محامِ اسمه أمير الدعمي رفع دعوى أمام المحكمة الإتحادية ضد تعديل العمر في قانون التقاعد الموحد وتحديده بستين سنة وساق في دعاواه حجتين واهيتين الأولى ان هذا الأمر اجحاف بحق شريحة من موظفي الدولة وهو بالتالي مخالف للدستور الذي يمنع إصدار قوانين تتعارض مع الحقوق والحريات.
أما الحجة الثانية فهي المقارنة مع دول الجوار والدول المتحضرة التي يصل بها سن التقاعد الى ٧٠ سنة.
ولقد فات السيد المحامي ان ارتفاع سن التقاعد هو بحد ذاته اجحاف بحقوق الشباب الذين ينتظرون حقهم في العمل وسبب كبير لتفشي البطالة وما تؤدي اليه من امراض اجتماعية. علما ان التقاعد حالة طبيعية لا تتضمن أي جور او ضرر كما هو الوضع في حالة سد باب فرص العمل في وجه الشباب، الا ما يقال عن “بدعة” خسارة الكفاءات ، وهي بدعة مردودة لسببين: الأول، الشباب عموما يتحلون بروح الإبداع وتجسير فجوة الخبرة بسرعة، والثاني، ان الكفاءة او الخبير المتقاعد يمكنه إما الركون الى الراحة كما هي العادة او ولوج مجال عمل جديد من شأنه ان يخلق المزيد من فرص العمل.
أما ادعاءً سن السبعين للتقاعد في دول الجوار وفي الدول المتحضرة فلا أساس له من الصحة. في ايران سن التقاعد ٦٠ للرجال و٥٥ للنساء. في السعودية ٦٠ للجنسين. في تركيا ٦٠ و٥٨ على التوالي، سوريا ٦٠ وكانت هناك دعوات لرفعه الى ٦٥ للأستاذ المساعد و ٧٠ للأستاذ الجامعي بسبب الحرب الدائرة منذ ٨ سنوات. الكويت خفضته الى ٥٠ و٤٥ على التوالي. الأردن ٦٠ والتقاعد المبكر ٥٥ وهناك سعي لرفعهما الى ٦٥ و٦٠ على التوالي. الدولة الوحيدة في العالم التي يبلغ سن التقاعد فيها ٧٠ سنةً هي ليبيا وهو تعديل جديد عن ٦٥ سنةً، حدث عام ٢٠١٧ ومع ذلك فإن السبعين اختياري ويمكن للموظف ان يحيل نفسه للتقاعد في سن ٦٥.
أما الدول المتحضرة، امريكا من ٦٢ الى ٦٧. روسيًا ٥٥ للنساء و٦٠ للرجال وهناك محاولات للرفع. الصين ٥٠ الى ٥٥ للنساء و٦٠ للرجال. في الإمارات مثلًا، يمكن ان تطلب التقاعد بعد ٢٥ سنة خدمة بغض النظر عن العمر.
في الواقع، معظم الدول تتبع معايير اجتماعية واقتصادية منها متوسط العمر السائد. البلدان الإسكندنافية مثلا حددت سن التقاعد بالنسبة للرجال والنساء على حد السواء بـ67 عاما، مع العلم أنها تتميز بارتفاع أمل الحياة عند الولادة حيث ان متوسط العمر يبلغ 82.8 عاما في آيسلندا، و82.1 عاما في النرويج.
في احصائية شملت ١٥٣ دولة بناءاً على بيانات الأمم المتحدة لتقييم سن التقاعد المبني على متوسط العمر ونسبة المسنين في المجتمع ، وجدوا ان سن ٦٠ سنةً هو الأفضل للتقاعد.
٦٢ دولة من الـ ١٥٣ يصل سن التقاعد فيها الى ٦٠ سنة. ولا يرتفع سن التقاعد عن الستين الا في الدول الغنية والتي يرتفع فيها ايضاً متوسط العمر وتزداد نسبة المسنين بين السكان، بينما الوضع لدينا مختلف تماما. هناك تقديرات للجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط، ان الشباب يشكلون نسبة 27.4 % من سكان العراق وهي نسبة تفوق المعدل العالمي ، اذ يبلغ عددهم 10.5 مليون شخص، ويشكلون 36.1 % من القوى العاملة، منهم 2.2 مليون في العاصمة بغداد وحدها، بينما تقول احصاءات البنك الدولي ان معدل الشباب من الفئة العمرية ١٠-٢٤ سنة في العالم حوالي ٢٢٪ بما يصل الى ١,٨ مليار شاب.
اما متوسط العمر في العراق فمنخفض واقل من معظم دول الجوار. دراسة أمريكية لمعهد القياسات الصحية والتقييم في سياتل حول متوسط العمر المتوقع والأسباب الرئيسية المؤدية للوفاة، وجدت ان العراق يحتل المركز 141 بين 195 أمة عام 2016 بمتوسط عمر 67.6 سنة، وإذا استمرت التوجهات الصحية، فسيتوقع أن يصل متوسط عمر العراقيين إلى 73.9 سنة في عام 2040، ولكن، تقول الدراسة، بالرغم من توقع وجود مكاسب حياتية كبيرة في العراق، سيبقى متوسط العمر متأخراً عن معظم الدول في الشرق الأوسط. المتوقع أن يعيش الأردنيون إلى عمر 79.4 سنة في المرتبة 69 والإيرانيين 78.7 سنة في المرتبة 77 والسوريون حتى 78.6 سنة في المرتبة 80.