. سيما وان الجدول المذكور قد قسم العراق الى دوائر انتخابية ( 18 دائرة) وليس باعتبارها محافظات فقط كما يتوهم البعض.
ان حرمان النساء المرشحات على مقاعد الكوتا المخصصة للمسيحيين من تطبيق الكوتا المخصصة للنساء عليهن، يعني عمليا، جعل التنافس على مقاعد المكون المسيحي بين الرجال فقط بمعنى ان تتنافس المرأة مع الرجال عليها، مما يمثل انتهاكا واضحا لروح ومقاصد المادة 49 – رابعا من الدستورالتي نصت على تخصيص 25 بالمائة على الاقل من مقاعد البرلمان الى النساء ، الامر الذي سيضعف الى حد كبير امكانية وصول المرأة المسيحية الى البرلمان عبرحرمانها من حق كفله الدستور لها، ودلالة ذلك ان المرأة المسيحية، وبسبب هذا القانون غير المنصف، لم تفلح بالفوز بأي مقعد من مقاعد كوتا المسيحيين في الدورة الانتخابية السابقة، في حين حصلت امرأة واحدة في الدورة البرلمانية الاولى (2005) وكذلك في الثانية (2010) على مقعد بسبب فوزها على منافسيها من الرجال وليس بسبب امتياز كوتا النساء. سيما وان الجوهر في مفهوم الكوتا، هو اتاحة الفرصة امام اي مجموعة لا تستطيع ان تنافس اخرين في انتخابات عامة ومنها البرلمانية، إما لقلة اعدادها (المسيحيين مثلا هنا) او لتهميش اواقصاء اجتماعي قسري، وهم النساء نموذجا، عبر تخصيص مقاعد مناسبة وحصريا لها.
ان المفوضية في نظامها الاخير لتوزيع المقاعد في البرلمان القادم حرصت فقط على تحقيق نسبة ال25 بالمائة التي حددها الدستور والقانون الانتخابي للنساء في البرلمان دون اعتبار للضرر الذي سيلحق بنا كنساء مسيحيات داخل كوتا المسيحيين بسبب عدم احترام النصوص القانونية المنظمة لذلك، كما بينا اعلاه.
وحيث ان المفوضية لم تستجب لتظلمنا المشروع، فلم يعد امامنا خيار سوى ان نتقدم الى المحكمة الاتحادية العليا للفصل في هذا الامر، انتصارا ودفاعا عن حقنا كنساء عراقيات – قبل ان نكون مسيحيات – في مواجهة التعسف الذكوري البين حتى في تطبيق القوانين التي قيل انها وجدت لأنصافنا.
املنا كبيرفي ان تشارك المرأة العراقية بكثافة عالية في الانتخابات القادمة لتنتخب من يمثلها من بين النساء، لمباشرة اجراءات رفع الحيف عنها وانهاء حالات التهميش والإقصاء الرجولي المتواصل باستمرار ضدها.