كتبنا كثيرا وصرخنا عاليا وطالبنا مرارا بحل هذه الحكومة الفاشلة وحل أجهزتها الأمنية المتداعية وإعادة بنائها من جديد على أسس وطنية ومهنية , وحذرّنا من الإرهاب والجماعات الإرهابية , وقلنا إنّ الدماء ستوّلد دماءا والقتل سيوّلد القتل , وانهيار الأمن سيحرق الجميع , لكن وللأسف الشديد غاب منطق العقل والحكمة ونجحت قوى الإرهاب في تجنيد الآلاف من شباب سنّة العراق وتجنيدهم تحت راية تنظيم القاعدة الإرهابي , بدفع من قوى عربية وإقليمية تريد حرق العراق على غرار النموذج السوري وتدمير البلد برّمته .
نعم أنا اتفق وإياكم أنّ الحكومة فاشلة والأجهزة الأمنية مخترقة والقادة الأمنيون فاشلون والجهد الاستخباراتي ضعيف جدا , لكن بالمقابل من يقوم بتفخيخ وتفجير هذه الأعداد الهائلة من السيارات المفخخة ؟ وأين يتم إعداد هذه المفخخات ؟ ومن يحتضن الإرهاب والقاعدة ؟ ومن الذي يقدّم لها الأموال والدعم ؟ لا أعتقد انّ ساذجا سيقول أنّ الأكراد أو الشيعة هم الذين يقومون بهذا القتل والتدمير .
فمن المؤكد أنّ الذي يقتل العراقيين في الشوارع هم الإرهابيون من تنظيم القاعدة , ومن المؤكد إنّ تنظيم القاعدة لا يظمّ سوى المتطرفين من السنّة , ومن المؤكد أنّ حواضن هذا الإرهاب موجودة في مدن وقصبات السنّة , ومن المؤكد أنّ عددا غير قليل من السياسيين السنّة على صلة بهذا الإرهاب والقتل , وهذه حقائق يعرفها الجميع .
أنا لست طائفيا ولا أفرق بين شيعي وسنّي , لكنّي لا أقبل لسنّة العراق أن يحتضنوا ويدعموا الإرهاب ويشعلوها حربا طائفية لا تبقي ولا تذر , فالإرهابيون من مجرمي القاعدة يسرحون ويمرحون في مدن وقصبات أهل السنّة تحديدا , والانتحاريون العرب ينامون في بيوت أهل السنّة , والمستهدفون بالقتل هم الشيعة فقط , وهذا الإرهاب سنّي قاعدي فقط .
فماذا تريدون يا سنّة العراق ؟ تعالوا نتحدث بالمكشوف ؟ هل تريدون السلطة لكم فقط كما كنتم في السابق ؟ أم تعتقدون أنّكم أسياد والآخرون عبيد ؟ وهل فكرّتم يا عقلاء سنّة العراق ماذا سيجرّ عليكم هذا الإيغال في القتل ؟ سأكون صريحا معكم يا سنّة العراق , إذا ما نجح الإرهاب لا سامح الله في مخططه الرامي لإشعال الحرب الأهلية , فالخاسر الأكبر من هذه الحرب ستكونون أنتم , لأنكم الاضعف والاقل عددا , وإذا نجحت الأجندات الشيطانية في تقسيم البلد , فأيضا انتم الخاسر الأكبر , لان موارد العراق ليست في اراضيكم , وستعيشون في ليل بهيم .
فارجعوا إلى رشدكم ولا تنجرفوا مع الإرهاب وتكونوا حواضن له , فالصبر بدأ ينفذ , والمارد على وشك الخروج من القمقم , ولا تراهنوا بأكثر من هذا , فالاجساد والاشلاء المتطايرة في الشوارع ورائحة الدماء تنذر بيوم لا أحد يعرف ماذا سيكون ومتى ينتهي .