في مراحل متقدمة من تعليمنا الابتدائي كان هناك درسا يسمى الوطنية واكثر ما رسخ في عقولنا من مواد هذا الدرس هو ان الاستعمار استخدم مبدأ (( فرق تسد)) لتمزيق الشعوب بقصد السيطرة ومص خيراتها .تحرر العراق وتأسست الدولة العراقية وبدئنا نسمع بان العراق هو دولة مكونات وليس مجتمع واحد موحد وان كل ما درسناه هو كذب وحان الان وقت معرفة الحقيقه المرة او الحلوة لا فرق فتم تقسيم المجتمع افقيا و عموديا واسقطوا الدولة و مؤسساتها وحلوا الجيش وبعد ذلك قالوا لنا ها هم ممثليكم والذي لا يوجد لديه ممثل سنعين له ممثل وسلقوا الامر سلقا ثم طلبوا منا ان نسمع ونطيع وان نتالف ونعيش كشعب واحد….؟!!!
فرح كثيرون و حزن كثيرون…..ألغالبية العظمى من اللذين فرحوا انطلقوا من حسن نية انه يمكنهم الان ان يوجهوا البلد لافاق جديده بعيده عن الحروب وتعويض ما فات العراقيين وتعويضهم عن سنوات الفقر والضنك واستعادة العراق لمكانته الدوليه وهؤلاء في اغلبهم من عراقيي الداخل ولكن مقدرات الامور لم تكن بيدهم بل كانت بايدي القسم الاصغر اولئك اللذين كانوا في الخارج واللذين كانوا يمنون النفس بمثل هذه الفرصة التي اتت بهم الى الحكم ولم يكونو يحلموا حتى بالرجوع الى العراق وليزاولوا نفس المهن التي كانوا يزاولونها في ديار الشتات كاناس عاديين.
الغالبية العظمى من اللذين حزنوا كان اولئك اللذين كانت لديهم بصمات في بناء الدولة والجيش والشرطة ولطبقة المتوسطة التي كانت تدرك نتائج مثل هذا التقسيم الكارثيو ضياع العراق بينما حزن اخرون لضياع مصالحهم وحزن اخرون لشعورهم المبكر بالخطر القادم من الشرقخاصة عندما سوق الغزو كعملية تحرير لانتزاع الحكم من ((الاقلية)) وتسليمه لل ((الاكثرية)).
تم تشكيل مجلس الحكم بتغييب كامل لقوى الداخل وشكلت لجنة اعداد وصياغة الدستور بغياب اللمثلون الحقيقيون لمكون اساس للمجتمع العراقي وتم الاستفتاء على الدستور برفض غالبية هذا المكون وتم تزوير النتائج في محافظة نينوى و محافظة ديالى لغرض تمريره وتواطأ ممثلي السنة وخاصة طارق الهاشمي و أياد العزي في تمريره مقابل امتيازات للحزب الاسلامي.
تم التسويق لدولة المكونات و تعميق الانقسام للمجتمع وتم تحريك الادوات لتفعل فعلتها فبدئت الممارسات الطائفية تبث في داخل الحي السكني الواحد يوميا بمناسبة او بدون مناسبة وبثت عوامل الكراهية على اساس الاختلاف الطائفي وتم تصوير الانسان المثقف الخلوق و الخير المختلف طائقياعلى انه شيطان رجيم ينتظر الفرصة للانقضاض و تصوير اللص والحرامي والشرير المشابه طائفيا على انه ضال سوف يتوب بعد حين.
