23 ديسمبر، 2024 2:31 ص

سنين يوسف في القضاء العراقي ” مالكم كيف تحكمون “

سنين يوسف في القضاء العراقي ” مالكم كيف تحكمون “

.. ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ” – 44- المائدة – .. ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ” – 45-المائدة-

..ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون “-47-المائدة-

سنين يوسف : هو مثل شعبي عراقي يضرب للسنين العجاف التي تمر على بعض ألآفراد وعلى بعض المجتمعات وربما على كل الناس أحيانا , والقضاء العراقي بطريقة تعامله مع المواطنين جعل أيامهم كسنين يوسف التي عرف بعضها بالقحط , ولكن حكمة نبي الله يوسف وحسن تدبيره وعدله بين الناس جعله يتغلب على معبد وكهنة أمون , وحول أيام المصريين وحياتهم الى رخاء ومساواة , بينما نرى القضاء العراقي يهمل الناس والنفوس ومشاعرها ويطبق النصوص بضيق وأنعدام توسعة في الفهم بما يلحق الظلم بالمترافعين عنده ويسومهم بحيف ويعاملهم بتعسف متجبرا مستعليا مستعملا قرار الحكم سيفا مسلطا على الجميع بأستثناء من يخشى مركزه أو يرجو منه مكرمة , فبعض القضاة أن لم يكن أغلبهم قليلو علم ناقصو خبرة , شخصياتهم ضعيفة خالية من كارزما القوة والحسم وثبات ألآرادة , والقضاء مركز خطير , لآنه يتعامل مع شؤون الناس وحقوقهم في مختلف جوانب الحياة أبتداءا من الولادة والطفولة وحاجاتها , والبلوغ وتكاليفه من خطبة وزواج ونفقاته مرورا بالعمل وتفاصيله من عقود ومضاربات و من تجارة وتسليف ,  ومزارعة وسقي الى تربية الماشية وذباحتها وبيعها وشرائها , كل ذلك يحتاج فيه الى بيان الحقوق , وحق الله فوق كل حق , وحق العباد عند الله هو أعظم الحقوق , وللله حكم في كل شيئ قال ألآمام الصادق “ع” : لم يترك ألآسلام من شيئ حتى ألآرش في الخدش ” ونحن نعلم جميعا أن تراجع حكام المسلمين عبر مراحل الحكم ألآموي والعباسي والعثماني , ثم مراحل أنظمة التبعية للغرب جعلت حياة المسلمين تبتعد شيئا فشيئا عن تطبيق شريعة ألآسلام التي ضمنت حقوق الناس جميعا على أختلاف شرائعهم , فالمسيحيون , واليهود , والصابئة , وكل أصحاب ديانة لهم حقوقهم وحرياتهم المذهبية , ولازال عهد النبي “ص” بالحفاظ على كنائس المسيحيين محتفظ به عند الكنائس المشرقية القديمة .

أن من أوضح مظاهر أبتعاد المسلمين عن تطبيق شريعة ألآسلام هو مايقوم به القضاء العراقي من أتباع قوانين غربية يحتلط فيها البريطاني والفرنسي وألآيطالي مع أضافات بعض القوانين ألآمريكية أخيرا نتيجة تمدد الجامعات ألآمريكية في العالم العربي وألآسلامي , والجامعة ألآمريكية في بيروت من أمثلة ذلك وأغلب أبناء ألآسر العراقية الغنية والتي كانت مقربة من العائلة الملكية هم خريجو الجامعة ألآمريكية في بيروت لذلك تجد ثقافتهم تنقصها المعرفة بثقافة ألآسلام وعلوم القرأن , وهذا ألآمر نسحب على الذين عملوا في دوائر التربية والتعليم والذين عملوا في ألآذاعة والتلفزيون العراقي وكل مايتصل بهما من نشاطات كالمسرح والسينما والفن التشكيلي , حتى أصبحت الحياة ألآجتماعية العراقية في جانبها الثقافي مثقلة بثقافات وافدة لم تهظم هظما يناسب الموروث العراقي الشعبي الغني بالمفاهيم ألآنسانية والحضارية , ولذلك نجد وزارة الثقافة العراقية وشبكة ألآعلام العراقي لاتدار بثقافة أيمانية تحافظ على التوازن بين الموروث العقائدي وبين مظاهر العصر ومجلة الشبكة العراقية وبرامج قناة الفضائية العراقية وفروعها التي ظلت تتشبث بمظهر الحداثة المرتبك فضيعت بوصلة ألآداء الناجح وألآبداع المنتظر في مثل هذه المحطات التي ينفق عليها من المال العام العراقي  , علما بأن الموروث العقائدي هو من يصنع عواطف ومشاعر الغالبية العظمى من العراقيين مما يجعل الدين بمفهوم علم ألآجتماع وعلم العقائد وألآفكار هو الحاضنة الحقيقية للحراك اليومي المتصل على مدار السنة توثيقا بين الزمان والمكان وألآنسان وهذا ما عملت عليه فيزياء الكم ورائد النظرية النسبية أنشتاين و التي تقود العالم اليوم بعدما لم تستطع ذلك فيزياء الميكانيك أيام نيوتن ذلك , أن أنفلات زمام التحكم في تطبيق يحاكي مشاعر القاعدة الشعبية كان نصيب أغلب المؤسسات التي عملت في ميدان ألآجتماع العراقي وعلى رأسها الحكومة التي ظهرت في التطبيق بلا هوية منسوبة حقا بما يحقق رضا القاعدة الشعبية , وكل المؤسسات الفدرالية عملت بغير هوية الحاضنة الحقيقية للشعب العراقي , ومن هذه المؤسسات هي مؤسسة القضاء التي لم تستطع أيجاد التوازن بين قوانين السماء وهي قوانين صناعة المشاعر الشعبية في العراق والقوانين الوضعية التي لاتنتمي لمشاعر القاعدة الشعبية , ولعدم وجود أختصاصيين من أهل الخبرة والفهم لكلا القوانين لذلك ظهرت المؤسسة القضائية بجلباب غير جلباب ألآنتماء للحاضنة الشعبية ولهذا ظل جلباب القاضي والمحامي لايبعث على ألآطمئنان مثلما تبعثه صدرية الطبيب علما بأنها مستحدثة من أفرازات العصر غير المستنكرة ولكن الفرق في مصداقية ألآداء .

