مع تصاعد الأزمة السياسية بين العراق وتركيا على خلفية التواجد العسكري التركي في معسكر قرب الموصل دون طلب أو موافقة من الحكومة العراقية , بدأت تتصاعد أصوات بعض السياسيين السنّة بمطالبة الحكومة بعدم التصعيد مع تركيا والتعامل مع التواجد العسكري التركي بواقعية , فبالأمس كان صالح المطلك وظافر العاني , واليوم يلتحق بركبهم رئيس كتلة تحالف القوى السنيّة أحمد المساري , داعيا في بيان له الحكومة إلى احتواء الأزمة مع تركيا والتعامل مع التواجد العسكري التركي في العراق بواقعية وعدم إقحام البلد بسياسة المحاور الإقليمية , وقال ( في الوقت الذي نؤكد رفضنا القاطع للتدخلات الخارجية في شؤون العراق والمس بسيادته وأمنه واستقلاله من أي جهة كانت فإننا ندعوا الحكومة العراقية إلى احتواء الأزمة مع الجارة تركيا وفسح المجال أمام الجهود الدبلوماسية لحلها بالطرق السلمية والتعامل مع التواجد التركي في العراق بواقعية وعدم اقحام البلد بسياسة المحاور الاقليمية وتطمين الجانب التركي على عدم السماح باستخدام الأراضي العراقية من قبل حزب العمال الكردستاني لشن العدوان على أراضيها وذلك باتخاذ خطوات عملية بهذا الخصوص ) .
وبدورنا نسأل السيد المساري وكتلته التي ينتمي إليها , ما المقصود بالرفض القاطع للتدّخلات الخارجية في شؤون العراق ؟ فلا أضن أن السيد المساري يقصد التدّخل السعودي أو القطري أو التركي في الشأن العراقي , فإذا كان المقصود بهذا الرفض إيران , وأنا أجزم بذلك , فهل لإيران جيش ودبابات ومدافع واسلحة ثقيلة في العراق ؟ وأين هذا الجيش ؟ وهل قالت حكومة إيران يوما بأنّ لها الحق بالتدّخل عسكريا لحماية شيعة العراق من حرب الإبادة التي يشّنها تحالف السعودية وقطر الوهابي على شيعة العراق ؟ أو أنّ البصرة لشيعة العراق فقط كما قال أردوغان أنّ الموصل للسنّة فقط ؟ وهل صرح يوما الرئيس الإيراني روحاني أنّ لهذا الطرف الحق بالمشاركة بمعركة تحرير الموصل وذاك الطرف لا ؟ فأين هو هذا التدّخل في الشأن العراقي لتجعلوا منه تبريرا لدعمكم للتواجد العسكري التركي في العراق ؟ وهل يمكن اعتبار مساعدة إيران للشعب العراقي في حربه ضد داعش تدخلا في الشأن العراقي ؟ ألم يطلب العراق من أمريكا ودول التحالف الدولي مساعدة العراق في حربه ضدّ داعش ؟ .
والمسألة الأخرى ما هي الواقعية التي يطالب بها المساري والسياسيون السنّة الحكومة العراقية ؟ هل تعني هذه الواقعية أن يستسلم شعب وحكومة العراق للبلطجة الأردوغانية ؟ أم أنّ هذه الواقعية مقصود بها أنّ التواجد العسكري التركي ضروري ومهم لحماية سنّة العراق من الحشد الشعبي الذي تتّهمه معظم القيادات السنيّة بارتكاب جرائم حرب وإبادة وتطهير طائفي ضدّ سنّة العراق ؟ لماذا لا يعلن سنّة العراق موقفهم الواضح والصريح من العدوان التركي الأردوغاني الغاشم على العراق شعبا وحكومة وترابا وسيادة ؟ ولماذا هذا الاختباء وراء العناوين المخادعة ؟ ألا يتّعظ سنّة العراق من تجارب الماضي ؟ لماذا لا يرفض سنّة العراق التواجد العسكري التركي بشكل واضح وصريح وبدون الاختباء وراء العناوين التي ظاهرها وطني وباطنها خياني ؟ أليست تركيا هي من أدخل داعش إلى العراق وسوريا ؟ وأليست هي من يشتري النفط المسروق من داعش ؟ فمتى كانت تركيا مهددة بأمنها من داعش ليكون هذا تبريرا لها باحتلال أراض من العراق وسوريا ؟ وما علاقة الحكومة العراقية بحزب العمال التركي وتواجده في العراق ليكون ذريعة للتواجد العسكري التركي في العراق ؟ في الختام .. هل يعي سنّة العراق تبعات هذه المواقف والتصريحات على الوحدة الوطنية ؟ .