للاسف انجرف البعض من كل الاطراف الى هذا الطرج وانخدع به اخرون , وبدئت بذور الشقاق تفعل فعلتها وبدئت الهجرة والتهجير القسري ولم تقتصر غلى ذلك فحسب بل تم اللجوء الى القتل و الخطف على الهوية الطائفيه و بتشجيع سياسي داخلي وخارجي وهجرت الملايين داخل وحارج العراق ووصل الياس باستحالة العيش حدا طلب فيه اغلبهم اللجوء الانساني الى دول العالم المختلفة و تبدلت اخلاق الناس في معظمهم او من اختاروا اضطرارا الى تبديل اخلاقهم فاصبح العراقي مهموما بنفسه معتكف وانطوائي ,قليل التزاور حتى مع اقرباءه فضلا عن سؤاله عن جاره وأصدقاءه ليس له اماكن ترفيه و لا وسائل راحة, يرى ويسمع بالانفجارات في كل مكان وعصابات القتل والخطف تسرح و تمرح والاعتقالات والمداهمات في كل وقت من قوات الاحتلال او القطعات العسكريه. أصبح العراقي متهما لا يمكن اثبات براءته . بدئت الكتل الكونكريتية تزحف الى احيائه تقطع الشوارع و تعزل الاحياء عن بعضها وتنتشر السيطرات بكثافة في الشوارع والعراقي يعاني ويعصره الالم ويقلب وجهه في كل الاتجاهات عسى ان يجد من يستطيع ان يخفف عنه باحثا عن امل تزف له اخبار التلفاز ولكن لا امل.
جرت محاولات قليله لاعادة اللحمه للمجتمع ولكن اجهضت هذه المحاولات بالفتن وتم تتويجه بتفجير المرقدين العسكريين (ع) لدق اسفين يصنع شقا ليكبر الشق ليصبح وادي تجري فيه الدماء لتجعل منه فاصلا ابديا بين الطوائف وليعتاش عليه الطفيليون مصاصي الدماء ممن اوغلت قلوبهم بالحقد سنوات الشتات.
وتوالت السنين و العراقيون يتاكلون في داخلهم واصبح الكثير منهم يكلم نفسه في الشارع تراه شاردا لا يعرف اين مقصده و من اين اتى يدوس على الالم و يلعق الجراح وتنقلاته محدوده مع ذلك الا لاضطرارات حياتيه تقتضيها الضرورات القصوى وقل اهتمامه بالغير ولا يظهر تعاطف كبير للماسي التي تجري حوله مادام هو شخصيا خارجها الا ما ندر وبقدر قليل بشخصية الذي لاحول له ولا قوة. و يتاسى للتقارير الدوليه التي تتكلم عن مدى الفساد المستشري بالبلد وتراجع مكانته الدوليه باضطراد رغم موارده المايه سنويا وتاسيه من الضعف بمكان تحسب ان الغيرة العرقيه قد انتزعت من هذا الشعب.
في كل ما تقدم اصبحت الشخصيه العراقيه متاكسدة ’ يزداد سمك طبقة التاكسد باضطراد من شدة التزوير الذي مورس وقلب الحقائق وتدمير الشخصيه العراقيه
والتلاعب باولوياتها فاصبح مبدء (اكل وصوص) بديلا عن النزاهة وكشف الفاسدين وتقديم المال على الشرف المهني واصبحنا نسمع بوجود الموظفيين الفضائيين والجنود الفضائيين والشرطة الفضائيه والتزوير على اشده واصبح العراقي لا يخاف على مستقبله هو فقط وانما على مستقبل اولاده في ظل انعدام اي رؤيا اقتصاديه للبلد وانحسار التوظيف ووجود جيش من الخريجيين العاطلين عن العمل.
ليس هناك امل للعراقيين للعيش بكرامة وتجاوز كل ما تعرظوا له الا باعادة لحمتهم الاجتماعيه واستبدال الكراهية بالمحبة والالفة واستبدال سنوات الاكسد بسنوات اختزال قاشطه لكل عوامل التهرئة التي تعرض اليها ومنظفة لاارها واعادة اكتشاف طبيعة العراقي الودوده اللطيفة صاحب الغيرة الاصيلة وطرد كل منافق عمل على تمزيق وحدة الشعب.
لن تكون سنوات الاختزال هذه ببعيده وليست بالطويله فهي اقصر مما يتصوره البعض لان شعبا عاش سبعة الاف سنه متوحدا رغم هفوات زمنيه معروفه لهو قادر على تجاوز المحنه.