18 ديسمبر، 2024 8:33 م

سندس ولدت …شكرا لجسر الحضارات

سندس ولدت …شكرا لجسر الحضارات

تسيطر الخرافة والميثولوجيا الشعبية بين أوساط الناس والبسطاء على وجه التحديد،و تتفشى الخرافات والأساطير فتغدو المرتع الخصب، لينمو يوما بعد آخر، حتى تغدو الاسطورة عقيدة بل رمزا مقدس مهاب مصان يفتدى بالنفس والنفيس، ولايمكن التشكيك او الطعن فيه كثابت ديني ومقدس .وتغدو من المجربات وممن يوصى بها من قبل الأولياء والأتقياء .
أذ تشيع في أوساطنا الشعبية رمزية عبور النسوة الحوامل اللواتي يتأخر إنجابهن للجسور كبديهية بل تكاد تكون حقيقة علمية مجربة . لكنني بحثت كثيرا في عوالمنا الرقمية عن أصلها وحقيقتها .ورغم جهدي لم افلح ولم أوفق في الحصول ولوعلي نزر يسير يشفي غليلي.الا ان السيدة الأولى (أم علي) أأكدت بأنها حقيقة ربانية ومنه رحمانيه لاجدال ولا فسوق فيها.
سندس شابة قريبة لنا تزوجت مؤخرا وفي حملها الأول تأخرت حتى استطالت أشهر الحمل لتقترب من نهاية عاشرها .ورغم مراجعتها أشهر طبيبات الولادة والإنجاب وتناولها عقاقير وأدوية للإسراع بالإنجاب إلا إن (سنوسه ) كما يحلو لزوجها إن يسميها أأبى مولودها البكر إن يغادر كهفه ومخبئه الآدمي وهو يمص من مشيمتها مقومات الحياة .
لم تبقى قبة لسيد او ولي صالح في مدينتنا إلا وزارته سندس وتوسلت تحت قبته ووضعت في شباكه (خمسة وعشرين احمر) وذرفت دموعا حرى داعية بقلب كسير إن يفرج عن كربتها ويعجل في خروج جنينها .
لم تتوانى (ام شلاكة ) كاهنة المنطقة وعرافة المحلة من إن تبدي رأيها الحصيف من إن عبور (سنوسة ) جسر …كفيل بإنهاء متاعبها ونهاية آلامها وصبرها الطويل .وحلفت بسيد خضير (أبو حيايه) أنها لن تقرب(الطشه ) ان لم تصدق نبوءتها.وأيدتها في ذلك الكثير من النسوة والعجائز .
لم تتأخر سنوسة وزوجها من تنفيذ الطلب وفي اليوم الثاني وعند الغروب توجهت نحو جسر الحضارات في الناصرية . ورغم الظلام الدامس الذي يلفه ألا ان موجات الفرات لاتزال تنساب هادئة تحت قوسة المهيب ورياح محملة بعطرالناصرية تضرب وجهها المصفر فتبدد خوفها وتزيل شيئا من همومها . فامسك زوجها يدها وهي تنوء متثاقلة بحملها ..عابرين الجسر الجاثم على ضفتي النهر كنسر مهيب.
حال رجوعها وبسيارة الأجرة اشارت وبإيمائه خفيفة الى زوجها وبصوت ضعيف إن يتوجه بها إلى مستشفى الولادة القريب.
على نقالة المستشفى وقبل دخولها صالة العمليات خرجت من تحت الشر شف الذي يغطى جسدها المسجى إلى الحياة مولودة جميلة ملئت الردهة بكاءا وصراخا .
أغمي على زوج (سنوسة ) من هول المفأجأة وتعالت هلاهل الممرضات وضحكات النسوة في صالة الولادة احتفاء واستبشارا وتيمنا بإنهاء حمل امرأة دام عشرة شهور .وتضرع الجميع شكرا لله وحمدا لرعايته… هاتفين ..مبارك سنوسه ..شكرا.. لجسر الحضارات