أن قضاءا لايستطيع البت بقضية واضحة وغير معقدة ويظل يكرر التحقيق الممل لمدة خمس سنوات دون جمع طرفي القضية وألآستماع لآقوالهما , علما بأن أحدهم كان مسؤولا حزبيا عملت دوائر الدولة على أجراء التخويل للسيارات مثلا بأسمه دون أن يطلب هو ذلك , وعندما يقوم شخص أخر ببيع تلك السيارة تجاوزا وطمعا دون علم الشخص الذي كتب التخويل بأسمه , وعندما ينتقل صاحب التخويل الى مكان أخر لم يقم من حل محله بأبلاغ الدولة بمسؤولية الشخص الذي باع السيارة وهي مخالفة للمادة “27” من الدستور العراقي التي تنص على مسؤولية كل عراقي الحفاظ على المال العام , وتمضي سنين يمارس فيها الكل مخالفة تلك المادة الدستورية , ثم يطالب القضاء متاخرا الشخص الذي كان التخويل بأسمه وهو لايعلم بأنه ظل بأسمه وعندما يحضر ويدلي بأفادته أمام القضاء ويكشف للقضاء عن أسم وهوية من قام ببيع السيارة في ظروف لم يكن فيها حكومة ولا قضاء ولا مراكز شرطة وهو بعيد أحداث 2003 , ويقول القاضي الذي أستمع لآفادة صاحب التخويل : أنت ستكون شاهدا , وعندما يبلغ بائع السيارة بالحضور للقضاء لم يحضر وهذه بينة ضده , وعندما حضر بالقوة سجن قضائيا لعدة أيام وأطلق سراحه بكفالة وأعترف بأن السيارة سرقت منه وهو خلاف ماكان قد أبلغه للمقربين منه بأنه باع السيارة , ومن غرائب تصرفات القضاء العراقي أن يقوم أحد القضاة بتحويل الدعوى الى المحكمة الجنائية ويظل يطالب صاحب التخويل بالحضور وعلى مدى خمس جلسات يحضر صاحب التخويل ويبلغ بتأجيل الجلسة ثم يبلغ بتحويلها للتمييز دون أن تؤخذ أفادته من قبل القاضي ثم يطلب من صاحب التخويل طبع أصابع وهو يجرى عادة للمجرمين او الذين يشك بسوابق جرمية لهم , ثم يطلب منه بيان سبب وجود لقبين له وقال لهم عندما طلبتموني للحضور لم يكن لديكم شك في لقبي وحضرت , ولقبي ألآول مسجل في مستمسكاتي الثبوتية والثاني هو لقب شهرة عرفي ليس لي تحكم فيه , وأخير قام أحد القضاة بتحميل صاحب التخويل الذي لاعلاقة له بأستعمال السيارة وحيازتها وشهد له ثلاثة شهود كلهم مسؤولون في الدولة ورغم أعتراف الشهود بأن الرجل الذي باع السيارة كان قد أخبرهم ببيعها ورغم أعتراف الرجل البائع للسيارة أنها سرقت منه وهذا مايجعله يتحمل ثمنها الآ أن القاضي وبعد خمس سنوات قام بتغريم البريئ ولم ياخذ بشهادة الشهود المطابقة لآفادات صاحب التخويل عبر جلسات تحقيق كثيرة ومملة ولم يأخذ بأعتراف الرجل الذي باع السيارة ولكنه قال انها سرقت منه والاعتراف سيد ألآدلة ؟ هذه واحدة مما يجري في القضاء العراقي وهناك العشرات والمئات بل ألآلاف من أمثالها ومما هي أعقد وأغرب من ذلك فما يمكن أن يقول مجلس القضاء العراقي الموقر عن ذلك , وما يقول أهل الفكر وألاختصاص الفقهي وخبراء القانون ؟ ألآ يحق لنا أن نصف سنين المرافعات في القضاء العراقي بأنها سنين يوسف ؟